صفحة جزء
قوله ( ولا يصح إلا بشروط خمسة . أحدها : أن يعقد على نفع [ ص: 30 ] العين دون أجزائها . فلا تصح إجارة الطعام للأكل ولا الشمع ليشعله ) . لا يجوز إجارة الشمع ليشعله ، على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به أكثرهم . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : ليس هذا بإجارة ، بل هو إذن في الإتلاف ، وهو سائغ ، كقوله : من ألقى متاعه . قال في الفائق : وهو المختار . ثم قال : قلت : وهو مشابه لبيعه من الصبرة كل قفيز بكذا . ولو أذن في الطعام بعوض كالشمع فمثله . انتهى . وقال في الفروع : وجعله شيخنا يعني إجارة الشمع ليشعله مثل : كل شهر بدرهم . فمثله في الأعيان نظير هذه المسألة في المنافع . ومثله : كلما أعتقت عبدا من عبيدك فعلي ثمنه . فإنه يصح ، وإن لم يبين العدد والثمن . وهو إذن في الانتفاع بعوض . واختار جوازه ، وأنه ليس بلازم . بل جائز كجعالة ، وكقوله : ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه . فإنه جائز . ومن ألقى كذا فله كذا . انتهى . وتقدم في أول فصل المزارعة : هل يجوز إجارة الشجرة بثمرها ؟ .

قوله ( ولا حيوان ليأخذ لبنه ، إلا في الظئر . ونقع البئر يدخل تبعا ) . هذا المذهب ، وعليه الأصحاب . وقطعوا به . وأما قوله " إلا في الظئر ونقع البئر يدخل تبعا " فتقدم في الظئر : هل وقع العقد على اللبن ، ودخلت الحضانة تبعا ، أو عكسه ؟ في أول الباب . واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله : جواز إجارة قناة ماء مدة وماء فائض بركة رأياه ، وإجارة حيوان لأجل لبنه ، قام به هو أو ربه . فإن قام عليها المستأجر وعلفها ، فكاستئجار الشجر . وإن علفها ربها ويأخذ المشتري لبنا مقدرا : [ ص: 31 ] فبيع محض . وإن كان يأخذ اللبن مطلقا : فبيع أيضا . وليس هذا بغرر . ولأن هذا يحدث شيئا فشيئا . فهو بالمنافع أشبه . فإلحاقه بها أولى . ولأن المستوفى بعقد الإجارة على زرع الأرض هو عين من أعيان . وهو ما يحدثه الله من الحب بسقيه وعمله . وكذا مستأجر الشاة للبنها مقصوده ما يحدثه الله من لبنها بعلفها والقيام عليها . فلا فرق بينهما . والآفات والموانع التي تعرض للزرع أكثر من آفات اللبن . ولأن الأصل في العقود الجواز والصحة . قال : وكظئر . انتهى . قوله ( ونقع البئر يدخل تبعا ) هذا المذهب بلا ريب . وعليه الأصحاب .

وقال في المبهج وغيره : ماء بئر . وقال في الفصول : لا يستحق بالإجارة . لأنه إنما يملكه بحيازته . وذكر صاحب المحرر وغيره : إن قلنا يملك الماء : لم يجز مجهولا ، وإلا جاز ، ويكون على أصل الإباحة . وقال في الانتصار ، قال أصحابنا : ولو غار ماء دار مؤجرة فلا فسخ . لعدم دخوله في الإجارة . وقال في التبصرة : لا يملك عينا . ولا يستحقها بإجارة إلا نقع البئر في موضع مستأجر ، ولبن ظئر يدخلان تبعا .

تنبيه : قال ابن منجا في شرحه : قول المصنف " يدخل تبعا " يحتمل أنه عائد إلى نقع البئر . لأنه أفرد الضمير . ويحتمل أنه عائد إلى الظئر ونقع البئر . وبه صرح غيره . قال : إلا في الظئر ونقع البئر . فإنهما يدخلان تبعا . انتهى . قلت : ممن صرح بذلك : صاحب المستوعب . فإنه قال : ولا يستحق بعقد الإجارة عين إلا في موضعين : لبن الظئر ونقع البئر . فإنهما يدخلان تبعا . انتهى وكذا صاحب التبصرة لعدم ضبطه . انتهى . [ ص: 32 ] وقال في الرعاية الكبرى : وقع العقد على المرضعة واللبن تبع يستحق إتلافه بالرضاع . وقاله القاضي في الخصال . وصححه ابن عقيل في الفصول . وقدمه في الشرح وشرح ابن رزين ، كما تقدم في الظئر . فعلى الاحتمال : تكون الإجارة وقعت على اللبن . وعلى الثاني : يدخل اللبن تبعا وهما قولان تقدما .

فائدة : ومما يدخل تبعا : حبر الناسخ ، وخيوط الخياط ، وكحل الكحال ، ومرهم الطبيب ، وصبغ الصباغ ونحوه ، على الصحيح من المذهب . قدمه في الرعايتين . وجزم به في الحاوي الصغير في الحبر ، والخيوط . وأطلق وجهين في الصبغ . قال في الفروع : ومن اكترى لنسخ أو خياطة أو كحل ونحوه : لزمه حبر وخيوط وكحل . وقيل : يلزم ذلك المستأجر . وقيل : يتبع في ذلك العرف . قال الزركشي : يجوز اشتراط الكحل من الطبيب على الأصح لا الدواء اعتمادا على العرف . وقطع بهذا في المغني ، والشرح .

التالي السابق


الخدمات العلمية