صفحة جزء
[ ص: 362 ] تنبيه :

ظاهر قوله ( وإن جاوز دمها أكثر الحيض فهي مستحاضة ) فإن كان دمها متميزا ، بعضه ثخين أسود منتن ، وبعضه رقيق أحمر . ( فحيضها زمن الدم الأسود ) أنها تجلس الدم المتميز الأسود إذا صلح أن يكون حيضا من غير تكرار ، وهو صحيح ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، وهو المذهب .

قال الشارح : هو ظاهر كلام شيخنا هنا ، وهو ظاهر كلام أحمد ، والخرقي ، واختيار ابن عقيل . قال في الفروع : ولا يعتبر تكراره في الأصح ، قال ابن تميم : لا يفتقر التمييز إلى تكراره في أصح الوجهين ، واختاره المصنف ، والشارح ، وابن رزين في شرحه ، وجزم به في الوجيز ، ومجمع البحرين . وقال القاضي ، وأبو الحسن الآمدي : إنها تجلس من التمييز إذا تكرر ثلاثا أو مرتين ، على اختلاف الروايتين ، فيما تثبت به العادة . وقدمه في المغني ، والرعايتين ، وابن عبيدان ، وابن رزين . وأطلقهما المجد في شرحه ، والزركشي . قال في الفروع : وتثبت العادة بالتمييز ، لثبوتها بانقطاع الدم . ويعتبر التكرار في العادة ، كما سبق في اعتباره في التمييز خلاف ثان . فإن لم يعتبر فهل يقدم وقت هذه العادة على التمييز بعدها ؟ فيه وجهان ، وهل يعتبر في العادة التوالي ؟ فيه وجهان ، قال بعضهم : وعدمه أشهر . انتهى .

وقال في الرعاية الكبرى : ولا يعتبر في العادة التوالي في الأشهر . ويأتي نظير ذلك في المستحاضة المعتادة . فإنهما سواء في الحكم . قاله المصنف ، والشارح ، وصاحب الفروع ، وغيرهم ويأتي قريبا : هل يعتبر في جلوس من لم يكن دمها متميزا تكرار المستحاضة . أم لا ؟

فائدتان

إحداهما : تجلس المميزة زمن الدم الأسود ، أو الدم الثخين ، أو الدم المنتن ، بشرط أن يبلغ أقل الحيض ، ولم يجاوز أكثره على الصحيح في ذلك . وذكر أبو المعالي : أنه يعتبر اللون فقط . وقيل : ولم ينقص غيره عن أقل الطهر ، وجزم به ابن تميم ، والناظم ، وغيرهما . ولو جاوز التمييز أكثر الحيض بطلت دلالة التمييز [ ص: 363 ] على الصحيح من المذهب . وعنه لا تبطل دلالته بمجاوزته أكثر الحيض . فتجلس أكثر الحيض . وتأولها القاضي . وأطلقهما ابن تميم . فعلى المذهب : لو رأت دما أحمر ثم أسود . وجاوز الأسود أكثر الحيض جلست من الدم الأحمر على الصحيح ، قدمه في الفروع ، وغيره ، وصححه المجد وغيره . وقيل : تجلس من الأسود ; لأنه شبيه بدم الحيض ، جزم به في المغني ، والشرح ، وشرح ابن رزين ، والمستوعب ، وغيرهم . وأطلقه ابن تميم . ففي اعتبار التكرار الوجهان المتقدمان . ولو رأت دما أحمر ستة عشر يوما . ثم رأت دما أسود بقية الشهر : جلست الأسود فقط على الصحيح . وقيل : وتجلس من الأحمر أقل الحيض ، لإمكان حيضة أخرى . ذكره القاضي ، وغيره .

الثانية : لا يعتبر عدم زيادة الدمين على شهر ، على الصحيح من المذهب ، وصححه الزركشي . واعتبره القاضي ، وابن عقيل . قاله في الفائق ، وغيره . وقال في الفروع : ولا تبطل دلالة التمييز بزيادة الدمين على شهر في الأصح ، قوله ( وإن لم يكن متميزا قعدت من كل شهر غالب الحيض ) هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . قال في الفروع وغيره : هذا ظاهر المذهب ، قال المجد في شرحه ، وتبعه ابن عبيدان ، وصاحب مجمع البحرين : هذا الصحيح من الروايات ، واختاره الخرقي ، وابن أبي موسى ، والقاضي ، وأكثر أصحابه ، والمصنف ، والشارح ، والمجد ، وابن عبدوس في تذكرته ، وغيرهم ، وجزم به في العمدة ، والوجيز ، والمنور ، والمنتخب ، والإفادات ، وغيرهم . وعنه أقله ، اختارها أبو بكر ، وابن عقيل في التذكرة ، وغيرهما . وقدمه في الرعايتين ، والحاويين ، وعنه أكثره . وعنه عادة نسائها . كأمها وأختها وعمتها وخالتها . وأطلقهن في المستوعب والتلخيص ، والبلغة ، والهداية ، والمذهب .

تنبيهان : أحدهما : ظاهر قوله " وعنه عادة نسائها " إطلاق الأقارب ، وهو ظاهر [ ص: 364 ] كلام أكثر الأصحاب ، قال بعض الأصحاب : القربى فالقربى . منهم ابن تميم ، وابن حمدان . قلت : وهو أولى . ويكون تبينا للمطلق من كلامهم . فلو اختلفت عادتهن جلست الأقل . قاله القاضي ، وقدمه في الرعاية . وقيل : الأقل والأكثر سواء نقله ابن تميم . وقال في الفروع . تبعا لابن حمدان : وقيل تجلس الأكثر . وأطلقهما في الفروع ، وابن تميم ، وابن عبيدان . وقال أبو المعالي : تتحرى . انتهى .

فإن لم تكن لها أقارب ردت إلى غالب عادة نساء العالم ، وهي الست أو السبع على الصحيح . وقال بعض الأصحاب : من نساء بلدها . منهم ابن حمدان . قلت : وهو أولى ، الثاني : لم يعز المصنف في الكافي نقل الروايات الأربع في المبتدأة المستحاضة غير المميزة إلا إلى أبي الخطاب . والحاصل : أن الروايات فيها من غير نزاع بين الأصحاب عند أبي الخطاب وغيره : لم يختلف فيه اثنان . وإنما الخلاف في إثبات الروايات في المبتدأة أول ما ترى الدم كما تقدم . قال الزركشي : وهو سهو من المصنف . قلت : ليس في ذلك كبير أمر .

غايته : أن الأصحاب نقلوا الخلاف عن أحمد في المصنف . فعزي النقل إلى أبي الخطاب ، واعتمد على نقله . ولا يلزم من ذلك أن لا يكون غيره نقله .

التالي السابق


الخدمات العلمية