صفحة جزء
[ ص: 36 ] قوله ( ويجوز إجارة الوقف . فإن مات المؤجر فانتقل إلى من بعده : لم تنفسخ الإجارة في أحد الوجهين ) . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والهادي ، والمغني والكافي ، والتلخيص ، والبلغة ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، والفائق ، والزركشي ، وتجريد العناية . أحدهما : لا تنفسخ بموت المؤجر . وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة كما لو عزل الولي ، وناظر الوقف ، وكملكه المطلق . قاله المصنف وغيره . صححه في التصحيح ، والنظم . وجزم به في الوجيز . وقدمه في الفروع ، والرعاية الكبرى ، وشرح ابن رزين . قال القاضي في المجرد : هذا قياس المذهب .

والوجه الثاني : تنفسخ . جزم به القاضي في خلافه ، وأبو الحسين أيضا وحكياه عن أبي إسحاق بن شاقلا . واختاره ابن عقيل ، وابن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين وغيرهم . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : هذا أصح الوجهين . قال القاضي : هذا ظاهر الإمام أحمد رحمه الله في رواية صالح . قال ابن رجب في قواعده : وهو المذهب الصحيح . لأن الطبقة الثانية تستحق العين بمنافعها تلقيا عن الواقف بانقراض الطبقة الأولى . وقدمه في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير . قلت : وهو الصواب . وهو المذهب . قال الناظم : ولو قيل أن يؤجره ذو نظر من المحبس لم يفسخ فقط لم أبعد وقيل : تبطل الإجارة . وهو تخريج للمصنف في المغني من تفريق الصفقة . قال في القاعدة السادسة والثلاثين : لكن الأجرة إن كانت مقسطة على [ ص: 37 ] أشهر مدة الإجارة أو أعوامها ، فهي صفقات متعددة على أصح الوجهين . فلا تبطل جميعها ببطلان بعضها . وإن لم تكن مقسطة فهي صفقة واحدة ، فيطرد فيها الخلاف المذكور . انتهى . وقال في الفائق ، قلت : وتخرج الصحة بعد الموت موقوفة ، لا لازمة ، وهو المختار . انتهى .

تنبيهات : أحدها : قال في الفروع : ويتوجه مثله فيما إذا أجره ثم وقفه .

الثاني : قال العلامة ابن رجب في قواعده : اعلم أن في ثبوت الوجه الأول نظرا . لأن القاضي إنما فرضه فيما إذا أجر الموقوف عليه ، لكون النظر له مشروطا وهذا محل تردد . أعني : إذا أجر بمقتضى النظر المشروط له ، هل يلحق بالناظر العام ، فلا ينفسخ بموته أم لا ؟ فإن من أصحابنا المتأخرين من ألحقه بالناظر العام . انتهى .

الثالث : محل الخلاف المتقدم : إذا كان المؤجر هو الموقوف عليه بأصل الاستحقاق . فأما إن كان المؤجر هو الناظر العام ، ومن شرط له ، وكان أجنبيا : لم تنفسخ الإجارة بموته . قولا واحدا . قاله المصنف ، والشارح ، والشيخ تقي الدين ، والشيخ زين الدين بن رجب وغيرهم . وقال ابن رجب : أما إذا شرطه للموقوف عليه ، أو أتى بلفظ يدل على ذلك ، فأفتى بعض المتأخرين بإلحاقه بالحاكم ونحوه ، وإنه لا ينفسخ . قولا واحدا . وأدخله ابن حمدان في الخلاف . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : وهو الأشبه .

الرابع : محل الخلاف أيضا عند ابن حمدان في رعايتيه وغيره : إذا أجره [ ص: 38 ] مدة يعيش فيها غالبا . فأما إن أجره مدة لا يعيش فيها غالبا : فإنها تنفسخ قولا واحدا ، وما هو ببعيد . فعلى الوجه الأول ، من أصل المسألة : يستحق البطن الثاني حصته من الأجرة من تركة المؤجر إن كان قبضها ، وإن لم يمكن قبضها فعلى المستأجر . وعلى الوجه الثاني : يرجع المستأجر على ورثة المؤجر القابض . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : إن كان قبضها المؤجر رجع بذلك في تركته فإن لم يكن تركة فأفتى بعض أصحابنا بأنه إذا كان الموقوف عليه هو الناظر فمات فللبطن الثاني فسخ الإجارة ، والرجوع بالأجرة على من هو في يده . انتهى . وقال أيضا : والذي يتوجه أولا : أنه لا يجوز سلف الأجرة للموقوف عليه . لأنه لا يستحق المنفعة المستقبلة ولا الأجرة عليها . فالتسليف لهم قبض ما لا يستحقونه ، بخلاف المالك . وعلى هذا : فللبطن الثاني أن يطالبوا بالأجرة المستأجر لأنه لم يكن له التسليف ، ولهم أن يطالبوا الناظر . انتهى .

فائدة : قال ابن رجب بعد ذكر هذه المسألة : وهكذا حكم المقطع إذا أجر إقطاعه ثم انتقلت عنه إلى غيره بإقطاع آخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية