صفحة جزء
الثالث : ظاهر كلام ابن عقيل السابق : أنه لا يجوز إجارة العين إذا كانت مشغولة . وقد قال في الفائق : ظاهر كلام أصحابنا : عدم صحة إجارة المشغول بملك غير المستأجر . وقال شيخنا : يجوز في أحد القولين ، وهو المختار انتهى . وقد قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن استأجر أرضا من جندي وغرسها قصبا . ثم انتقل الإقطاع عن الجندي : إن الجندي الثاني لا يلزمه حكم الإجارة الأولى ، وأنه إن شاء أن يؤجرها لمن له فيها القصب أو لغيره . انتهى . قلت : قال شيخنا الشيخ تقي الدين البعلي : ظاهر كلام الأصحاب صحة إجارة المشغول بملك لغير المستأجر من إطلاقهم جواز الإجارة المضافة . فإن عموم كلامهم يشمل المشغولة وقت الفراغ بغراس أو بناء أو غيرهما . انتهى . وقال في الفروع : لا يجوز للمؤجر إجارة العين المشغولة بغراس الغير أو بنائه إلا بعد فراغ مدة صاحب الغراس والبناء . وقال أيضا : لا يجوز إجارة لمن يقوم مقام المؤجر كما يفعله بعض الناس . قال : وأفتى جماعة من أصحابنا وغيرهم في هذا الزمان أن هذا لا يصح . وهو واضح ولم أجد في كلامهم ما يخالف هذا . قال : ومن العجب قول بعضهم " في هذا الزمان " الذي يخطر بباله من كلام أصحابنا : أن هذه الإجارة تصح كذا قال . انتهى .

[ ص: 43 ] وقد قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ، فيما حكي عنه في الاختيارات : ويجوز للمؤجر إجارة العين المؤجرة من غير المستأجر في مدة الإجارة . ويقوم المستأجر الثاني مقام المالك في استيفاء الأجرة من المستأجر الأول . وغلط بعض الفقهاء فأفتى في نحو ذلك بفساد الإجارة الثانية ، ظنا منه أن هذا كبيع المبيع ، وأنه تصرف فيما لا يملك . وليس كذلك ، بل هو تصرف فيما استحقه على المستأجر . وأما إن كانت مرهونة وقت عقد الإجارة : ففي صحتها وجهان . وأطلقهما في الفروع . قال في الرعاية الكبرى : وإن أجره مدة لا تلي العقد : صح إن أمكن التسليم في أولها . ثم قال . قلت : فإن كان ما أجره مرهونا وقت العقد لا وقت التسليم المستحق بالأجرة ، احتمل وجهين . انتهى . قلت : إن غلب على الظن القدرة على التسليم وقت وجوبه صحت ، وإلا فلا . وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، وداخل في عموم كلامهم . وتقدم في الرهن أن الراهن والمرتهن إذا اتفقا على إيجار المرهون جاز . وإن اختلفا تعطل ، على الصحيح من المذهب . [ وقال في الكافي : وإذا اتفقا على إجارته أو إعارته جاز في قول الخرقي وأبي الخطاب ] . وقال أبو بكر : يجوز إجارته . وقال ابن أبي موسى : إذا أذن الراهن للمرتهن في إعارته أو إجارته جاز . والأجرة رهن . وإن أجره الراهن بإذن المرتهن خرج من الرهن في أحد الوجهين . وفي الآخر : لا يخرج .

تنبيه : محل هذا الخلاف إذا كان الرهن لازما . أما إن كان غير لازم : فيصح إجارته قولا واحدا . وتقدم في [ الرهن هل يدوم لزومه بإجارته أم لا ؟ ] . .

التالي السابق


الخدمات العلمية