صفحة جزء
قوله ( وإن علمت عدد أيامها ، ونسيت موضعها ، جلستها من أول كل شهر في أحد الوجهين . وهذا الحال الثاني من أحوال الناسية وهو نوعان ) . أحدهما : هذا ، وهو المذهب ، صححه في التصحيح ، والنظم . قال في الفروع : اختاره الأكثر . قال الزركشي : وهو المشهور ، قال في الحاويين : هو قول غير أبي بكر .

كذا قال في الهداية ، وغيرها ، وجزم به في الوجيز ، والمنور ، والمنتخب ، وغيرهم . وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، والفروع ، والفائق ، وتجريد العناية ، وغيرهم .

وفي الآخر : تجلسه بالتحري . قلت : وهو الصواب ، وجزم به في الإفادات ، واختاره أبو بكر ، وابن أبي موسى . وقدمه في نهاية ابن رزين ونظمها ، وأطلقهما في الشرح ، وشرح ابن منجا [ ص: 369 ] والشرح ، والحاويين . وقيل : تجلس من تمييز لا تعتد به إن كان ; لأنه أشبه بدم الحيض . قلت : وهو قوي . وذكر المجد في شرحه . وتبعه صاحب مجمع البحرين ، وغيرهما : إن ذكرت أول الدم كمعتادة انقطع حيضها أشهرا ، ثم جاء الدم خامس يوم من الشهر مثلا ، أو استمرت وقد نسيت العادة . ففيها الوجهان الأخيران . ووجه ثالث : تجلس من خامس كل شهر . قال المجد : وهو ظاهر كلام أحمد ، واختاره ، قال في مجمع البحرين : وهو أصح ، اختار المجد ، وصاحب مجمع البحرين أيضا : أنه إن طال عهدها بزمن افتتاح الدم ونسيته : أنها تتحرى وقت جلوسها . وقال ابن حامد ، والقاضي في شرحيهما ، فيمن علمت قدر العادة ، وجهلت موضعها : إنها لا تجلس شيئا . وتغتسل كلما مضى قدرها . وتقضي من رمضان بقدرها ، والطواف . ولا توطأ . وذكر أبو بكر رواية لا تجلس شيئا .

تنبيه :

كل موضع أجلسناها بالتحري ، أو بالأولية . فإنها تجلس في كل شهر حيضة .

فائدة :

إذا تعذر أحد الأمرين من الأولية أو التحري عملت بالآخر ، قطع به المجد في شرحه ، وصاحب مجمع البحرين ، وغيرهما . وقدمه في الفروع . قال : ولما ذكر أبو المعالي الوجهين في أول كل شهر أو التحري ، قال : وهذا إذا لم تعرف ابتداء الدم . فإن عرفت فهو أول دورها . وجعلناه ثلاثين يوما ; لأنه الغالب . قال : وإن لم تذكر ابتداء الدم ، لكن تذكرت أنها طاهرة في وقت ، جعلنا ابتداء حيضها عقب ذلك الطهر . انتهى ، وإن تعذر التحري بأن يتساوى عندها الحال ، ولم تظن شيئا وتعذرت الأولية أيضا ، بأن قالت : حيضي في كل عشرين يوما خمسة أيام ، وأنسيت زمن افتتاح الدم . والأوقات كلها في نظري سواء .

ولا أعلم : هل أنا الآن طاهر أو حائض ؟ فقال المجد ، وتبعه في مجمع البحرين : لا أعرف لأصحابنا في هذه [ ص: 370 ] كلاما .

وقياس المذهب : لا يلزمها سلوك طريق اليقين .

بل يجزئها البناء على أصل لا يتحقق معه فساد في صومها وصلاتها ، وإن كان محتملا . فتصوم رمضان كله ، وتقضي منه خمسة أيام ، وهو قدر حيضها ، وهو الذي يتحقق فساده . وما زاد عليه لم يتحقق فيه ذلك . فلا تفسده . وتوجب قضاءه بالشك . وأما الصلاة : فتصليها أبدا ، لكنها تغتسل في الحال غسلا . ثم عقيب انقضاء قدر حيضها غسلا ثانيا . وتتوضأ لكل صلاة فيما بينهما ، وفيما بعدهما ، بقدر مدة طهرها . فإن انقضت لزمها غسلان بينهما قدر الحيضة . وكذلك أبدا كلما مضى قدر الطهر اغتسلت غسلين بينهما قدر الحيضة . انتهى .

قال في الفروع كذا قال والمعروف ، خلافه .

فائدة : متى ضاعت أيامها في مدة معينة فما عدا المدة طهر . ثم إن كانت أيامها نصف المدة فأقل حيضها بالتحري أو من أولها ، وإن زاد ضم الزائد إلى مثله مما قبله . فهو حيض بيقين . والشك فيما بقي .

فائدة : ما جلسته الناسية من الحيض المشكوك فيه : فهو كالحيض المتيقن في الأحكام . وما زاد على ما تجلسه إلى الأكثر ، فقيل : هي فيه كالمستحاضة في الأحكام الآتية فيها . وقيل : هو كالطهر المشكوك فيه . قاله القاضي : واقتصر عليه ابن تميم ، وجزم به في الرعاية . قال في المستوعب : هو طهر مشكوك فيه . وحكمه حكم الطهر بيقين في جميع الأحكام ، إلا في جواز وطئها . فإنها مستحاضة . وأطلقها في الفروع .

التالي السابق


الخدمات العلمية