صفحة جزء
قوله ( وإن غرسها ، أو بنى فيها : أخذ بقلع غرسه وبنائه وتسوية الأرض ، وأرش نقصها وأجرتها ) . وهذا مقطوع به عند جمهور الأصحاب . إلا أن صاحب الرعاية قال : لزمه القلع في الأصح . قال في القاعدة السابعة والسبعين : والمشهور عن الإمام أحمد رحمه الله : للمالك قلعه مجانا ، وعليه الأصحاب . عنه : لا يقلع ، بل يتملكه بالقيمة . [ ص: 135 ] وعليها : لا يقلع إلا مضمونا كغرس المستعير . كذلك حكاهما القاضي ، وابن عقيل . تنبيه :

شمل كلام المصنف : ما لو كان الغارس أو الباني أحد الشريكين . وهو كذلك ، حتى ولو لم يغصبه ، لكن غرس أو بنى من غير إذن . وهو صحيح نص عليه في رواية جعفر بن محمد : أنه سئل عن رجل غرس نخلا في أرض بينه وبين قوم مشاعا ؟ قال : إن كان بغير إذنهم قلع نخله . ويأتي هذا أيضا في الشفعة . فوائد : منها : لو زرع فيها شجرا بنواه . فالمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه الأصحاب : أنه له ، كما في الغراس . ويحتمل كونه لرب الأرض . لدخوله في عموم أخبار الزرع . قاله الحارثي .

ومنها : لو أثمر ما غرس الغاصب ، فقال في المجرد ، والفصول ، وصاحب المستوعب ، ونوادر المذهب : الثمر لمالك الأرض ، كالزرع . إن أدركه أخذه ورد النفقة ، وإلا فهو للغاصب . واختاره القاضي . ونص عليه في رواية علي بن سعيد . قال في الفروع : ونصه فيمن غرس أرضا : الثمرة لرب الأرض ، وعليه النفقة . وقال المصنف في المغني ، والشارح . وصاحب الفائق ، وابن رزين : لو أثمر ما غرسه الغاصب ، فإن أدركه صاحب الأرض بعد الجذاذ : فللغاصب . وكذلك قبله . عنه : لمالك الأرض ، وعليه النفقة . انتهوا . قال ابن رزين عن القول بأنه لصاحب الأرض ليس بشيء . قال الحارثي : وفيه وجه أنه للغاصب بكل حال . وحكاه ابن الزاغوني في كتاب الشروط رواية عن الإمام أحمد . [ ص: 136 ] قال : وهذا أصح ، اعتبارا بأصله . قال : والقياس على الزرع ضعيف . واختار الحارثي ما قدمه المصنف . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير .

ومنها : لو جصص الدار وزوقها ، فحكمها كالبناء . قاله في الكافي . ولو وهب ذلك لمالكها ، ففي إجباره على قبوله وجهان كالصبغ في الثوب ، على ما يأتي . ومنها : لو غصب أرضا ، فبناها دارا بتراب منها وآلات من المغصوب منه : فعليه أجرتها مبنية . وإن كانت آلاتها من مال الغاصب : فعليه أجرة الأرض دون بنائها . لأنه إنما غصب الأرض ، والبناء له . فلم يلزمه أجرة ماله . فلو أجرها فالأجرة لهما بقدر قيمتهما . نقل ابن منصور فيمن بنى فيها ويؤجرها الغلة على النصيب . ونقل ابن منصور أيضا : ويكون شريكا بزيادة بناء .

ومنها : لو طلب أخذ البناء أو الغراس بقيمته ، وأبى مالكه إلا القلع : فله ذلك ، ولا يجبر على أخذ القيمة . وفي البناء تخريج : إذا بذل صاحب الأرض لصاحب القيمة : أنه يجبر على قبولها إذا لم يكن في النقض غرض صحيح . وهو للمصنف . والمذهب : الأول . وذكر ابن عقيل رواية فيه : لا يلزمه . ويعطيه قيمته . ونقله ابن الحكم . وروى الخلال فيه عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا { له ما نقص } . قال أبو يعلى الصغير : هذا منعنا من القياس . ونقل جعفر بن محمد فيها : لرب الأرض أخذه . وجزم به ابن رزين . وزاد : وتركه بأجرة . انتهى .

ومنها : إذا اتفقا على القيمة : فالواجب قيمة الغراس مقلوعا . حكاه ابن أبي موسى وغيره . وإن وهبهما الغاصب لرب الأرض ، ليدفع عن نفسه كلفة القلع : فقبله جاز . [ ص: 137 ] وإن أبى إلا القلع وكان في قلعه غرض صحيح لم يجبر على القبول . وإن لم يكن له في القلع غرض صحيح ، ففي إجباره على القول : احتمالان . وأطلقهما في المغني ، والشرح والحارثي والفروع . قال في الرعاية : وإن وهبها لرب الأرض : لم يلزمه القبول ، إن أراد القلع ، وإلا احتمل وجهين . انتهى . قلت : الأولى أنه لا يجبر .

ومنها : لو غصب أرضا وغراسا من شخص واحد ، فغرسه فيها : فالكل لمالك الأرض . فإن طالبه رب الأرض بقلعه وله في قلعه غرض صحيح أجبر عليه . وعليه تسوية الأرض ونقصها ونقص الغراس . وإن لم يكن في قلعه غرض صحيح : لم يجبر على الصحيح من المذهب . قدمه في المغني ، والشرح ، والحارثي والفروع ، وغيرهم . وقيل : يجبر . وهو احتمال للمصنف . وإن أراد الغاصب قلعه ابتداء : فله منعه . قاله الحارثي ، وصاحب الرعاية ، وغيرهما . ويلزمه أجرته مبنيا ، كما تقدم . فائدتان : إحداهما : لو غرس المشتري من الغاصب ولم يعلم بالحال . فقال ابن أبي موسى ، والقاضي في المجرد ، وتبعه عليه المتأخرون : للمالك قلعه مجانا . ويرجع المشتري بالنقص على من غره . قال الحارثي : الحكم كما تقدم . قاله أصحابنا . وقدمه في المحرر ، والرعايتين والحاوي الصغير ، وغيرهم . وقال في القاعدة السابعة والسبعين : المنصوص أنه يتملكه بالقيمة ، ولا بقلع مجانا . نقله حرب ، ويعقوب بن بختان . قال : ولا يثبت عن الإمام أحمد رحمه الله سواه وهو الصحيح . انتهى . [ ص: 138 ] ويأتي في كلام المصنف ما هو أعم من ذلك في الباب في قوله " وإن اشترى أرضا فغرسها ، وبنى فيها ، فخرجت مستحقة " .

الثانية : الرطبة ونحوها : هل هي كالزرع في الأحكام المتقدمة ، أو كالغراس ؟ فيه احتمالان . وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والفروع ، والفائق ، وقواعد ابن رجب ، والزركشي .

أحدهما : أنه كالزرع . قدمه ابن رزين في شرحه . وقال : لأنه زرع ليس له فرع قوي . فأشبه الحنطة . قال الزركشي : ويدخل في عموم كلام الخرقي . قلت : وكذا غيره .

والوجه الثاني : هو كالغراس . قال الناظم : وكالغرس في الأقوى : المكرر جزه . ويأتي قريبا " لو حفر في الأرض بئرا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية