صفحة جزء
قوله ( وإن خلط المغصوب بماله على وجه لا يتميز ، مثل : إن خلط حنطة ، أو زيتا بمثله ) . قال في الرعاية : ولم يشتركا فيهما . انتهى ( لزمه مثله منه في أحد الوجهين ) وهو المذهب . وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله . [ ص: 162 ] قال في القاعدة الثانية والعشرين : المنصوص في رواية عبد الله ، وأبي الحارث : أنه اشتراك فيما إذا خلط زيته بزيت غيره . واختاره ابن حامد ، والقاضي في خلافه ، وابن عبدوس في تذكرته ، والمصنف ، والشارح ، وصاحب التلخيص . وجزم به في المحرر ، والعمدة . قال في الوجيز : فهما شريكان . وقدمه في الخلاصة ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وشرح ابن رزين ، والفروع ، وغيرهم . قال الحارثي : هذا أمس بالمذهب . وأقرب إلى الصواب . وفي الآخر : يلزمه مثله من حيث شاء . اختاره القاضي في المجرد . وقال : هذا قياس المذهب وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والمغني ، والشرح ، والفائق ، والحارثي ، والزركشي ، وغيرهم . قال في الفروع : وقال في الوسيلة ، والموجز : يقسم بينهما بقدر قيمتهما . انتهى وقال الحارثي : وفيه وجه ثالث . وهو الشركة كما في الأول ، لكن يباع ويقسم الثمن على الحصة . كذا أطلق القاضي يعقوب بن إبراهيم في تعليقه ، وأبو الخطاب ، وأبو الحسن بن بكروس ، وغيرهما في رءوس مسائلهم . حتى قالوا به في الدنانير والدراهم . وقاله ابن عقيل في تذكرته . وأظنه قول القاضي في التعليق الكبير . انتهى . ثم قال : وأما إجراء هذا الوجه في الدنانير ، والدراهم : فواه جدا . لأنها قيم الأشياء ، وقسمتها ممكنة . فأي فائدة في البيع ؟ ورد هذا الوجه الأخير .

فائدة : هل يجوز للغاصب أن يتصرف في قدر ماله فيه ، أم لا ؟ . قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي طالب : قد اختلط أوله وآخره . أعجب إلي أن يتنزه عنه كله ، ويتصدق به . [ ص: 163 ] وأنكر قول من قال : يخرج منه بقدر ما خالطه . واختار ابن عقيل في فنونه : التحريم . لامتزاج الحلال بالحرام فيه ، واستحالة انفراد أحدهما عن الآخر . وعلى هذا : ليس له إخراج قدر الحرام منه بدون إذن المغصوب منه . وهذا بناء على أنه اشتراك . وعن الإمام أحمد رحمه الله رواية أخرى : أنه استهلاك . فيتخرج به قدر الحرام ، ولو من غيره . قاله ابن رجب في القاعدة الثانية والعشرين .

قوله ( وإن خلطه بدونه ، أو بخير منه ، أو بغير جنسه ) يعني : على وجه لا يتميز ( لزمه مثله في قياس التي قبلها ) . قال القاضي ، في المجرد : قياس المذهب يلزم الغاصب مثله . واختاره في الكافي . وإليه ميل الشارح . وظاهر كلامه : أنهما شريكان بقدر ملكيهما . وهو المذهب . قال في الفروع : فشريكان بقدر حقهما كاختلاطهما من غير غصب . نص عليه في رواية أبي الحارث . قال الحارثي : وهذا اختيار من سميناه في الوجه الثالث . انتهى . قال في المذهب : هذا ظاهر المذهب . واختاره ابن عبدوس في تذكرته . وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والخلاصة . وجزم به في الوجيز . وأطلقهما في الهداية ، والمستوعب والتلخيص . وقال القاضي أيضا : ما تعذر تمييزه كتالف يلزمه عوضه من حيث شاء . فشمل كلامه هذه المسألة والتي قبلها . فائدتان : إحداهما : لو خلط الزيت بالشيرج ودهن اللوز بدهن الجوز ، ودقيق [ ص: 164 ] الحنطة بدقيق الشعير ، فالمنصوص : الشركة . وعليه أكثر الأصحاب كالتي قبلها . وقد شمله كلام المصنف . وقياس المذهب : وجوب المثل عند القاضي . قال الحارثي : وهو أظهر .

الثانية : لو خلط درهما بدرهمين لآخر ، فتلف اثنان ، فما بقي بينهما أثلاثا ، أو نصفين . يتوجه فيه وجهان . قاله في الفروع . قلت : الذي يظهر : أن لصاحب الدرهمين نصف الباقي لا غير . وذلك لأنه يحتمل أن يكون التالف ماله كاملا . فيختص صاحب الدرهم به . ويحتمل أن يكون التالف درهما لهذا ودرهما لهذا . فيختص صاحب الدرهمين بالباقي . فتساويا . لا يحتمل غير ذلك ، ومال كل واحد منهما متميز قطعا ، بخلاف المسائل المتقدمة . غايته : أنه أبهم علينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية