صفحة جزء
قوله ( وإن كان للمغصوب أجرة : فعلى الغاصب أجرة مثله مدة مقامه في يده ) . يعني إذا كانت تصح إجارته . هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . ونص عليه في قضايا كثيرة . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في المغني ، والشرح ، وشرح الحارثي ، والفروع ، وغيرهم . وعنه التوقف عن ذلك . قال أبو بكر : هذا قول قديم رجع عنه لأن الراوي لها عنه محمد بن الحكم . وقد مات قبل الإمام أحمد رحمه الله بعشرين سنة . قلت : موته قبل الإمام أحمد لا يدل على رجوعه . بل لا بد من دليل يدل على رجوعه غير ذلك . ثم وجدت الحارثي قال قريبا من ذلك ، فقال : الاستدلال على الرجوع بتقدم وفاة محمد بن الحكم : لا يصح . فإن من تأخرت وفاته من الجائز أن يكون منهم من سمع قبل سماع محمد بن الحكم . لا سيما أبو طالب . فإنه قديم الصحبة لأحمد رحمه الله . [ ص: 202 ] قال : وأحسن منه : التأنس بما روي أن ابن منصور بلغه أن الإمام أحمد رجع عن بعض المسائل التي علقها . فجمعها في جراب وحملها على ظهره . وخرج إلى بغداد ، وعرض خطوط الإمام أحمد عليه في كل مسألة . فأقر له بها ثانيا . فالظاهر : أن ذلك كان بعد موت ابن الحكم ، وقبل وفاة الإمام أحمد بيسير ، وابن منصور ممن روى الضمان . فيكون متأخرا عن رواية ابن الحكم انتهى . وتقدم نظير ذلك في الباب عند قوله " وإن غصب ثوبا فقصره ، أو غزلا فنسجه " . قال في الفروع هنا : ونقل ابن الحكم : لا أجرة مطلقا ، يعني سواء انتفع . به أو لا . وظاهر المبهج : التفرقة . يعني إن انتفع به فعليه الأجرة ، وإلا فلا . واختاره بعض الأصحاب . وجعله الشيخ تقي الدين رحمه الله ظاهر ما نقل عنه . وقد نقل ابن منصور : إن زرع بلا إذنه ، فعليه أجرة الأرض بقدر ما استعملها إلى رده أو إتلافه أو رد قيمته . فائدتان : إحداهما : لو كان العبد ذا صنائع : لزمه أجرة أعلاها فقط .

الثانية : منافع المقبوض بعقد فاسد كمنافع المغصوب . تضمن بالفوات والتفويت .

تنبيه : قال الحارثي " أبو بكر " المبهم في الكتاب . هو الخلال . وإطلاق " أبي بكر " في عرف الأصحاب إنما هو أبو بكر عبد العزيز ، لا الخلال ، وإن كان يحتمل أن يكون من كلام أبي بكر عبد العزيز . كما قال . فإنه أدخل في جامع الخلال شيئا من كلامه . فربما اشتبه بكلام الخلال . إلا أن القاضي ، وابن عقيل ، وغيرهما من أهل المذهب : إنما حكوه عن الخلال . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية