صفحة جزء
[ ص: 250 ] كتاب الشفعة قوله ( وهي استحقاق الإنسان انتزاع حصة شريكه من يد مشتريها ) . وكذا قال في الهداية ، والمذهب ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، وغيرهم ، والخلاصة . وزاد : قهرا . قال الزركشي : وهو غير جامع . لخروج الصلح بمعنى البيع ، والهبة بشرط الثواب ، ونحو ذلك : منه . قلت : ويمكن الجواب عن ذلك بأن الهبة بشرط الثواب : بيع على الصحيح من المذهب . على ما يأتي . فالموهوب له مشتر . وكذلك الصلح يسمي فيه بائعا ومشتريا . لأن الأصحاب قالوا فيهما : هو بيع . فهو إذن جامع . وقال في المغني : هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقلة عنه من يد من انتقلت إليه . قال الزركشي : وهو غير مانع . لدخول ما انتقل بغير عوض ، كالأرش ، والوصية ، والهبة بغير ثواب ، أو بغير عوض مالي . على المشهور . كالخلع ونحوه . قال : فالأجود إذن أن يقال : من يد من انتقلت إليه بعوض مالي ، أو مطلقا انتهى .

فائدتان : إحداهما : قال الحارثي ، ولا خفاء بالقيود في حد المصنف . فقيد " الشركة " مخرج للجوار ، والخلطة بالطريق . وقيد " الشراء " مخرج للموهوب ، والموصى به ، والموروث ، والممهور ، والعوض في الخلع ، والصلح عن دم العمد . وفي بعضه خلاف . [ ص: 251 ] قال : وأورد على قيد " الشركة " أن لو كان من تمام الماهية لما حسن أن يقال : هل تثبت الشفعة للجار ، أم لا ؟ انتهى .

الثانية : قوله ( ولا يحل الاحتيال لإسقاطها ) بلا نزاع في المذهب نص عليه . ( ولا تسقط بالتحيل أيضا ) نص عليه وقد ذكر الأصحاب للحيلة في إسقاطها صورا .

الأولى : أن تكون قيمة الشقص مائة ، وللمشتري عرض قيمته مائة . فيبيعه العرض بمائتين ، ثم يشتري الشقص منه بمائتين ، ويتقاصان ، أو يتواطآن على أن يدفع إليه عشرة دنانير عن المائتين . وهي أقل من المائتين . فلا يقدم الشفيع عليه . لنقصان قيمته عن المائتين .

الثانية : إظهار كون الثمن مائة ، ويكون المدفوع عشرين فقط .

الثالثة : أن يكون كذلك ، ويبرئه من ثمانين .

الرابعة : أن يهبه الشقص ، ويهبه الموهوب له الثمن .

الخامسة : أن يبيعه الشقص بصبرة دراهم معلومة بالمشاهدة ، مجهولة المقدار ، أو بجوهرة ونحوها . فالشفيع على شفعته في جميع ذلك . فيدفع في الأولى : قيمة العرض مائة ، أو مثل العشرة دنانير . وفي الثانية : عشرين . وفي الثالثة : كذلك . لأن الإبراء حيلة . قاله في الفائق . وقاله القاضي ، وابن عقيل . قال في المغني ، والشرح : يأخذ الجزء المبيع من الشقص بقسطه من الثمن . ويحتمل أن يأخذ الشقص كله بجميع الثمن . وجزم بهذا الاحتمال في المستوعب . قال الحارثي : وهو الصحيح . [ ص: 252 ] وفي الرابعة : يرجع في الثمن الموهوب له . وفي الخامسة : يدفع مثل الثمن المجهول ، أو قيمته إن كان باقيا . ولو تعذر بتلف أو موت : دفع إليه قيمة الشقص . ذكر ذلك الأصحاب . نقله في التلخيص . وأما إذا تعذر معرفة الثمن من غير حيلة ، بأن قال المشتري : لا أعلم قدر الثمن ، كان القول قوله مع يمينه ، وأنه لم يفعله حيلة ، وتسقط الشفعة . وقال في الفائق ، قلت : ومن صور التحيل : أن يقفه المشتري أو يهبه حيلة ، لإسقاطها فلا تسقط بذلك عند الأئمة الأربعة . ويغلط من يحكم بهذا ممن ينتحل مذهب الإمام أحمد رحمه الله ، وللشفيع الأخذ بدون حكم . انتهى . قال في القاعدة الرابعة والخمسين : هذا الأظهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية