صفحة جزء
قوله ( وإن قاسم المشتري وكيل الشفيع ، أو قاسم الشفيع لكونه أظهر له زيادة في الثمن ، أو نحوه ، وغرس ، أو بنى : فللشفيع أن يدفع إليه قيمة الغراس والبناء ويملكه ، أو يقلعه ، ويضمن النقص ) . إذا أبى المشتري أخذ غرسه وبنائه : كان للشفيع أخذ الغراس والبناء ، والحالة هذه . وله القلع ، وضمان النقص ، على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وقطع به كثير منهم . وقدمه في الفروع وغيره . [ ص: 293 ] قال في الانتصار : أو أقره بأجرة . فإن أبى فلا شفعة . قال الحارثي : إذا لم يقلع المشتري : ففي الكتاب تخيير الشفيع بين أخذ الغراس والبناء بالقيمة ، وبين قلعه وضمان نقصه . وهذا ما قاله القاضي وجمهور أصحابه قال : ولا أعرفه نقلا عن الإمام أحمد رحمه الله . وإنما المنقول عنه روايتان التخيير من غير أرش . والأخرى وهي المشهورة عنه : إيجاب القيمة من غير تخيير . وهو ما ذكره الخرقي ، وابن أبي موسى ، وابن عقيل في التذكرة ، وأبو الفرج الشيرازي . وهو المذهب . زاد ابن أبي موسى : ولا يؤمر المشتري بقلع بنائه . انتهى . قال في الفروع : ونقل الجماعة : له قيمة البناء ، ولا يقلعه . ونقل سندي : أله قيمة البناء ، أم قيمة النقص ؟ قال : لا ، قيمة البناء .

فائدة : إذا أخذه بالقيمة . قال الحارثي : يعتبر بذل البناء أو الغراس بما يساويه حين التقويم ، لا بما أنفق المشتري ، زاد على القيمة أو نقص . ذكره أصحابنا . انتهى . وقال في المغني ، وتبعه الشارح : لا يمكن إيجاب قيمته باقيا . لأن البقاء غير مستحق . ولا قيمته مقلوعا . لأنه لو كان كذلك ، لملك القلع مجانا . ولأنه قد يكون لا قيمة له إذا قلع . قالا : ولم يذكر أصحابنا كيفية وجوب القيمة . والظاهر : أن الأرض تقوم مغروسة ومبنية ، ثم تقوم خالية . فيكون ما بينهما قيمة الغرس والبناء . وجزم بهذا ابن رزين في شرحه . قال المصنف ، والشارح : ويحتمل أن يقوم الغرس والبناء مستحقا للترك بالأجرة ، أو لأخذه بالقيمة ، إذا امتنعا من قلعه . انتهيا . [ ص: 294 ] قوله ( فإن اختار أخذه فأراد المشتري وهو صاحبه قلعه : فله ذلك ، إذا لم يكن فيه ضرر ) . هذا أحد الوجهين . اختاره المصنف ، والشارح . وجزم به الخرقي ، وابن عقيل في التذكرة ، والأدمي البغدادي ، وابن منجا في شرحه ، وصاحب الوجيز . والصحيح من المذهب : أن له القلع ، سواء كان فيه ضرر أو لا . وعليه أكثر الأصحاب . قال الحارثي : ولم يعتبر القاضي وأصحابه الضرر وعدمه . قال الزركشي : وهو ظاهر كلام الأكثرين . بل الذي جزموا به : له ذلك سواء أضر بالأرض ، أو لم يضر . انتهى . وقدمه في الفروع ، والتلخيص ، والفائق .

تنبيه : قال الحارثي : وهذا الخلاف الذي أورده من أورده من الأصحاب مطلقا : ليس بالجيد . بل يتعين تنزيله : إما على اختلاف حالين . وإما على ما قبل الأخذ . وإنما أورده القاضي ، وابن عقيل في الفصول ، على هذه الحالة لا غير . وحيث قيل باعتبار عدم الضرر . ففيما بعد الأخذ ، وهو ظاهر ما أورده في التذكرة .

فائدتان : إحداهما : لو قلعه المشتري ، وهو صاحبه : لم يضمن نقص الأرض . على الصحيح من المذهب . اختاره القاضي وغيره . قال في الفروع : لا يضمن نقص الأرض في الأصح . وقدمه في الشرح ، والفائق . وجزم به في الكافي . وعلله بانتفاء عدوانه ، مع أنه جزم في باب العارية بخلافه . [ ص: 295 ] وقيل : يلزمه . وهو ظاهر كلام الخرقي . ومال إليه الحارثي . وقال : والكلام في تسوية الحفر : كالكلام في ضمان أرش النقص . وأطلقهما في القاعدة الثامنة والسبعين .

الثانية : يجوز للمشتري التصرف في الشقص الذي اشتراه بالغرس والبناء في الجملة . وهو ظاهر كلام الأصحاب . قال في رواية سندي : ليس هذا بمنزلة الغاصب . وقال في رواية حنبل : لأنه عمر . وهو يظن أنه ملكا ، وليس كما إذا زرع بغير إذن أهله . قال الحارثي : إنما هذا بعد القسمة والتمييز ، ليكون التصرف في خالص . ملكه . أما قبل القسمة : فلا يملك الغرس والبناء . وللشفيع إذا قلع الغرس والبناء مجانا للشركة ، لا للشفعة . فإن أحد الشريكين إذا انفرد بهذا التصرف كان للآخر القلع مجانا . قال جعفر بن محمد : سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل غرس نخلا في أرض بينه وبين قوم مشاعا ؟ قال : إن كان بغير إذنهم قلع نخله . انتهى . قلت : وهذا لا شك فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية