صفحة جزء
الثانية : لو أكره على دفع الوديعة لغير ربها : لم يضمن . قاله الأصحاب . ذكره الحارثي . قلت : منهم القاضي في المجرد ، وابن عقيل في الفصول ، والمصنف في المغني وصاحب التلخيص ، والشارح ، وغيرهم . قال المجد في شرحه : المذهب لا يضمن ، انتهى . وفي الفتاوى الرجبيات عن أبي الخطاب . وابن عقيل : الضمان مطلقا . لأنه افتدى به ضرره . وعن ابن الزاغوني : إن أكره على التسلم بالتهديد والوعيد : فعليه الضمان ولا إثم . وإن ناله العذاب فلا إثم ولا ضمان . ذكره في القاعدة السابعة والعشرين . وإن صادره السلطان : لم يضمن على الصحيح من المذهب . اختاره أبو الخطاب . وقدمه في الفروع . وقال أبو الوفاء : يضمن إن فرط . وإن أخذها منه قهرا : لم يضمن عند أبي الخطاب . وقطع به في التلخيص ، والفائق . وعند أبي الوفاء : إن ظن أخذها منه بإقراره كان دالا ، ويضمن . وقال القاضي في الخلاف ، وأبو الخطاب في الانتصار : يضمن المال بالدلالة . وهو المودع . وفي فتاوى ابن الزاغوني : من صادره سلطان ، ونادى بتهديد من عنده وديعة فلم يحملها ، إن لم يعينه ، أو عينه وتهدده ولم ينله : أثم وضمن ، وإلا فلا .

انتهى .

قال الحارثي ، وإذا قيل : التوعد ليس إكراها . فتوعده السلطان حتى سلم . [ ص: 351 ] فجواب أبي الخطاب ، وابن عقيل ، وابن الزاغوني : وجوب الضمان ، ولا إثم . وفيه بحث .

وإذا قيل : إنه إكراه . فنادى السلطان : من لم يحمل وديعة فلان عمل به كذا وكذا . فحملها من غير مطالبة : أثم وضمن . وبه أجاب أبو الخطاب ، وابن عقيل في فتاويهما . وإن آل الأمر إلى اليمين ولا بد : حلف متأولا . وقال القاضي في المجرد : له جحدها . فعلى المذهب : إن لم يحلف حتى أخذت منه : وجب الضمان ، للتفريط . وإن . حلف ولم يتأول أثم . وفي وجوب الكفارة روايتان . حكاهما أبو الخطاب في الفتاوى . قلت : والصواب وجوب الكفارة مع إمكان التأويل وقدرته عليه ، وعلمه بذلك ولم يفعله . ثم وجدت في الفروع في باب جامع الأيمان ، قال : ويكفر على الأصح إن أكره على اليمين بالطلاق . فأجاب أبو الخطاب : بأنها لا تنعقد كما لو أكره على إيقاع الطلاق . قال الحارثي : وفيه بحث . وحاصله : إن كان الضرر الحاصل بالتغريم كثيرا يوازي الضرر في صور الإكراه : فهو إكراه لا يقع ، وإلا وقع المذهب . انتهى . وعند ابن عقيل : لا يسقط لخوفه من وقوع الطلاق . بل يضمن بدفعها افتداء عن يمينه . وفي فتاوى ابن الزاغوني : إن أبى اليمين بالطلاق ، أو غيره . فصار ذريعة إلى أخذها . وكإقراره طائعا . وهو تفريط عند سلطان جائر . نقله في الفروع في باب جامع الأيمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية