صفحة جزء
قوله ( ومن أحيا أرضا ميتة : فهي له ، مسلما كان أو كافرا ، بإذن الإمام أو غير إذنه ، في دار الإسلام وغيرها ، إلا ما أحياه مسلم في أرض الكفار التي صولحوا عليها . وما قرب من العامر ، وتعلق بمصالحه : لم يملك بالإحياء ) . ذكر المصنف هنا مسائل : إحداها : ما أحياه المسلم من الأرض الميتة . فلا خلاف في أنه يملكه بشروطه الآتية . [ ص: 358 ]

الثانية : ما أحياه الكفار ، وهم صنفان : صنف أهل ذمة ، فيملكون ما أحيوه . على الصحيح من المذهب . نص عليه . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وصححه في الخلاصة ، وغيرها . قال الزركشي : هو المنصوص . وعليه الجمهور . وقدمه في الهداية ، والمذهب والمستوعب ، والمغني ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والشرح ، والفروع ، والفائق ، وشرح الحارثي ، وغيرهم . وقيل : لا يملكه . وهو ظاهر قول ابن حامد . لكن حمل أبو الخطاب في الهداية ومن تبعه ذلك على دار الإسلام . قال الحارثي : وذهب فريق من الأصحاب إلى المنع منهم : ابن حامد أخذا من امتناع شفعته على المسلم . ورد . وفرق الأصحاب بينهما . وقيل : لا يملكه بالإحياء في دار الإسلام . قال القاضي : هو مذهب جماعة من الأصحاب . منهم ابن حامد . قال في المذهب ، ومسبوك الذهب : يملكه الذمي في دار الشرك . وفي دار الإسلام وجهان . فعلى المذهب المنصوص : إن أحيا عنوة : لزمه عنه الخراج . وإن أحيا غيره : فلا شيء عليه . على الصحيح من المذهب . قال الزركشي : هذا أشهر الروايتين . وعنه . عليه عشر ثمره وزرعه . والصنف الثاني : أهل حرب . فظاهر كلام المصنف : أنهم كأهل الذمة في ذلك كله . وهو ظاهر جماعة . منهم صاحب الوجيز . وهو أحد الوجهين . والصحيح من المذهب : أنه لا يملكه بالإحياء . وهو ظاهر كلامه في المغني ، والشرح ، والرعايتين ، وغيرهم . وقدمه في الفروع . [ ص: 359 ] قلت : ويمكن حمل كلام من أطلق على أهل الذمة . وأن الألف واللام للعهد . لأن الأحكام جارية عليهم . لكن يرد على ذلك : كون المسألة ذات خلاف . فيكون الظاهر موافقا لأحد القولين . ويرد كون المصنف لم يحك في كتبه خلافا . قال الحارثي : والكافر على إطلاقه صحيح في أراضي الكفار . لعموم الأدلة . وهو الصواب .

الثالثة : إن كان الإحياء بإذن الإمام : فلا خلاف أنه يملكه بذلك . وإن كان بغير إذنه : ملكه أيضا . على الصحيح من المذهب . كما جزم به المصنف هنا . فلا يشترط إذنه في ذلك . وعليه جماهير الأصحاب . قال الزركشي : عليه الأصحاب . نص عليه . وجزم في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . وقيل : لا يملكه إلا بإذنه . وهو وجه في المبهج ، ورواية في الإقناع ، والواضح .

الرابعة : ما أحياه المسلم من أرض الكفار التي صولحوا عليها على أنها لهم فهذه لا تملك بالإحياء . على الصحيح من المذهب كما قطع به المصنف هنا . وعليه الأصحاب . وفيه احتمال : أنها تملك بالإحياء كغيرها .

الخامسة : ما قرب من العامر ، وتعلق بمصالحه كطرقه وفنائه ، ومسيل مائه ، ومطرح قمامته ، وملقى ترابه وآلاته ، ومرعاه ، ومحتطبه ، وحريمه والبئر والنهر ، ومرتكض الخيل ، ومدفن الأموات ، ومناخ الإبل ونحوها . فهذا لا يملك بالإحياء . وعليه الأصحاب . ونص عليه من رواية غير واحد ولا يقطعه الإمام . لتعلق حقه به . وقيل : لملكه له . [ ص: 360 ]

تنبيه : ظاهر قول المصنف " في دار الإسلام وغيرها " أن موات أرض العنوة كغيره . هو صحيح . وهو المذهب . جزم به في المستوعب . وقدمه في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والفروع ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . واختاره ابن عبدوس في تذكرته . قال الحارثي : وهو أقوى . وعنه : لا تملك بالإحياء لكن تقر بيده بخراجها كما لو أحياها ذمي . قال الحارثي : وهو المذهب عند ابن أبي موسى ، وأبي الفرج الشيرازي . قال أبو بكر في زاد المسافر : وبه أقول . انتهى . وعنه : إن أحياه مسلم فعليه عشر ثمره وزرعه . وعنه : على ذمي أحيا غير عنوة : عشر ثمره وزرعه . وقيل : لا موات في أرض السواد . وحمله القاضي على عامره . قال في الرعاية الكبرى : وقيل لا موات في عامر السواد . وقيل : ولا غامره .

فائدة : هل يملك المسلم موات الحرم وعرفات بإحيائه ؟ يحتمل وجهين . وأطلقهما في التلخيص ، والرعاية ، والفروع . قلت : الأولى أنه لا يملك ذلك بالإحياء . ثم وجدت الحارثي قال : هذا الحق . قوله ( وإن لم يتعلق بمصالحه . فعلى روايتين ) . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والخلاصة ، والمغني ، والشرح ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفائق ، والمحرر ، وغيرهم .

إحداهما : يملكه بالإحياء . وهو الصحيح من المذهب . قال في الكافي : هذا المذهب . وصححه في المستوعب ، والتلخيص ، والنظم ، والتصحيح ، والحارثي ، وغيرهم . قال الزركشي : هي أنصهما وأشهرهما عند الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع وغيره . [ ص: 361 ]

والثانية : لا يملكه بإحيائه . وقيل : يملكه صاحب العامر دون غيره .

فوائد : إحداها : حكم إقطاع ذلك حكم إحيائه .

التالي السابق


الخدمات العلمية