صفحة جزء
[ ص: 3 ] كتاب الوقف قوله ( وهو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة ) .

وكذا قال في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والكافي ، والتلخيص ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والوجيز ، والفائق ، وغيرهم . قال الزركشي : وأراد من حد بهذا الحد مع شروطه المعتبرة . وأدخل غيرهم الشروط في الحد . انتهى .

وقال في المطلع : وحد المصنف لم يجمع شروط الوقف وحده غيره فقال : تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرف الواقف في رقبته ، يصرف ريعه إلى جهة بر ، تقربا إلى الله تعالى . انتهى .

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : وأقرب الحدود في الوقف : أنه كل عين تجوز عاريتها .

فأدخل في حده أشياء كثيرة ، لا يجوز وقفها عند الإمام أحمد رحمه الله ، والأصحاب . يأتي حكمها .

قوله ( وفيه روايتان . إحداهما : أنه يحصل بالقول والفعل الدال عليه ) .

كما مثل به المصنف . وهذا المذهب .

قال المصنف ، والشارح ، وصاحب الفائق ، وغيرهم : هذا ظاهر المذهب .

قال الحارثي : مذهب أبي عبد الله رحمه الله : انعقاد الوقف به . وعليه الأصحاب . انتهى .

وجزم به في الجامع الصغير ، ورءوس المسائل للقاضي ، ورءوس المسائل [ ص: 4 ] لأبي الخطاب ، والكافي ، والعمدة ، والوجيز ، وغيرهم . وقدمه في الفروع وغيره .

والرواية الأخرى : لا يصح إلا بالقول وحده ، كما مثل المصنف . ذكرها القاضي في المجرد . واختاره أبو محمد الجوزي .

ومنع المصنف دلالتها . وجعل المذهب رواية واحدة . وكذلك الحارثي . فائدة :

قال في المطلع : السقاية بكسر السين الذي يتخذ فيه الشراب في المواسم ، وغيرها . عن ابن عباد . قال : والمراد هنا بالسقاية : البيت المبني لقضاء حاجة الإنسان . سمي بذلك تشبيها بذلك . قال : ولم أره منصوصا عليه في شيء من كتب اللغة والغريب . إلا بمعنى موضع الشراب ، وبمعنى الصواع . انتهى . قال الحارثي : أراد بالسقاية : موضع التطهر وقضاء الحاجة ، بقيد وجود الماء . قال : ولم أجد ذلك في كتب اللغويين . وإنما هي عندهم مقولة بالاشتراك على الإناء الذي يسقى به ، وعلى موضع السقي . أي المكان المتخذ به الماء . غير أن هذا يقرب ما أراد المصنف بقوله " وشرعها " أي فتح بابها . وقد يريد به معنى الورود . انتهى .

قلت : لعله أراد أعم مما قالا . فيدخل في كلامه : لو وقف خابية للماء على الطريق ، ونحوه . وبنى عليها ، ويكون ذلك تسبيلا له . وقد صرح بذلك المصنف في المغني ، وغيره .

قال الزركشي : لو وقف سقاية : ملك الشرب منها . لكن يرد على ذلك قوله " ويشرعها لهم " .

تنبيه :

قوله ( مثل أن يبني مسجدا ) أي : يبني بنيانا على هيئة المسجد . ( ويأذن للناس في الصلاة فيه )

. [ ص: 5 ] أي إذنا عاما . لأن الإذن الخاص : قد يقع على غير الموقوف . فلا يفيد دلالة الوقف . قاله الحارثي قوله ( وصريحه : وقفت ، وحبست ، وسبلت ) . وقفت ، وحبست : صريح في الوقف ، بلا نزاع . وهما مترادفان ، على معنى الاشتراك في الرقبة عن التصرفات المزيلة للملك . وأما " سبلت " فصريحة على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . وقال الحارثي : والصحيح أنه ليس صريحا . لقوله عليه الصلاة والسلام " حبس الأصل ، وسبل الثمرة " .

غاير بين معنى " التحبيس " و " التسبيل " فامتنع كون أحدهما صريحا في الآخر .

وقد علم كون الوقف : هو الإمساك في الرقبة عن أسباب التملكات . والتسبيل : إطلاق التمليك . فكيف يكون صريحا في الوقف ؟ انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية