صفحة جزء
قوله ( وإن وقف على عقبه ، أو ولد ولده ، أو ذريته : دخل فيه ولد البنين ) بلا نزاع في " عقبه " أو " ذريته " . وأما إذا وقف على ولده وولد ولده : فهل يشمل أولاد الولد الثاني ، والثالث ، وهلم جرا ؟ . تقدم عن القاضي والمصنف والشارح وغيرهم : أنه لا يشمل غير المذكورين .

وقوله ( ونقل عنه : لا يدخل فيه ولد البنات ) . إذا وقف على ولد ولده ، أو قال " على أولاد أولادي وإن سفلوا " . فنص الإمام أحمد رحمه الله في رواية المروذي : أن أولاد البنات لا يدخلون . وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . قال في الهداية ، والمستوعب : وإن وصى لولد ولده ، فقال أصحابنا : لا يدخل فيه ولد البنات . لأنه قال في الوقف على ولد ولده : لا يدخل فيه ولد البنات . قال الزركشي : مفهوم كلام الخرقي : أنه لا يدخل ولد البنات . وهو أشهر الروايات . واختاره القاضي في التعليق ، والجامع ، والشيرازي ، وأبو الخطاب في خلافه الصغير . انتهى . قال في الفروع : لم يشمل ولد بناته إلا بقرينة . اختاره الأكثر . [ ص: 80 ] وجزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والفروع . وصححه في تجريد العناية . قال في الفائق : اختاره الخرقي ، والقاضي ، وابن عقيل ، والشيخان يعني بهما : المصنف ، والشيخ تقي الدين وهو ظاهر ما قدمه الحارثي . ونقل عنه في الوصية : يدخلون . وذهب إليه بعض أصحابنا . وهذا مثله .

قلت : بل هي هنا رواية منصوصة من رواية حرب . قال في القواعد : ومال إليه صاحب المغني . وهي طريقة ابن أبي موسى ، والشيرازي . قال الشارح : القول بأنهم يدخلون : أصح وأقوى دليلا . وصححه الناظم . واختاره أبو الخطاب في الهداية في الوصية وصاحب الفائق . وجزم به في منتخب الأدمي . وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . واختاره ابن عبدوس في تذكرته . وأطلقهما في القواعد الفقهية . وقال أبو بكر ، وابن حامد : يدخلون في الوقف ، إلا أن يقول " على ولد ولدي لصلبي " فلا يدخلون . وهي رواية ثالثة عن الإمام أحمد رحمه الله . قال في المذهب : فإن قال " لصلبي " لم يدخلوا وجها واحدا . قال في المستوعب ، والتلخيص : فإن قيد فقال " لصلبي " أو قال " من ينتسب إلي منهم " فلا خلاف في المذهب : أنهم لا يدخلون . وحكى القاضي عن أبي بكر ، وابن حامد : إذا قال " ولد ولدي لصلبي " أنه يدخل فيه ولد بناته لصلبه . لأن بنت صلبه : ولده حقيقة ، بخلاف ولد ولدها . [ ص: 81 ] قال الحارثي : وقول الإمام أحمد رحمه الله " لصلبه " قد يريد به ولد البنين ، كما هو المراد من إيراد المصنف عن أبي بكر . فلا يدخلون ، جعلا لولد البنين . ولد الظهر ، وولد البنات ولد البطن . فلا يكون نصا في المسألة . وقد يريد به ولد البنت التي تليه . فيكون نصا . وهو الظاهر . انتهى .

وفي المسألة قول رابع : بدخول ولد بناته لصلبه ، دون ولد ولدهن . تنبيه :

ما تقدم من الخلاف : إنما هو فيما إذا وقف على ولد ولده ، أو قال " على أولاد أولادي " . وكذا الحكم ، والخلاف ، والمذهب إذا وقف على عقبه أو ذريته ، كما قال المصنف ، عند جماهير الأصحاب . وممن قال بعدم الدخول هنا : أبو الخطاب ، والقاضي أبو الحسين . وابن بكروس . قاله الحارثي . وقال : قال مالك بالدخول في " الذرية " دون " العقب " وبه أقول . وكذلك القاضي في باب الوصايا من المجرد وابن أبي موسى ، والشريفان أبو جعفر ، والزيدي وأبو الفرج الشيرازي . قالوا : بعدم الدخول في " العقب " انتهى . قال في الفروع بعد أن ذكر ولد ولده وعقبه وذريته وعنه : يشملهم غير ولد ولده . وقال في التبصرة : يشمل الذرية ، وأن الخلاف في ولد ولده .

تنبيهان .

الأول : حكى المصنف هنا عن أبي بكر ، وابن حامد ، أنهما قالا : يدخلون في الوقف ، إلا أن يقول " على ولد ولدي لصلبي " . وكذا حكاه عنهما أبو الخطاب في الهداية . وكذا حكاه القاضي عنهما فيما حكاه صاحب المستوعب ، والتلخيص . [ ص: 82 ] وحكى المصنف في المغني ، والشارح ، والقاضي في الروايتين : أن أبا بكر ، وابن حامد : اختارا دخولهم مطلقا ، كالرواية الثانية . وقال ابن البنا في الخصال : اختار ابن حامد : أنهم يدخلون مطلقا . واختار أبو بكر : يدخلون ، إلا أن يقول " على ولد ولدي لصلبي " . قال الزركشي : وكذا في المغني القديم فيما أظن .

الثاني : محل الخلاف : مع عدم القرينة . أما إن كان معه ما يقتضي الإخراج : فلا دخول بلا خلاف . قاله الأصحاب . كقوله " على أولادي ، وأولاد أولادي المنتسبين إلي " ونحو ذلك . وكذا إن كان في اللفظ ما يقتضي الدخول . فإنهم يدخلون . بلا خلاف . قاله الأصحاب . كقوله " على أولادي ، وأولاد أولادي ، على أن لولد الإناث : سهما ، ولولد الذكور سهمين " أو " على أولادي فلان وفلان ، وفلانة ، وأولادهم . وإذا خلت الأرض ممن يرجع نسبه إلي من قبل أب أو أم : فللمساكين " أو " على أن من مات منهم فنصيبه لولده " ونحو ذلك . ولو قال " على البطن الأول من أولادي ، ثم على الثاني ، والثالث ، وأولادهم " والبطن الأول بنات : فكذلك يدخلون . بلا خلاف . فوائد .

الأولى : لفظ " النسل " كلفظ " العقب ، والذرية " في إفادة ولد الولد . قريبهم وبعيدهم . وكذا دخول ولد البنات وعدمه عند أكثر الأصحاب . قال القاضي في المجرد : لا يدخل ولد البنات . كما قال في " العقب " وهو اختيار السامري . وذكر أبو الخطاب خلافه . أورده في الوصايا . [ ص: 83 ]

الثانية : لو قال " على بني بني " أو " بني بني فلان " " فكأولاد أولادي وأولاد أولاد فلان " . وأما ولد البنات : فقال الحارثي : ظاهر كلام الأصحاب هنا : أنهم لا يدخلون مطلقا .

الثالثة : " الحفيد " يقع على ولد الابن والبنت ، وكذلك " السبط " ولد الابن والبنت .

الرابعة : لو قال الهاشمي " على أولادي وأولاد أولادي الهاشميين " لم يدخل من أولاد بنته من ليس هاشميا . والهاشمي منهم في دخوله وجهان . ذكرهما المصنف وغيره . وبناهما القاضي على الخلاف في أصل المسألة . ثم قال المصنف : أولاهما الدخول ، معللا بوجود الشرطين : وصف كونه من أولاد أولاده ، ووصف كونه هاشميا .

والوجه الثاني : عدم الدخول . وأطلقهما الحارثي ، وصاحب الفائق . قال الحارثي : ولو قال " على أولادي وأولاد أولادي المنتسبين إلى قبيلتي " فكذلك .

الخامسة : تجدد حق الحمل : بوضعه من ثمر ، وزرع كمشتر . نقله المروذي . وجزم به في المغني ، والشرح ، والحارثي . وقال : ذكره الأصحاب في الأولاد . وقدمه في الفروع . ونقل جعفر : يستحق من زرع قبل بلوغه الحصاد ، ومن نخل لم يؤبر . فإن بلغ الزرع الحصاد ، أو أبر النخل : لم يستحق منه شيء . وقطع به في المبهج والقواعد . وقال : وكذلك الأصحاب صرحوا بالفرق بين المؤبر وغيره هنا . منهم ابن أبي موسى ، [ ص: 84 ] والقاضي . وأصحابه . معللين بتبعية غير المؤبر في العقد . فكذا في الاستحقاق . وقال في المستوعب : يستحق قبل حصاده . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : الثمرة للموجود عند التأبير أو بدو الصلاح . قال في الفروع : ويشبه الحمل : إن قدم إلى ثغر موقوف عليه ، أو خرج منه إلى بلد موقوف عليه فيه . نقله يعقوب . وقياسه : من نزل في مدرسة ونحوه . وقال ابن عبد القوي : ولقائل أن يقول : ليس كذلك . لأن واقف المدرسة ونحوها جعل ريع الوقف في السنة . كالجعل على اشتغال من هو في المدرسة عاما . فينبغي أن يستحق بقدر عمله من السنة من ريع الوقف في السنة . لئلا يفضي إلى أن يحضر الإنسان شهرا مثلا فيأخذ مغل جميع الوقف . ويحضر غيره باقي السنة بعد ظهور العشرة . فلا يستحق شيئا . وهذا يأباه مقتضى الوقوف ومقاصدها انتهى . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : يستحق بحصته من مغله . وقال : من جعله كالولد فقد أخطأ .

التالي السابق


الخدمات العلمية