صفحة جزء
قوله ( ولا يجوز لواهب أن يرجع في هبته ، إلا الأب ) هذا المذهب . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . وصححه في الرعاية الكبرى . قال الزركشي : هذا المشهور . وعنه : ليس له الرجوع . قدمه في الرعايتين . [ ص: 146 ] وعنه : له الرجوع ، إلا أن يتعلق به حق ، أو رغبة . نحو أن يتزوج الولد أو يفلس . وكذا لو فعل الولد ما يمنع التصرف مؤبدا أو مؤقتا . وجزم بهذه الرواية في الوجيز . واختاره الشارح ، وابن عبدوس في تذكرته ، وابن عقيل ، وابن البنا ، والمصنف ذكره الحارثي ، والشيخ تقي الدين . وقال : يرجع فيما زاد على قدر الدين ، أو الرغبة . وأطلقهما في المذهب ، ومسبوك الذهب . وأطلق الأولى والثالثة : في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والنظم . وقيل : إن وهب ولديه شيئا ، فاشترى أحدهما من الآخر نصيبه : ففي رجوعه في الكل وجهان .

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : ليس للأب الكافر أن يرجع في عطيته ، إذا كان وهبه في حال الكفر ، وأسلم الولد . فأما إذا وهبه حال إسلام الولد ، فقياس المذهب : الجواز . ولا يقر في يده . وفيه نظر . انتهى . وقال أبو حفص العكبري : تحصيل المذهب : أنه يرجع فيما وهب لابنه . ولا يرجع فيما كان على وجه الصدقة . واختاره ابن أبي موسى . وقد صرح القاضي ، والمصنف ، وغيرهما : بأنه لا فرق بين الصدقة وغيرها . وهو ظاهر كلام جماعة . انتهى .

تنبيه : قوله ( أو يفلس ) . وكذا قال أبو الخطاب ، وغيره . قال الحارثي : والصواب أنه مانع من غير خلاف كما في الرهن ، ونحوه . وبه صرح في المغني ، وصاحب المحرر ، وغيرهما . انتهى . [ ص: 147 ] وعن الإمام أحمد رحمه الله في المرأة تهب زوجها مهرها إن كان سألها ذلك رده إليها ، رضيت أو كرهت . لأنها لا تهب إلا مخافة غضبه أو إضراره بها بأن يتزوج عليها . نص عليه في رواية عبد الله . وجزم به في المنور ، ومنتخب الأدمي . قال في الرعاية الصغرى : وترجع المرأة فيما وهبت لزوجها بمسألته . على الأصح . واختاره ابن عبدوس في تذكرته . وجزم به في القواعد الفقهية ، في القاعدة الخمسين بعد المائة . فالمصنف قدم هنا عدم رجوعها إذا سألها . وهو ظاهر كلام الخرقي ، وكثير من الأصحاب . جزم به في الكافي ، والجامع الصغير ، وابن أبي موسى ، وأبو الخطاب . واختاره الحارثي . وهو اختيار أبي بكر وغيره . وقدمه في الحاوي الصغير ، والنظم ، وفصول ابن عقيل .

قلت : الصواب عدم الرجوع إن لم يحصل فيه ضرر ، من طلاق وغيره ، وإلا فلها الرجوع . وأطلقهما في المغني ، والمحرر ، والرعاية الكبرى ، والفروع .

تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أنها لا ترجع إذا وهبته من غير سؤال منه . وهو صحيح . وهو المذهب . وهو ظاهر كلام الخرقي ، وغيره . واختاره أبو بكر وغيره . وقدمه في الفروع وغيره . وقاله القاضي في كتاب الوجهين ، وصاحب التلخيص ، وغيرهما . [ ص: 148 ] وقيل : لها الرجوع . وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله . أطلقهما في المغني ، والشرح والرعاية الكبرى . وقيل : إن وهبته لدفع ضرر فلم يندفع ، أو عوض ، أو شرط ، فلم يحصل : رجعت وإلا فلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية