صفحة جزء
فائدة : في بطلان استطاعة قادر على الحج بردته ووجوبه باستطاعته في ردته فقط .

هاتان الروايتان نقلا ومذهبا . فعلى القول بالقضاء في أصل المسألة : لو طرأ [ ص: 392 ] عليه جنون في ردته ، فالصحيح من المذهب : أنه يقضي ما فاته في حال جنونه ; لأن عدمه رخصة تخفيفا ، قدمه في الفروع ، ومختصرابن تميم ، وابن عبيدان ، وغيرهم ، واختاره أبو المعالي بن منجا وغيره . قلت : فيعايى بها . وقيل : لا يقضي كالحائض .

تنبيه : الخلاف المتقدم في قضاء الصلاة : جار في الزكاة إن بقي ملكه على ما يأتي وكذا هو جار في الصوم . فإن لزمته الزكاة أخذها الإمام . وينوي بها للتعذر ، وإن لم تكن قربة كسائر الحقوق .

والممتنع من الزكاة : كالممتنع من أداء الحقوق . ذكره الأصحاب ، وإن أسلم بعد أخذ الإمام . أجزأته ظاهرا . وفيه باطنا وجهان . وأطلقهما في الفروع . قلت : الصواب الإجزاء . وقيل : إن أسلم قضاها على الأصح . ولا يجزيه إخراجه حال كفره ، زاد غير واحد من الأصحاب : وقيل ولا قبله . قاله في الفروع . ولم أفهم معناه ، إلا أن يريد أن إخراجها قبل الردة مراعى . فإن استمر على الإسلام أجزأت ، وإن ارتد لم تجزه كالحج . ويحتمل أن يريد إذا عجلها قبل أن يرتد ثم ارتد وحال الحول عليه ، وهو ولم ينقطع حوله بردته فيه . وإلا انقطع . وأما إعادة الحج ، إذا فعله قبل ردته ، فالصحيح من المذهب أنه لا يلزمه إعادته ، نص عليه ، قال المجد في شرحه : هذا هو الصحيح ، قال في تجريد العناية : ولا تبطل عباداته في إسلامه إذا عاد . ولو الحج على الأظهر ، وجزم به المصنف في هذا الكتاب في باب حكم المرتد ، وصححه القاضي والموفق . في شرح مناسك المقنع . وقدمه ابن تميم ، وابن عبيدان ، والحاوي الكبير ، واختاره ابن عبدوس في تذكرته . ذكره في باب الحج ، ونص على ذلك الإمام أحمد . وعنه يلزمه ، جزم به ابن عقيل في الفصول . ذكره في كتاب الحج ، وجزم به في الجامع الصغير ، والإفادات . قال أبو الحسن الجوزي وجماعة : يبطل الحج بالردة ، واختار [ ص: 393 ] الإعادة أيضا القاضي ، وصححه في الرعايتين ، والحاويين ، في كتاب الحج وأطلقهما في المحرر ، والفروع ، والرعاية الكبرى ، والفائق ويأتي ذلك في كلام المصنف في باب حكم المرتد . فعلى القول بلزوم الإعادة : قيل بحبوط العمل . وتقدم كلام الجوزي وغيره . وقيل : كإيمانه . فإنه لا يبطل . ويلزمه ثانيا . والوجهان في كلام القاضي وغيره . قال الشيخ تقي الدين : اختار الأكثر أن الردة لا تحبط العمل إلا بالموت عليها . قال جماعة : الإحباط إنما ينصرف إلى الثواب دون حقيقة العمل ، لبقاء صحة صلاة من صلى خلفه ، وحل ما كان ذبحه ، وعدم نقض تصرفه .

التالي السابق


الخدمات العلمية