صفحة جزء
قوله ( وإن وصى بمثل نصيب وارث لو كان : فله مثل ماله لو كانت الوصية وهو موجود . فإذا كان الوراث أربعة بنين . فللموصى له السدس ، وإن كانوا ثلاثة فله الخمس ) . هذا الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب وقال الحارثي ، وعن بعض أصحابنا : إقامة الوصي مقام الابن المقدر . انتهى . قوله ( ولو كانوا أربعة ، فأوصى بمثل نصيب خامس لو كان ، إلا مثل نصيب سادس لو كان : فقد أوصى له بالخمس إلا السدس بعد الوصية ) هكذا موجود في النسخ المعروفة المشهورة .

ووجد في نسخة مقروءة على المصنف ، وعليها خطه " لو كانوا أربعة فأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب ابن خامس لو كان " . قال الناظم : وفي بعض النسخ المقروءة على المصنف " وصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب ابن سادس لو كان " . [ ص: 277 ] قال : فعلى هذا : يصح أنه وصى بالخمس إلا السدس . قال في الفروع : كذا قال . وهو كما قال صاحب الفروع . فإنه على ما قاله الناظم في النسخة المقروءة على المصنف إنما يكون أوصى له بالخمس إلا السبع ، على ما قاله الأصحاب في قواعدهم . فلذلك لم يرتضه صاحب الفروع منه . واعلم أن النسخ المعروفة المعتمد عليها : ما قلناه أولا ، وعليها شرح الشارح وابن منجا . لكن قوله " فقد أوصى بالخمس إلا السدس " مشكل على قواعد الأصحاب ، ومخالف لطريقتهم في ذلك وأشباهه . بل قياس ما ذكره الأصحاب في هذه المسألة : أن يكون قد أوصي له بالسدس إلا السبع . فيكون له سهم من اثنين وأربعين وكذا قال الحارثي ، وصاحب الفروع ، وغيرهما .

لكن في الفروع " سهمان من اثنين وأربعين " وهو سبقة قلم . والله أعلم . وأجاب الحارثي عن ذلك ، فقال : قولهم " أوصى بالخمس إلا السدس " صحيح . باعتبار أن له نصيب الخامس المقدر غير مضموم ، وأن النصيب هو المستثنى . وهو طريقة الشافعية . انتهى . قلت : وهو موافق لما اختاره في الفائق ، فيما إذا أوصى له بمثل نصيب وارث . على ما تقدم . قال في الفروع : وما قاله الحارثي صحيح . يؤيده : أن في نسخة مقروءة على الشيخ " أربعة أوصى بمثل نصيب أحدهم ، إلا بمثل نصيب ابن خامس ، لو كان فقد أوصى له بالخمس إلا السدس " . قال : ويوافق هذا قول ابن رزين في ابنين ، ووصى بمثل نصيب ابن ثالث [ ص: 278 ] لو كان : له الربع . وإلا مثل نصيب رابع ، لو كان ، من واحد وعشرين . انتهى . فكأن صاحب الفروع فسر النسخة الأولى المعتمدة المشكلة على طريقة الأصحاب بهذه النسخة .

والذي يظهر بل هو كالصريح في ذلك : أن معناهما مختلف . وأن النسخة الأولى تابع فيها طريقة أصحاب الإمام الشافعي رحمه الله . وهذه النسخة تبع فيها طريقة الأصحاب . ولعله في النسخة الأولى اختار ذلك ، أو يكون ذلك مجرد متابعة لغيره . فلما ظهر له ذلك اعتمد على النسخة الموافقة لقواعد المذهب والأصحاب . وهو أولى . فتلخص لنا : أن المصنف وجد له ثلاث نسخ مختلفة ، قرئت عليه .

إحداها : الأولى . وهي المشكلة على قواعد الأصحاب . ولذلك أجاب عنها الحارثي .

والثانية : ما ذكرها الناظم . وتقدم ما فسرها به . والتفسير أيضا مشكل على قواعد الأصحاب . ولذلك رده في الفروع . وتقدم أن قواعد الأصحاب : تقتضي على هذه النسخة أنه أوصى بالخمس إلا السبع . وتفسيره موافق لطريقة أصحاب الإمام الشافعي ، وما اختاره في الفائق .

والثالثة : فيها " أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا بمثل نصيب ابن خامس " فهذه النسخة صحيحة على قياس طريقة الأصحاب . ويكون قد أوصي له بالخمس إلا السدس . وهو موافق لما فسر وأولى من النسخ المعروفة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية