صفحة جزء
قوله ( وإذا أوصى إلى واحد ، وبعده إلى آخر . فهما وصيتان ) نص عليه . ( إلا أن يقول : قد أخرجت الأول ) نص عليه . ( وليس لأحدهما الانفراد بالتصرف ، إلا أن يجعل ذلك إليه ) نص عليه . وذكر الحارثي ما يدل على رواية بالجواز . [ ص: 290 ] وتقدم الكلام فيما إذا جعل النظر في الوقف لاثنين ، أو كان لهما بأصل الاستحقاق ، في كتاب الوقف ، بعد قوله " ويرجع إلى شرط الواقف " وهذا يشبه ذلك فائدة

لو وصى إلى اثنين في التصرف وأريد اجتماعهما على ذلك . قال الحارثي : من الفقهاء من قال : ليس المراد من الاجتماع تلفظهما بصيغ العقود . بل المراد : صدوره عن رأيهما . ثم لا فرق بين أن يباشر أحدهما ، أو الغير بإذنهما ، ولم يخالف الحارثي هذا القائل . قلت : وهو الظاهر . وأنه يكفي إذن أحدهما الوكيل في صدور العقد مع حضور الآخر ، ورضاه بذلك . ولا يشترط توكيل الاثنين . كما هو ظاهر كلامه الأول . قوله ( فإن مات أحدهما : أقام الحاكم مقامه أمينا ) . وكذا لو وجد ما يوجب عزله . بلا نزاع . قال المصنف : أو غاب . لكن لو ماتا ، أو وجد منهما ما يوجب عزلهما ، ففي الاكتفاء بواحد : وجهان . وأطلقهما في الكافي ، والمغني ، والشرح ، والفروع ، والحاوي الصغير والزركشي . قال في الفائق : ولو ماتا جاز إقامة واحد . في أصح الروايتين . قال في الرعاية الكبرى : وإن وجد منهما ما يوجب عزلهما : جاز أن يقيم الحاكم بدلهما واحدا في الأصح .

وقال في الرعاية الصغرى : وإن ماتا جاز أن يقيم الحاكم واحدا في الأصح . قال ابن رزين في شرحه : فإن تغير حالهما فله نصب واحد . وقيل : لا ينصب إلا اثنين . تنبيه :

هذه الأحكام المتقدمة : إذا لم يجعل لكل واحد منهما التصرف منفردا . [ ص: 291 ] فأما إن جعل لكل واحد منهما التصرف منفردا كما صرح به المصنف فمات أحدهما ، أو خرج من أهلية الوصية : لم يكن للحاكم أن يقيم مقامه ، إلا أن يعجز عن التصرف وحده . وإن ماتا معا ، أو خرجا من الوصية : فللحاكم أن يقيم واحدا ولو حدث عجز لضعف ، أو علة ، أو كثرة عمل ونحوه ، ولم يكن لكل واحد منهما التصرف منفردا : ضم إليه أمين . جزم به في المغني ، والشرح . قال ابن رزين : ضم إليه أمين . ولم ينعزل إجماعا . وقيل : له ذلك . وأطلقهما في الفروع . قوله ( وكذلك إن فسق ) . يعني أقام الحاكم مقامه أمينا وينعزل . فشمل كلام المصنف صورتين :

إحداهما : أن يكون وصيا منفردا .

الثانية : أن يكون مضافا إلى وصي آخر .

واعلم أن هذا مبني على الصحيح من المذهب من أن الفاسق لا تصح الوصية إليه . وينعزل إذا طرأ عليه الفسق ، كما تقدم التنبيه عليه . وعنه : يضم إليه أمين . قدمه في الفروع ، والفائق . كما تقدم . وقيل : يضم إليه هنا أمين ، وإن أبطلنا الوصية إلى الفاسق لطريانه . اختاره جماعة من الأصحاب كما تقدم فوائد

لو وصى إليه قبل أن يبلغ ليكون وصيا بعد بلوغه أو حتى يحضر فلان ، أو إن مات فلان ، ففلان وصي : صح . ويصير الثاني وصيا عند الشرط . ذكره الأصحاب . ويسمى " الوصي المنتظر " . [ ص: 292 ] قال في المستوعب : لو أوصى إلى المرشد من أولاده عند بلوغه ، فإن الوصية تصح . ويسمى " الوصي المنتظر " انتهى . وكذا لو قال : أوصيت إليه سنة ، ثم إلى فلان . للخبر الصحيح { أميركم زيد فإن قتل : فجعفر . فإن قتل : فعبد الله بن رواحة } والوصية كالتأمير . قال في الفروع : ويتوجه : لا . يعني ليست الوصية كالتأمير . لأن الوصية استنابة بعد الموت . فهي كالوكالة في الحياة .

ولهذا : هل للوصي أن يوصي ، ويعزل من وصى إليه ؟ . ولا تصح إلا في معلوم . وللوصي عزله ، وغير ذلك ، كالوكيل . فلهذا لا يعارض ذلك ما ذكره القاضي وجماعة من الأصحاب ، إذا قال الخليفة : الإمام بعدي فلان . فإن مات ففلان في حياتي . أو إذا تغير حاله : فالخليفة فلان : صح . وكذا في الثالث والرابع . وإن قال : فلان ولي عهدي . فإن ولي ثم مات ، ففلان بعده : لم يصح للثاني . وعللوه بأنه إذا ولي ، وصار إماما : حصل التصرف ، وبقي النظر والاختيار إليه . فكان العهد إليه فيمن يراه . وفي التي قبلها : جعل العهد إلى غيره عند موته ، أو تغير صفاته في الحالة التي لم يثبت للمعهود إليه إمامة .

قال في الفروع : وظاهر هذا : أنه لو علق ولي الأمر ولاية حكم أو وظيفة بشرط شغورها ، أو بشرط ، فوجد الشرط بعد موت ولي الأمر والقيام مقامه : أن ولايته تبطل . وأن النظر والاختيار لمن يقوم مقامه .

يؤيده : أن الأصحاب اعتبروا ولاية الحكم بالوكالة في مسائل . وأنه لو علق عتقا أو غيره بشرط : بطل بموته . [ ص: 293 ] قالوا : لزوال ملكه . فتبطل تصرفاته . قال في المغني وغيره : ولأن إطلاق الشرط يقتضي الحياة . انتهى كلام صاحب الفروع . وظاهر كلامه : صحة ولاية الحكم والوظائف بشرط شغورها ، أو بشرط إذا وجد ذلك قبل موت ولي الأمر . وهو ظاهر كلامه

التالي السابق


الخدمات العلمية