صفحة جزء
[ ص: 76 ] قوله ( وإن غاب غيبة منقطعة : زوج الأبعد ) . هذا المذهب . وعليه الأصحاب . وعنه : يزوج الحاكم . ذكرها في الرعايتين . والحاوي . وخرجها أبو الخطاب من عضل الولي . وتابعه في المحرر .

تنبيه :

محل الخلاف : إذا كانت المرأة حرة . فأما إن كانت أمة : فإن الحاكم هو الذي يزوجها . قاله القاضي في التعليق ، مدعيا أنه قياس المذهب . وهو ظاهر كلام الخرقي ، حيث قال : زوجها من هو أبعد منه من عصبتها قوله ( وهي ما لا يقطع إلا بكلفة ومشقة ، في ظاهر كلامه ) . وهذا المذهب . نص عليه في رواية عبد الله واختاره المصنف ، والمجد ، والشارح . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في المحرر والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع . وقال الخرقي : ما لا يصل إليه الكتاب ، أو يصل فلا يجيب عنه ، كمن هو في أقصى الهند بالنسبة إلى الشام ومصر ونحوهما . قال الزركشي : وهذا يحتمل لبعده . وهو الظاهر . ويحتمل : وإن كان قريبا . فيكون في معنى العاضل . وبالجملة فقد أومأ الإمام أحمد رحمه الله إلى هذا في رواية الأثرم . انتهى . وقال القاضي : ما لا تقطعه القافلة في السنة إلا مرة واحدة ، كسفر الحجاز . وتبعه أبو الخطاب في خلافه . وجزم به ابن هبيرة في الإفصاح . وعن الإمام أحمد رحمه الله : إذا كان الأب بعيد السفر : زوج الأبعد . قال المصنف هنا : فيحتمل أنه أراد ما تقصر فيه الصلاة . وكذا قال أبو الخطاب . [ ص: 77 ] قال في المستوعب : وحدها أبو الخطاب بما جعله الشرع بعيدا . وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية حرب : إذا كان الأب بعيد السفر زوج الأخ . قال الزركشي ، وقيل : يكتفى بمسافة القصر ; لأن الإمام أحمد رحمه الله اعتبر البعد في رواية أبي الحارث ، وأطلق . انتهى .

وقيل : ما تستضر به الزوجة . اختاره ابن عقيل . قاله في المستوعب . قلت : وهو الصواب . وقيل : ما يفوت به كفء راغب . قلت : وهو قوي أيضا .

فائدة :

من تعذرت مراجعته كالمأسور ، والمحبوس أو لم يعلم مكانه : فحكمه حكم البعيد . قاله في المغني ، والشرح ، والفروع ، وغيرهم . وقال في الكافي : إن لم يعلم وجود الأقرب بالكلية حتى زوج الأبعد يخرج على وجهين ، من انعزال الوكيل قبل علمه . قال بعض الأصحاب : وفيه نظر ; لأن الوكيل تثبت له ولاية التصرف قبل العزل ظاهرا وباطنا ، بخلاف هذا . وقال الزركشي : ظاهر كلام الخرقي : أن شرط تزويج الأبعد : الغيبة المذكورة فلو لم يعلم : أقريب هو ، أم بعيد ؟ لم يزوج الأبعد . وهو ظاهر إطلاق غيره . وقال أبو محمد في المغني : يزوج الأبعد والحال هذه . كذلك إذا علم أنه قريب ، ولكن لا يعلم مكانه . وهو حسن . مع أن كلام الخرقي لا يأباه . انتهى .

قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : وكذلك لو كان الولي مجهولا لا يعلم أنه عصبة ، ثم عرف بعد العقد . وكذا قال ابن رجب : لو زوجت بنت الملاعنة ، ثم استلحقها الأب . [ ص: 78 ] قال في القواعد الأصولية : لو لم يعلم وجود الأقرب ، حتى زوج الأبعد : خرجها في الكافي على روايتي انعزال الوكيل قبل علمه بالعزل . ورجح أبو العباس ، وشيخنا يعني به ابن رجب الصحة هنا . وقد يقال : كلام صاحب الكافي ليس في هذه الصورة ; لأنه لم يذكر الخلاف إلا فيما إذا كان الأقرب فاسقا ، أو مجنونا . وعادت ولايته بزوال المانع . فزوج الأبعد من غير علم بعود ولاية الأقرب . وإذا لم يعلم الولي بالأقرب بالكلية لم يتعرض لها . وقد يفرق بينهما بأن النسيب الأقرب إذا لم يعلم لم ينسب الأبعد إلى تفريط . فهو غير مقدور على استئذانه . فسقط الاستئذان بعدم العلم . فالأبعد حينئذ غير منسوب إلى تفريط ، بخلاف ما إذا كان الأقرب فيه مانع وزال . فإن الأبعد ينسب إلى تفريط ، إذا كان يمكنه حال العقد معرفة حال الأقرب . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية