صفحة جزء
قوله ( وإن زوج اثنان ، ولم يعلم السابق : فسخ النكاحان ) هذا إحدى الروايتين . وهو المذهب . جزم به الخرقي ، وصاحب الوجيز ، والمنور ، وغيرهم وقدمه في الخلاصة ، والشرح ، والمحرر والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع وغيرهم . [ ص: 89 ] واختاره أبو بكر في خلافه ، والمصنف في المغني ، فعلى هذا : يفسخه الحاكم . على الصحيح من المذهب وقاله القاضي في المجرد ، والتعليق ، والجامع الصغير ، وابن الزاغوني ، وأبو الخطاب والمصنف ، والمجد ، والشارح ، والناظم ، وغيرهم . وقدمه في الفروع . وهو ظاهر كلام المصنف هنا . قال ابن خطيب السلامية في نكته : هذا المشهور . وقال القاضي أيضا في المجرد ، وابن عقيل في الفصول : يفسخه كل واحد من الزوجين ، أو من جهة الحاكم . وهو صريح في أن للزوجين الفسخ بأنفسهما . وقاله في المستوعب ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . ويحتمله كلام المصنف هنا . قال الزركشي : ولعلهم أرادوا بإذن الحاكم . وعن أبي بكر يطلقانها . حكاه عنه ابن شاقلا .

قلت : هذا أحوط . قال ابن خطيب السلامية في نكته : فعلى هذا : هل ينقص هذا الطلاق العدد ، لو تزوجها بعد ذلك ؟ ينبغي أن لا يكون كذلك ; لأنه لا يتيقن وقوع الطلاق به . وعنه : النكاح مفسوخ بنفسه . فلا يحتاج إلى فاسخ . ذكره في النوادر . قال الإمام أحمد رحمه الله ، في رواية ابن منصور : ما أرى لواحد منهما نكاحا . وقدمه في التبصرة . وقال ابن أبي موسى : يبطل النكاحان . وهو أظهر ، وأصح . والرواية الثانية من أصل المسألة : يقرع بينهما . اختاره النجاد . والقاضي في التعليق ، والشريف ، وأبو الخطاب ، والشيرازي . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والكافي ، والزركشي . [ ص: 90 ] فعلى هذه الرواية : من قرع منهما جدد نكاحه بإذنها . كما قاله المصنف هنا . وهو الصحيح . جزم به في الكافي ، والمحرر ، والنظم ، وغيرهم . قال الزركشي : قال أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد : من خرجت له القرعة جدد نكاحه . وعنه : هي للقارع من غير تجديد عقد . اختاره أبو بكر النجاد . ونقله ابن منصور . قاله في الفروع .

قال الزركشي : هذا ظاهر كلام الجمهور : ابن أبي موسى ، والقاضي ، وأصحابه . وصرح به القاضي في الروايتين ، وابن عقيل . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والقواعد . واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله . ومال إليه في القواعد الفقهية . لكن اختلف نقل الزركشي وصاحب الفروع عن أبي بكر النجاد ، كما ترى . وأطلق الروايتين في الفروع ، والمذهب . فعلى القول بأنه يجدد نكاحه ، قال المصنف : ينبغي أن لا تجبر المرأة على نكاح من خرجت له القرعة ، بل لها أن تتزوج من شاءت منهما ومن غيرهما . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : وليس هذا بالجيد . فإنا على هذا القول إذا أمرنا المقروع بالفرقة وقلنا : لها أن لا تزوج القارع خلت منهما . فلا يبقى بين الروايتين فرق . ولا يبقى للقرعة أثر أصلا . بل تكون لغوا . وهذا تخليط . وإنما على هذا القول يجب أن يقال : هي زوجة القارع ، بحيث يجب عليه نفقتها وسكناها ، ولو مات ورثته . لكن لا يطؤها حتى يجدد العقد . فيكون تجديد العقد لحل الوطء فقط . هذا قياس المذهب . أو يقال : إنه لا يحكم بالزوجية إلا بالتجديد . ويكون التجديد واجبا عليه وعليها كما كان الطلاق واجبا على الآخر . وليس في كلام الإمام أحمد رحمه الله [ ص: 91 ] تعرض للطلاق . ولا لتجديد الآخر النكاح . فإن القرعة جعلها الشارع حجة وبينة تفيد الحل ظاهرا كالشهادة والنكول ، ونحوهما . انتهى .

وعلى رواية : أنه يقرع بينهما أيضا : يعتبر طلاق صاحبه . على الصحيح ، كما قاله المصنف . فإن أبى طلق الحاكم عليه . قال في الفروع : وعلى الأصح . ويعتبر طلاق صاحبه . فإن أبى فحاكم . واختاره النجاد ، والقاضي في الروايتين ، والجامع ، والخلاف وأبو الخطاب ، والمصنف ، والمجد ، وغيرهم . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والمحرر والنظم ، وغيرهم . قال ابن خطيب السلامية في نكته : وهذا أقرب . قال في القواعد : وفي هذا ضعف . فإن طلق قبل الدخول ، فهل يجب لها نصف المهر على أحدهما ، ويعين بالقرعة ، أم لا يجب لها شيء ؟ على وجهين . وحكي عن أبي بكر أنه اختار : أنه لا شيء لها . وبه أفتى أبو علي النجاد . ذكره في آخر القاعدة السادسة والخمسين بعد المائة . وعنه : لا يؤمر بالطلاق . ولا يحتاج إليه . حكاها ابن البنا وغيره . وقدمه في القواعد ، وقال : هذا ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية حنبل ، وابن منصور . انتهى . وقاله القاضي في المجرد ، وابن عقيل . وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى . وقدمه الزركشي . وأطلقهما في المستوعب . وقال في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، وعنه : من قرع فهو الزوج ، وفي اعتبار طلاق الآخر وجهان . وقيل : روايتان . [ ص: 92 ] وقيل : من قرع جدد عقدا بإذنها . وطلق الآخر مجانا . فإن أبى طلق عليه الحاكم . قال في الكبرى : في الأصح . قال في القواعد : قال طائفة من الأصحاب : يجدد الذي خرجت له القرعة النكاح ، لتحل له بيقين . وحكاه القاضي في كتاب الروايتين عن أبي بكر أحمد بن سليمان النجاد . ثم رده بأنه لا يبقى حينئذ معنى للقرعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية