صفحة جزء
قوله ( ولا للحر أن يتزوج أمته ، ولا أمة ابنه ) . لا يجوز للحر نكاح أمته بلا خلاف . وكذا لو كان له بعضها . صرح به في الرعاية . وليس له نكاح أمة ابنه . على الصحيح من المذهب . [ ص: 148 ] ذكره القاضي ومن بعده . وجزم به في المغني ، والشرح ، والوجيز ، وغيرهم . وقدمه في الفروع ، وغيره . وقيل : يجوز .

تنبيه :

قال ابن رجب : لا يجوز للأب الحر نكاح أمة ولده . ذكره القاضي ومن بعده . وذكروا أصله في المذهب . وهو وجوب إعفاف الابن أباه عند حاجته إلى النكاح . وإذا وجب عليه إعفافه كان واجدا للطول . قال : وعلى هذا المأخذ ، لا فرق بين أن يزوجه بأمته أو أمة غيره . وصرح به القاضي في الجامع . ولا فرق حينئذ بين الأب والجد من الطرفين . كذلك يلزم في سائر من يلزم إعفافه من الأقارب ، على الخلاف فيه . وصرح به ابن عقيل في الفصول . ولو كان الابن معسرا لا يقدر على إعفاف أبيه ، فهل للأب حينئذ أن يتزوج بأمته ؟ . ذكر أبو الخطاب في انتصاره احتمالين : الجواز ; لانتفاء وجوب الإعفاف . والمنع لشبهة الملك . وخرج أيضا : رواية بجواز نكاح الأب أمة ولده مطلقا من رواية عدم وجوب إعفافه . وللأصحاب في المنع مأخذ آخر . ذكره القاضي أيضا والأصحاب . وهو أن الأب له شبهة الملك في مال ولده . وشبهة الملك تمنع من النكاح . كالأمة المشتركة ، وأمة المكاتب . وعلى هذا المأخذ : يختص المنع بأمة الابن . وهل يدخل فيه الجد وإن علا من الطرفين ؟ فيه نظر . قال : وللمنع مأخذ ثالث . وهو أن الأب إذا تزوج أمة ولده فأولدها . فهل تصير بذلك مستولدة ، وينعقد ولده حرا أم لا تصير مستولدة ، وينعقد رقيقا ؟ [ ص: 149 ] ذكر القاضي : أن الولد ينعقد رقيقا ; لأن وطأه بعقد النكاح ليس تصرفا في مال ولده بحكم الأبوة ، بل هو تصرف بعقد يشاركه فيه الأجانب . فينعقد الولد رقيقا ، ولا تصير مستولدة . قال : وهذا مع القول بصحة النكاح ظاهر . وأما مع ظن صحته : ففيه نظر . وأما مع العلم ببطلانه : فبعيد جدا . وتردد ابن عقيل في فنونه في ثبوت حرية الولد واستيلاده ، كتردده في حكم النكاح . واستشكل القول ببطلانه مع رق الولد وعدم الاستيلاد . وكان أولا أفتى بالرق وعدم ثبوت الاستيلاد ، مستندا إلى صحة النكاح . قال ابن رجب : وهذا يقتضي أنه إذا حكم بفساد النكاح لزم حرية الولد واستيلاد أمه . قال : وهو أظهر ، كما لو نكح أحد الشريكين الأمة المشتركة ثم استولدها . وحينئذ يصير مأخذ المنع من النكاح معرضا للانفساخ بحصول الولد الذي هو مقصود العقد . فلا يصح . انتهى .

تنبيه :

ظاهر كلام المصنف وغيره : جواز تزويج الابن بأمة والده . وهو صحيح . وهو المذهب . وعليه الجمهور . وجزم به الوجيز ، وغيره . وصححه في الفروع ، وغيره . وقيل : لا يجوز . فعلى المذهب : لو تزوجها ، ثم قال لها : إذا مات أبي فأنت طالق . ثم مات الأب : فهل يقع الطلاق ؟ فيه وجهان .

أحدهما : يقع . اختاره القاضي في الجامع ، والخلاف ، وابن عقيل في عمد . الأدلة ، وأبو الخطاب ; لأن الموت يترتب عليه وقوع الطلاق . والملك سبق انفساخ النكاح . فقد سبق نفوذ الطلاق الفسخ ، فنفذ . [ ص: 150 ]

والوجه الثاني : لا يقع . اختاره القاضي في المجرد ، وابن عقيل في الفصول ; لأن الطلاق قارن المانع ، وهو الملك . فلم ينفذ . وقدمه للمصنف في باب الطلاق في الماضي والمستقبل . ويأتي هناك إن شاء الله محررا . ومثل هذه المسألة : لو تزوج أمة ، وقال " إن اشتريتك فأنت طالق " فيه الوجهان . وإن قلنا : ينتقل الملك مع الخيار وهو الصحيح لم يقع الطلاق . وإن قلنا : لا ينتقل : وقع الطلاق ، وجها واحدا . ذكره أبو الخطاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية