صفحة جزء
فوائد :

إحداها : اختار الشيخ تقي الدين رحمه الله صحة شرط : أن لا يتزوج عليها ، أو إن تزوج عليها فلها أن تطلق نفسها . الثانية : ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي الحارث صحة دفع كل واحد من الزوجين إلى الآخر مالا على أن لا يتزوج . أما الزوج : فمطلقا . وأما الزوجة : فبعد موت زوجها . ومن لم يف بالشرط لم يستحق العوض ; لأنها هبة مشروطة بشرط . فتنتفي بانتفائه . وقال المجد في شرحه : لو شرط أحد الزوجين على الآخر أن لا يتزوج بعده . فالشرط باطل في قياس المذهب . ووجهه : أنه ليس في ذلك غرض صحيح ، بخلاف حال الحياة . واقتصر في الفروع على ذكر رواية أبي الحارث . وتقدم في باب الموصى له " لو أوصى لأم ولده على أن لا تتزوج " . [ ص: 156 ]

الثالثة : قال للشيخ تقي الدين رحمه الله : لو خدعها فسافر بها ، ثم كرهته : لم يكن أن يكرهها بعد ذلك . قال ابن نصر الله في حواشيه على الفروع : هذا إذا لم تسقط حقها : واضح . أما لو أسقطت حقها من الشرط : احتمل أن يكون لها الرجوع فيه ، كهبة حقها من القسم . واحتمل أن لا يكون لها العودة فيه كما لو أسقطت حقها من بعض مهرها المسمى . والفرق واضح . فذكره . انتهى .

قلت : الصواب أنها إذا أسقطت حقها يسقط مطلقا . وقال أيضا : لو شرط أن لا يخرجها من منزل أبويها فمات الأب . فالظاهر : أن الشرط يبطل . ويحتمل أن لا يخرجها من منزل أمها إلا أن تتزوج الأم . ولو تعذر سكنى المنزل ، لخراب أو غيره . فهل يسقط حقها من الفسخ بنقلها عنه ؟ أفتيت بأنه إن نقلها إلى منزل ترتضيه هي ، فلا فسخ . وإن نقلها إلى منزل لا ترتضيه ، فلها الفسخ . ولم أقف فيه على نقل . انتهى .

قلت : الصواب أن له أن يسكن بها حيث أراد ، سواء رضيت أو لا . لأنه الأصل ، والشرط عارض ، وقد زال . فرجعنا إلى الأصل . وهو محض حقه . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن شرط لها أن يسكنها بمنزل أبيه ، فسكنت . ثم طلبت سكنى منفردة ، وهو عاجز : لا يلزمه ما عجز عنه ، بل لو كان قادرا ليس لها على قول في مذهب الإمام أحمد رحمه الله غير ما شرطت لها . قال في الفروع : كذا قال . قال : والظاهر أن مرادهم صحة الشرط في الجملة بمعنى ثبوت الخيار لها بعدمه ، لا أنه يلزمها ; لأنه شرط لحقها لمصلحتها ، لا لحقه لمصلحته ، حتى يلزم في حقها . ولهذا لو سلمت نفسها من شرطت دارها فيها أو في داره : لزم . انتهى .

[ ص: 157 ] وقال ابن القيم رحمه الله في الهدي : الشرط العرفي كالمشروط لفظا . وأطال في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية