صفحة جزء
قوله ( القسم الثالث : مشترك بينهما . وهو : الجذام ، والبرص ، والجنون ، سواء كان مطبقا ، أو يخنق في الأحيان ) . وقال في الواضح : جنون غالب . وقال في المغني : أو إغماء ، لا إغماء مريض لم يدم . قال الزركشي : فإن زال العقل بمرض فهو إغماء لا يثبت خيارا . [ ص: 195 ] فإن دام بعد المرض فهو جنون .

قوله ( واختلف أصحابنا في البخر ، واستطلاق البول ، والنجو ، والقروح السيالة في الفرج ، والناسور ، والباسور ، والخصي . وهو قطع الخصيتين ، والسل ، وهو سل البيضتين ، والوجء وهو رضهما . وفي كونه خنثى ، وفيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله ، أو حدث به العيب بعد العقد . هل يثبت الخيار ؟ على وجهين ) . وأطلقهما في المحرر ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، والفروع ، وتجريد العناية والحاوي الصغير ، والزركشي . وأطلقهما في الرعايتين ، فيما سوى الخصي والسل والوجء . وأطلقهما في البلغة في الجميع ، إلا فيما إذا حدث به عيب بعد العقد . وأطلق في المستوعب ، وشرح ابن رزين : الخلاف فيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله . وأطلق في المذهب الخلاف في الخصي ، والسل ، والوجء . وإذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله . أحدهما : يثبت الخيار في ذلك كله . جزم به في الوجيز . وصححه في التصحيح ، واختاره ابن القيم . وصححه في النظم فيما إذا حدث العيب بعد العقد . واختاره ابن عبدوس في تذكرته في غير ما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله ، أو حدث العيب بعد العقد . واختاره أبو البقاء في الجميع . وزاد : وكل عيب يرد به المبيع . قال الزركشي : وهو غريب .

[ ص: 196 ] وقال أبو بكر ، وأبو حفص : يثبت الخيار فيما إذا كان أحدهما لا يستمسك بوله ولا نحوه . قال أبو الخطاب : فيخرج على ذلك من به باسور ، وناسور ، وقروح سيالة في الفرج . قال أبو حفص : والخصاء عيب يرد به . وقال أيضا أبو بكر ، وابن حامد : يثبت الخيار بالبخر . وقال في المستوعب : إذا وجد أحد الزوجين خنثى فله الخيار في أظهر الوجهين . واختار القاضي في تعليقه الجديد قاله الزركشي ، وصاحب المجرد . قاله الناظم والشريف ، وأبو الخطاب في خلافيهما ، والشيرازي ، والمصنف ، والشارح ثبوت الخيار فيما إذا حدث العيب بعد العقد . وهو ظاهر كلام الخرقي فيه . وقدم في الرعايتين : " ثبوت الخيار بالخصي والسل والوجء . وصحح في المذهب ثبوت الخيار في البخر ، واستطلاق البول والنجو ، والبخر ، والناسور ، والباسور ، والقروح السيالة في الفرج ، والخنثى المشكل . وحدوث هذه العيوب بعد العقد . والوجه الثاني : لا يثبت الخيار بذلك كله . وهو مفهوم كلام الخرقي ; لأنه ذكر العيوب التي يثبت بها الخيار في فسخ النكاح . ولم يذكر شيئا من هذه . وقدم ابن رزين في شرحه غير ما تقدم إطلاق الخلاف فيه . وإليه ميل المصنف ، والشارح ، في غير حدوث العيب بعد العقد . وظاهر كلام أبي حفص : أنه لا يثبت الخيار بالبخر مع كونه عيبا . وذكر القاضي في المجرد : لو حدث به عيب بعد العقد لا يملك به الفسخ . قاله الزركشي . وهو مناقض لما تقدم عنه فيه . [ ص: 197 ] واختاره أيضا في التعليق القديم . اختاره أبو بكر في الخلاف ، وابن حامد ، وابن البنا . وصححه في البلغة . وقدمه في النظم .

تنبيهات :

أحدها : قوله في البخر " وهو نتن الفم " هو الصحيح . قال ابن منجا : هذا المذهب . واختاره أبو بكر . وقدمه في المغني ، والبلغة ، والشرح ، والرعايتين . وقال ابن حامد : نتن في الفرج يثور عند الوطء . قال المصنف ، والشارح : إن أراد أنه يسمى بخرا ويثبت به الخيار ، وإلا فلا معنى له ; لأن نتن الفم يمنع مقاربة صاحبه إلا على كره . وقال في الفروع : البخر يشملهما . وقال في المحرر ، والنظم ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيره : في كل منهما وجهان في ثبوت الخيار به . وجزم ابن عبدوس في تذكرته بثبوت الخيار بهما . وقال في المستوعب بعد أن ذكر الخلاف بين أبي بكر وابن حامد : وعلى قول أبي بكر ، وابن حامد : يثبت الخيار . وظاهر كلام الخرقي ، وأبي حفص : أنه عيب لا يثبت به خيار . الثاني : ظاهر قوله ( وفي كونه خنثى ) أنه سواء كان مشكلا وقلنا يجوز نكاحه أو غير مشكل . وهو ظاهر ما قدمه في الفروع . وقال : قاله جماعة . وجزم به في المستوعب ، وتذكرة ابن عبدوس . وقال في الفروع : وخصه في المغني بالمشكل . وفي الرعاية عكسه . قلت : ظاهر كلامه في المغني : يخالف ما قال . فإنه قال : وفي البخر ، وكون أحد الزوجين خنثى : وجهان . وأطلق الخنثى . [ ص: 198 ] وقال في الرعايتين : ويكون أحدهما خنثى غير مشكل أو مشكلا . وصح نكاحه في وجه . انتهى .

فما نقله المصنف عنهما مخالف لما هو موجود في كتابيهما . والله أعلم . وقال في المحرر ، والوجيز ، والحاوي الصغير " وكون أحدهما خنثى غير مشكل " فخصوا " الخنثى " بكونه غير مشكل ، وخصه في المذهب بكونه مشكلا . الثالث : كثير من الأصحاب حكوا الخلاف في ذلك كله وجهين . وحكى ابن عقيل في البخر روايتين . وحكى في الترغيب ، والبلغة فيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله روايتين . الرابع : ظاهر كلام المصنف : أن ما عدا ما ذكره لا يثبت به خيار . وكذا قال الشارح ، والزركشي . وأطلق في الفروع في ثبوت الخيار بالاستحاضة ، والقرع في الرأس إذا كان له ريح منكرة الوجهين . وأطلقهما في الاستحاضة في الرعايتين ، والحاوي الصغير . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : يثبت بالاستحاضة الفسخ في أظهر الوجهين . قلت : الصواب ثبوت الخيار بذلك . وألحق ابن رجب بالقرع روائح الإبط المنكرة التي تثور عند الجماع . وأجرى في الموجز الخلاف في بول الكبير في الفراش . واختار ابن عقيل في الفصول : ثبوت الخيار بنضو الخلق ، كالرتق . واختار ابن حمدان ثبوت الخيار فيما إذا كان الذكر كبيرا والفرج صغيرا . وعن أبي البقاء العكبري : ثبوت الخيار بكل عيب يرد به المبيع ، كما تقدم قريبا . [ ص: 199 ] وقال أبو البقاء أيضا : لو ذهب ذاهب إلى أن الشيخوخة في أحدهما يفسخ بها : لم يبعد . وقال ابن القيم رحمه الله في الهدي فيمن به عيب ، كقطع يد أو رجل ، أو عمى ، أو خرس ، أو طرش ، وكل عيب يفر الزوج الآخر منه ، ولا يحصل به مقصود النكاح من المودة والرحمة : يوجب الخيار ، وأنه أولى من البيع . وإنما ينصرف الإطلاق إلى السلامة . فهو كالمشروط عرفا . انتهى .

قلت : وما هو ببعيد . وما في معناه إن لم يكن دخل في كلامه من عرف بالسرقة . ونقل ابن منصور : إذا كان عقيما : أعجب إلي أن يبين لها . ونقل حنبل : إذا كان به جنون أو وسواس ، أو تغير في عقل ، وكان يعبث ويؤذي : رأيت أن أفرق بينهما . ولا يقيم على هذا . الخامس : مفهوم قوله " وإن وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله " أنه إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به من غير جنسه : ثبت به الخيار . وهو صحيح . وهو المذهب . قال في البلغة ، والفروع : والأصح ثبوته إن تغايرت . ولم يستثن شيئا . ويستثنى من ذلك : إذا وجد المجبوب المرأة رتقاء . قال المصنف ، والشارح : فينبغي أن لا يثبت لهما الخيار . وقيل : حكمه كالمماثل . وقدمه في الفروع . قوله ( وإن علم بالعيب وقت العقد ، أو قال : قد رضيت به معيبا أو وجد منه دلالة على الرضى : من وطء ، أو تمكين . مع العلم بالعيب : فلا خيار له ) . بلا خلاف في العلم بالعيب ، أو الرضى به . وأما التمكين : فيأتي .

التالي السابق


الخدمات العلمية