صفحة جزء
قال في المستوعب : الخلوة تقوم مقام الدخول في أربعة أشياء : تكميل الصداق ، ووجوب العدة ، وملك الرجعة إذا طلقها دون الثلاث ، وثبوت الرجعة إن كانت مطلقة بعد الدخول . وقيل : هذه الخلوة دون الثلاث . انتهى . [ ص: 285 ] ولا يتعلق بالخلوة بقية حكم الوطء . على الصحيح من المذهب . وقيل : كمدخول بها . إلا في حلها لمطلقها ، وإحصان . قاله في الفروع . ونقل أبو الحارث وغيره : هي كمدخول بها . ويجلدان إذا زنيا . انتهى .

وأما لحوق النسب : فقال ابن أبي موسى : روى الإمام أحمد رحمه الله في صائم خلا بزوجته ، وهي نصرانية . ثم طلقها قبل المسيس ، وأتت بولد ممكن روايتان .

إحداهما : يلزمه . لثبوت الفراش . وهي أصح .

والأخرى : قال : لا يلزمه الولد إلا بالوطء . انتهى .

ولو اتفقا على أنه لم يطأ في الخلوة : لزم المهر والعدة . نص عليه ; لأن كلا منهما مقر بما يلزمه . وذكر ابن عقيل وغيره في تنصيف المهر هنا : روايتين . إذا علم ذلك ، فالخلوة مقررة للمهر لمظنة الوطء . ومن الأصحاب من قال : إنما قررت المهر لحصول التمكين بها . وهي طريقة القاضي . وردها ابن عقيل ، وقال : إنما قررت لأحد أمرين : إما لإجماع الصحابة . وهو حجة . وإما لأن طلاقها بعد الخلوة بها ، وردها زهدا منه فيها : فيه ابتذال لها وكسر . فوجب جبره بالمهر . وقيل : بل المقرر هو استباحة ما لا يباح إلا بالنكاح من المرأة . فدخل في ذلك الخلوة واللمس بمجردهما . وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية حرب . ذكره في القواعد . فلو خلا بها ، ولكن بهما مانع شرعي كإحرام وحيض ، وصوم أو حسي كجب ، ورتق ، ونضاوة تقرر المهر ، على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . [ ص: 286 ] قال الزركشي : وهو المختار للأصحاب . وقال : اتفقوا فيما علمت أن هذا هو المذهب . انتهى .

وهو من مفردات المذهب . وقدمه المصنف ، والشارح ، وغيرهما . وعنه : لا يقرره . وأطلقهما في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . وعنه : يقرره ، إن كان المانع به ، وإلا فلا . وهو قول في الرعاية . قال في المستوعب : إن خلا بها وهو مدنف ، أو صائم ، أو محرم ، أو مجبوب : استقر الصداق . رواية واحدة . وإن خلا بها وهي محرمة ، أو صائمة ، أو رتقاء ، أو حائض : كمل الصداق في أشهر الروايتين . وقال في الرعاية : وعنه يكمل ، مع ما لا يمنع دواعي الوطء . بخلاف صوم رمضان والحيض ، والإحرام بنسك ونحوها . قال القاضي : إن كان المانع لا يمنع دواعي الوطء كالجب والعنة والرتق والمرض والحيض والنفاس وجب الصداق . وإن كان يمنع دواعيه كالإحرام وصيام الفرض فعلى روايتين . قال المصنف ، والشارح : وعنه رواية ، إن كانا صائمين صوم رمضان : لم يكمل الصداق . وإن كان غيره : كمل . انتهى .

وقيل : إن خلا بها وهو مرتد أو صائم أو محرم أو مجبوب : استقر الصداق . وإن كانت صائمة أو محرمة أو رتقاء أو حائضا : كمل الصداق على الأصح وتقدم كلامه في المستوعب .

تنبيه :

قال الزركشي ، وغيره بعد أن ذكر الروايتين : اختلفت طرق الأصحاب في هذه المسألة . فقال أبو الخطاب في خلافه ، والمجد ، والقاضي في الجامع فيما نقله عنه في القواعد : محل الروايتين في المانع ، سواء كان من جهته أو من [ ص: 287 ] جهتها ، شرعيا كان كالصوم والإحرام والحيض أو حسيا كالجب والرتق ونحوهما . وقال القاضي في الجامع ، والشريف في خلافه محلهما : إن كان المانع من جهتها . أما إن كان من جهته : فإن الصداق يتقرر بلا خلاف . ونسب هذه الطريقة في القواعد إلى القاضي في خلافه . وقال القاضي في المجرد فيما أظن وابن البناء : محلهما إذا امتنع الوطء ودواعيه ، كالإحرام والصيام . فأما إن كان لا يمنع الدواعي كالحيض والجب والرتق فيستقر رواية واحدة . ونسب هذه الطريقة في القواعد إلى القاضي في المجرد ، وابن عقيل في الفصول . وقال القاضي في الروايتين : محلهما في المانع الشرعي . أما المانع الحسي : فيتقرر معه الصداق . وهي قريبة من التي قبلها . ويقرب منها طريقة المصنف في المغني : أن المسألة على ثلاث روايات .

الثالثة : إن كان المانع متأكدا كالإحرام والصيام لم يكمل ، وإلا كمل . انتهى .

وهذه الرواية الثالثة لم يصرح الإمام أحمد رحمه الله فيها بالإحرام . وإنما قاسه المصنف على الصوم الذي صرح به الإمام أحمد . ومما يقرر المهر أيضا : اللمس والنظر إلى فرجها ونحوه لشهوة . حتى تقبيلها بحضرة الناس . نص عليه . وهي من المفردات . وقدمه في الفروع . وخرجه ابن عقيل على المصاهرة . وقاله القاضي مع الخلوة وقال : إن كان ذلك عادته : تقرر ، وإلا فلا . هكذا نقله في الفروع . قلت : قال ابن عقيل في التذكرة : إن كان ممن يقبل أو يعانق بحضرة الناس عادة : كانت خلوة منه ، وإلا فلا . ونقله عنه في المستوعب ، والبلغة ، والقواعد . [ ص: 288 ] فلعل قول صاحب الفروع " وقال : إن كان ذلك عادته : تقرر " عائد إلى ابن عقيل ، لا إلى القاضي . أو يكون ابن عقيل وافق القاضي . ويكون لابن عقيل فيها قولان . قال في القواعد : والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في رواية مهنا أنه إذا تعمد النظر إليها ، وهي عريانة تغتسل : وجب لها المهر . ولا يقرره النظر إليها ، على الصحيح من المذهب . وعنه : بلى [ إذا كانت غير عريانة . فأما إن كانت عريانة ، وتعمد النظر إليها فالمنصوص : أنه يجب لها المهر ] قال في الرعاية : ويقرره النظر إليها عريانة . وقطع ناظم القواعد : أن النظر إلى فرجها يقرر المهر . قال في القواعد : أما مقدمات الجماع كاللمس لشهوة ، والنظر إلى الفرج ، أو إلى جسدها وهي عريانة فمن الأصحاب من ألحقه بالوطء . وهو المذهب . ومنهم : من خرجه على وجهين ، أو روايتين ، من الخلاف في تحريم المصاهرة به [ ولم يقيده فيهما بالشهوة ; لأن قصد النظر إلى الفرج ، أو إلى جسدها وهي عريانة : لا يكون إلا لشهوة ، بخلاف اللمس . إذ الغالب فيه عدم اقترانه بالشهوة فلذلك قيده فيه بها ] انتهى .

فإن تحملت بماء الزوج . ففي تقرير الصداق به وجهان . وأطلقهما في الفروع . وقال : ويلحقه نسبه . قلت : ظاهر كلام كثير من الأصحاب : أنه لا يقرره . وقال في الرعاية : ولو استدخلت مني زوج أو أجنبي بشهوة : ثبت النسب ، والعدة ، والمصاهرة . ولا تثبت رجعة ، ولا مهر المثل . ولا يقرر المسمى . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية