صفحة جزء
قوله ( وإن سافر عنها أكثر من ستة أشهر ، فطلبت قدومه : لزمه ذلك . إن لم يكن عذر ) .

قال الإمام أحمد رحمه الله ، في رواية حرب : قد يغيب الرجل عن أهله أكثر من ستة أشهر فيما لا بد له منه .

قال القاضي : معنى هذا : أنه قد يغيب في سفر واجب كالحج ، والجهاد فلا يحتسب عليه بتلك الزيادة ; لأنه معذور فيها ; لأنه سفر واجب عليه . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : فالقاضي جعل الزيادة على الستة الأشهر لا تجوز إلا لسفر واجب ، كالحج والجهاد ونحوهما .

[ فشرطه أن يكون واجبا : ولو كان سنة أو مباحا أو محرما ، كتغريب زان ، وتشريد قاطع طريق فإن كان مكروها فاحتمالان للأصحاب ] وكلام الإمام أحمد رحمه الله : يقتضي أنه مما لا بد له منه . وذلك يعم الواجب الشرعي ، وطلب الرزق الذي هو محتاج إليه . انتهى .

قلت : قد صرح الإمام أحمد رحمه الله بما قال . فقال في رواية ابن هانئ وسأله عن رجل تغيب عن امرأته أكثر من ستة أشهر ؟ قال : إذا كان في حج ، أو غزو ، أو مكسب يكسب على عياله . [ ص: 356 ] أرجو أن لا يكون به بأس ، إن كان قد تركها في كفاية من النفقة لها ، ومحرم رجل يكفيها . قوله ( فإن أبى شيئا من ذلك ، ولم يكن له عذر ، فطلبت الفرقة : فرق بينهما ) . ولو قبل الدخول . نص عليه . يعني : حيث قلنا بوجوب المبيت والوطء والقدوم ، وأبى ذلك من غير عذر . وحيث قلنا : بعدم الوجوب . فليس لها ذلك مع امتناعه منه وهذا المذهب . جزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والوجيز ، وغيرهم . ونصره المصنف ، والشارح . قال في الترغيب : هو صحيح المذهب . وقدمه في المحرر ، والفروع . وهو من مفردات المذهب . وعنه : لا يفرق بينهما . قال في المغني والشرح : فظاهر قول أصحابنا : أنه لا يفرق بينهما بذلك . وهو قول أكثر الفقهاء .

تنبيه :

ظاهر كلامه : أنها لو طلبت قدومه من السفر بعد ستة أشهر ، وأبى من القدوم : أن لها الفسخ . سواء قلنا : الوطء واجب عليه ، أم لا . وهو أحد الوجهين . قدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير . قلت : وهو الصواب . وقيل : ليس لها الفسخ ، إلا إذا قلنا : بوجوب الوطء . وهو ظاهر ما جزم به في تجريد العناية . قلت : وهو بعيد جدا . وأطلقهما في الفروع . وقال ابن عقيل في المفردات وقيل : قد يباح الفسخ . [ ص: 357 ] وطلاق الحاكم لأجل الغيبة ، إذا قصد بها الإضرار ، بناء على ما إذا ترك الاستمتاع بها من غير يمين أكثر من أربعة أشهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية