صفحة جزء
قوله ( فإن خرجا إلى الشقاق والعداوة : بعث الحاكم حكمين حرين مسلمين عدلين ) ويكونان مكلفين . اشتراط الإسلام ، والعدالة في الحكمين : متفق عليه . وقطع المصنف هنا باشتراط الحرية فيهما . وهو الصحيح من المذهب اختاره القاضي . قال في الرعايتين : حرين على الأصح . وصححه في النظم ، وتصحيح المحرر وجزم به في المذهب ، ومسبوك الذهب ، والخلاصة ، وتذكرة ابن عبدوس وقيل : لا تشترط الحرية . وهو ظاهر الهداية ، والبلغة ، والوجيز ، وجماعة . فإنهم لم يذكروه . وأطلقهما في المحرر ، والحاوي الصغير ، والفروع ، والزركشي . وقال المصنف في المغني ، والكافي ، قال القاضي : ويشترط كونهما حرين . والأولى أن يقال : إن كانا وكيلين : لم تعتبر الحرية . وإن كانا حكمين : اعتبرت الحرية . وقدم الذي ذكره في المغني : أنه الأولى في الكافي . [ ص: 380 ] تنبيه :

ظاهر كلام المصنف : أنه لا يشترط كونهما فقيهين وهو ظاهر كلامه في المذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والوجيز ، والحاوي ، وغيرهم لعدم ذكره . وهو أحد الوجهين . وقدمه في الرعاية الكبرى . والوجه الثاني : يشترط . قال الزركشي : يشترط أن يكونا عالمين بالجمع والتفريق . انتهى .

قلت : أما اشتراط ذلك : فينبغي أن يكون بلا خلاف في المذهب . وأطلقهما في الفروع . وقال في الكافي : ومتى كانا حكمين ، اشترط كونهما فقيهين . وإن كانا وكيلين : جاز أن يكونا عاميين . قلت : وفي الثاني ضعف . وقال في الترغيب : لا يشترط الاجتهاد فيهما . وظاهر كلام المصنف وغيره : اشتراط كونهما ذكرين . بل هو كالصريح في كلامه . وقطع به في المغني ، والشرح ، والنظم ، والوجيز ، وغيرهم . وقال الزركشي : وقد يقال : بجواز كونها أنثى ، على الرواية الثانية . قوله ( فإن امتنعا من التوكيل ) يعني الزوجين ( لم يجبرا ) . اعلم أن الصحيح من المذهب : أن الحكمين وكيلان عن الزوجين . لا يرسلان إلا برضاهما وتوكيلهما . فإن امتنعا من التوكيل : لم يجبرا عليه . قال الزركشي : هذا المشهور عند الأصحاب ، حتى إن القاضي في الجامع الصغير والشريف أبا جعفر ، وابن البنا : لم يذكروا فيه خلافا . ورضيه أبو الخطاب . [ ص: 381 ] قال في تجريد العناية : هذا أشهر . وقطع به في الوجيز ، والمنور ، ومنتخب الأزجي ، وغيرهم . وقدمه في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والهادي ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والنظم ، والفروع ، وغيرهم . وعنه : أن الزوج إن وكل في الطلاق بعوض أو غيره ، أو وكلت المرأة في بذل العوض برضاهما ، وإلا جعل حاكم إليهما ذلك . فهذا يدل على أنهما حكمان يفعلان ما يريان : من جمع ، أو تفريق بعوض ، أو غيره من غير رضا الزوجين . قال الزركشي : وهو ظاهر الآية الكريمة . انتهى .

واختاره ابن هبيرة ، والشيخ تقي الدين رحمهما الله . وهو ظاهر كلام الخرقي . قاله في الفروع . وأطلقهما في الكافي ، والشرح .

تنبيه :

لهذا الخلاف فوائد . ذكرها المصنف ، وغيره . منها : لو غاب الزوجان ، أو أحدهما : لم ينقطع نظر الحكمين على الرواية الأولى وينقطع على الثانية . هذا هو الصحيح من المذهب . وعليه جمهور الأصحاب . وقيل : لا ينقطع نظرهما أيضا على الثانية . وهو احتمال في الهداية . ومنها : لو جنا جميعا ، أو أحدهما : انقطع نظرهما على الأولى . ولم ينقطع على الثانية ; لأن الحاكم يحكم على المجنون . هذا هو الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم المصنف في المغني ، والكافي : بأن نظرهما ينقطع أيضا على الرواية الثانية لأنه لا يتحقق معه بقاء الشقاق ، وحضور المدعيين ، وهو شرط .

فائدة :

لا يصح الإبراء من الحكمين إلا في الخلع خاصة ، من وكيل المرأة فقط . قاله المصنف ، والشارح ، وصاحب الفروع ، وغيرهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية