صفحة جزء
[ ص: 18 ] قوله ( وإن قال : دمك طالق ، طلقت ) هذا الصحيح من المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الهداية ، والخلاصة ، وشرح ابن منجا ، وشرح المحرر ، والشارح ، وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز ، واختاره ابن عبدوس في تذكرته ، قال الناظم هذا أولى ، وقدمه في المحرر ، والفروع ، وقيل : لا تطلق ، وجزم به في الترغيب ، قال في المستوعب : قال ابن البنا : لا تطلق ، واقتصر عليه ، وأطلقهما في الرعايتين ، والحاوي الصغير .

فائدة : لو قال " لبنك أو منيك طالق " فقيل : هما كالدم ، اختاره في الرعاية قال في الفروع : ومني كدم ، وقيل : بعدم الوقوع ، قدمه في الرعاية ، وجزم به في المستوعب في اللبن ، [ نسب تقديمه إلى صاحب الفروع فيه ، واختاره في الرعاية وغيرها ، وقيل : بعدم الوقوع فيهما ، وقدمه في الرعاية ، والفروع ، وغيرهما ، وجزم به في المستوعب ، والمغني في موضعين في اللبن ، وينبغي أن يقال عن هذا القول : إنه قدمه في الفروع أيضا ، فإنه مدلوله ، كما لا يخفى على من تأمله ، فإنه قال فيه ، وقيل : تطلق بسن وظفر وشعر ، وقيل : وسواد ، وبياض ، ولبن ، ومني كدم ، وفيه وجه وجزم به في الترغيب . انتهى . ففهم بعضهم منه أن قوله " ولبن ومني " مرفوعان استئنافا ، وليس كذلك فإنه لم يسبق له في الفروع ذكر حكم الدم ، بل الظاهر جرهما عطفا على ما قبلهما ، وحينئذ يستقيم الكلام ، ويؤيده الجزم في المغني فيها بعدم الوقوع في اللبن في موضعين منه ، كما نقلته [ ص: 19 ] عنه هنا ، وعنه جزم المستوعب . حيث قاس الشعر والظفر والسن والدمع والعرق في عدم الوقوع بها عليها ، وإذا كان كذلك في اللبن ففي المني ، كذلك أيضا ، لاشتراكهما عند صاحب الفروع في الحكم ويأتي أيضا ، وإن اختلف الحكم ، نظرا للتقديرين السابقين في حل قول الفروع ، فليتأمل ] .

قوله ( وإن قال : شعرك أو ظفرك أو سنك طالق ، لم تطلق ) وهذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقيل : تطلق ، وهو احتمال في المحرر ، ووجه في المذهب ، وأطلقهما فيه .

فائدة : لو قال " سوادك أو بياضك طالق " لم تطلق ، على الصحيح من المذهب ، جزم به في الكافي ، والرعاية الكبرى ، وقدمه في الفروع [ وغيره ] ، وقيل : تطلق ، قوله ( وإن أضافه إلى الريق والدمع والعرق والحمل : لم تطلق ) هذا المذهب ، وعليه الأصحاب ، ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله ، وقال في الانتصار : هل يقع ويسقط القول بإضافته إلى صفة كسمع وبصر ؟ [ ونحوهما ] إن قلنا تسمية [ الكل ] الجزء عبارة عن الجميع [ كناية أو مجازا ] وهو ظاهر كلامه [ يعني الإمام أحمد ] صح ، وإن قلنا بالسراية فلا . قوله ( وإن قال : روحك طالق طلقت ) وهو المذهب ، قال في المذهب ، ومسبوك الذهب : وإن قال " روحك طالق " وقع الطلاق في أصح الوجهين ، اختاره ابن عبدوس في تذكرته ، وقدمه في الهداية ، والخلاصة ، والمحرر ، والشرح ، والنظم ، وتجريد العناية .

[ ص: 20 ] ( وقال أبو بكر : لا تطلق ) فقال : لا يختلف قول الإمام أحمد رحمه الله : أنه لا يقع طلاق و [ لا ] ظهار ، و [ لا ] عتق ، و [ لا ] حرام بذكر الشعر والظفر والسن والروح ، وبذلك أقول . انتهى . وجزم به في الوجيز ، وهذا ظاهر ما قدمه في الفروع ، فإنه قال : وإن طلق جزءا مبهما أو مشاعا أو معينا أو عضوا ، طلقت ، نص عليه ، وعنه : وكذا الروح : اختاره أبو بكر ، وابن الجوزي ، وجزم به في التبصرة . انتهى . وما ذكره عن أبي بكر فيه نظر ، ويرده ما نقله [ آنفا وما نقله ] هو عنه [ في محل آخر أيضا ] ، ثم وجدت ابن نصر الله في حواشي الفروع نقل عن القاضي علاء الدين بن مغلي : أنه جزم بأن هذا يغلب على صاحب الفروع [ في الكلام ] يعني قوله : " وكذا الروح " وأنه معطوف على قوله " جزءا معينا " وأن مراده : أنها تطلق بالروح على هذه الرواية ، لكنه وهم في عزوها إلى أبي بكر . انتهى . وهو كما قال : قال شيخنا في حواشي الفروع : الظاهر أن ذكر أبي بكر سهو ، وقال في الرعاية الكبرى : والنص عدم الوقوع ، قال في المستوعب : توقف الإمام أحمد رحمه الله فيها ، وأطلقهما في المستوعب ، والكافي ، والبلغة ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، [ وهذا بناء على أن الإشارة في قوله في الفروع " وكذا الروح إلى آخره " إلى الوقوع في المسألة التي قبلها ، وهو الظاهر من العبارة ، وقد أوله به ابن نصر الله في حاشيته عليه ، فجعل مرجع الإشارة فيه هو قوله " بخلاف زوجتك بعض وليتي " أي فلا تطلق في هذه المسألة الأخرى : المشبهة بها فيه لها ، فالتشبيه في أصل انتفاء الحكم ، وإن اختلف منطق الانتفاءين حينئذ ، فيكون المقدم في الفروع هو الوقوع في الروح ، كذا مسألة الحياة الآتية بعدها [ ص: 21 ] إن قيل : إن قوله فيه " وكذا الحياة " عطف على قوله " وكذا الروح " وقيل : إنه عطف على جملة قوله " وكذا الروح " فيكون قد حكي فيه الخلاف فيها ، والراجح فيه عدم الوقوع عنده ، كما جعله ابن نصر الله في حواشيه عليه مقتضى كلامه فيها ، خلافا لما سيأتي قريبا من الجزم بالوقوع ] .

فوائد . إحداها : لو قال " حياتك طالق " طلقت [ كبقائك أو نفسك بسكون الفاء لا بفتحها فإنه كريحك وهوائك ورائحتك ، وظاهر الفروع : أنها لا تطلق ، وجعله ابن نصر الله في حاشيته عليه مقتضى كلامه فيه ، وكمسألة الروح والدم ، وإن كان المذهب فيهما كالوقوع كما ذكر ، والذي ينبغي أن يقال : إن فيها الخلاف كالروح والدم ونحوهما ، فينبغي أن يكون المذهب فيها كلها عدم الوقوع كإضافة الطلاق إلى السواد والبياض ونحوهما كالرائحة لكونها أعراضا والحياة عرض باتفاق المتكلمين ، كالبقاء والروح والروح والرائحة والريح والهواء ، بخلاف الروح ، وهذا ما ظهر لي من تحرير هذا المحل ، وكما هو في كتب غيرنا ، كالشافعية وغيرهم ، لكن الحياة عرض كالهواء لا يستغني الحيوان عنها كالروح والدم ، والبقاء والنفس بالسكون لا بالفتح بخلاف السواد والبياض ونحوهما ، فإن الحيوان يعيش بدونها لا بدون جميع الأعراض كلها ، وليس الكلام فيها جميعا ] . الثانية : قال في الفروع : هنا لو قال " أنت طالق شهرا ، أو بهذا البلد " صح ويكمل بخلاف بقية العقود . انتهى . فالظاهر أنه وضع هذه المسألة هنا لكونها شبيهة بتطليق عضو منها ، فكما أنها تطلق كلها بتطليق عضو منها [ أو ببعضها ] فكذلك تطلق أيضا في هذه المسألة [ ص: 22 ] في جميع الشهور والبلدان ، في قوله " بخلاف بقية العقود " نظر ظاهر كالفسوخ ، الثالثة : حكم العتق في ذلك كله حكم الطلاق

التالي السابق


الخدمات العلمية