صفحة جزء
وقوله ( وإن علق الزوج الطلاق بشرط : لم تطلق قبل وجوده ) [ ص: 60 ] هذا المذهب ، وعليه الأصحاب ، ( وعنه : تطلق ) مع تيقن وجود الشرط قبل وجوده ، وخص الشيخ تقي الدين رحمه الله هذه الراوية بالثلاث ، لأنه الذي يضره كمتعة . تنبيه : في قوله " لم تطلق قبل وجودها " إشعار بأن الشرط ممكن ، وهو كذلك ، فأما ما يستحيل وجوده فيذكر في أماكنه ، وقد تقدم في أثناء الباب الذي قبله ، ومفهوم كلامه : أن الطلاق يقع بوجود شرطه ، وهو صحيح ، ونص عليه ، وليس فيه بحمد الله خلاف . قوله ( فإن قال : عجلت ما علقته لم يتعجل ) ، هذا المذهب ; لأنه علقه ، فلم يملك تغييره ، وعليه الأصحاب ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره ، وقيل : يتعجل إذا عجله ، وهو ظاهر بحث الشيخ تقي الدين رحمه الله ، فإنه قال : فيما قاله جمهور الأصحاب نظر ، وأطلقهما في البلغة ، قال في الفروع : ويتوجه مثله دين .

فائدتان . إحداهما : إذا علق الطلاق على شرط : لزم ، وليس له إبطاله ، هذا المذهب ، وعليه والأصحاب قاطبة ، وقطعوا به ، وذكر في الانتصار والواضح رواية بجواز فسخ العتق المعلق على شرط ، قال في الفروع : ويتوجه ذلك في طلاق ، ذكره في باب التدبير ، قلت : وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا : لو قال " إن أعطيتيني " [ ص: 61 ] أو " إذا أعطيتيني " أو " متى أعطيتيني ألفا فأنت طالق " أن الشرط ليس بلازم من جهته ، كالكتابة عنده ، قال في الفروع : ووافق الشيخ تقي الدين رحمه الله على شرط محض ، ك " إن قدم زيد فأنت طالق " ، قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : التعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء إن كان معاوضة فهو معاوضة ، ثم إن كانت لازمة فلازم ، وإلا فلا يلزم الخلع قبل القبول ولا الكناية ، وقول من قال " التعليق لازم " دعوى مجردة . انتهى . وتقدم ذلك ، أيضا في أثناء باب الخلع . الثانية : لو فصل بين الشرط وحكمه بكلام منتظم ، نحو " أنت طالق يا زانية إن قمت " لم يضر ذلك ، على الصحيح من المذهب ، وقيل : يقطعه ، كسكتة وتسبيحة ، وهو احتمال للقاضي . قوله ( وإن قال : أنت طالق ، ثم قال : أردت إن قمت ، دين ، ولم يقبل في الحكم ، نص عليه ) وهو المذهب ، نص عليه ، وجزم به في الوجيز ، وشرح ابن منجا ، وقدمه في المغني ، والشرح ، والمحرر ، قال في الهداية ، والكافي ، والنظم : يخرج على روايتين ، قلت : صرح في المستوعب أن فيها روايتين ، وأطلقهما هو وصاحب المذهب ، ولكن حكاهما وجهين ، وقدم هذه الطريقة في الفروع ، وأطلق الخلاف ، وقال وقيل : لا يقبل . انتهى . وهذه طريقة المصنف وغيره ، وتقدم نظير ذلك في أول " باب صريح الطلاق وكنايته " إذا قال لها : [ ص: 62 ] أنت طالق " ثم قال " أردت من وثاق " أو " أن أقول : طاهر فسبق لساني " أو " أنها مطلقة من زوج كان قبله " .

التالي السابق


الخدمات العلمية