صفحة جزء
قوله في تعليقه بالولادة ( إذا قال : إن ولدت ذكرا فأنت طالق واحدة ، وإن ولدت أنثى فأنت طالق اثنتين ، فولدت ذكرا ، ثم أنثى : طلقت بالأول ، وبانت بالثاني ، ولم تطلق به ، ذكره أبو بكر ) ، [ ص: 79 ] وهو المذهب ، قال المصنف ، والشارح ، وابن منجا في شرحه : وهو الصحيح ، قال ابن رجب في قواعده : وعليه أصحابنا ، قال في النكت : وعليه أكثر الأصحاب ، قلت : منهم أبو بكر ، وأبو حفص ، والقاضي ، وأصحابه ، والمصنف ، وجزم به في الوجيز وغيره وصححه في الخلاصة ، وغيره ، وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم ، وقال ابن حامد : تطلق به ، يعني : بالثاني أيضا ، وقال في منتخب الشيرازي : وأومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله ، وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، ونقل أبو بكر : هي ولادة واحدة ، قال أبو بكر في زاد المسافر : وفيها نظر ، ونقل ابن منصور : هذا على نية الرجل إذا أراد بذلك تطليقة ، وإنما أراد ولادة واحدة ، وأنكر قول سفيان : إنه يقع عليها بالأول ما علق به ، وتبين بالثاني ، ولا تطلق به ، كما قاله الأصحاب ، قال ابن رجب في القواعد : ورواية ابن منصور أصح ، وهو المنصوص ، واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله ; لأن الحالف إنما حلف على حمل واحد ، وولادة واحدة ، والغالب أن لا يكون إلا ولدا واحدا ، لكنه لما كان ذكرا مرة وأنثى أخرى نوع التعليق عليه ، فإذا ولدت هذا الحمل ذكرا وأنثى لم يقع به المعلق بالذكر والأنثى جميعا ، بل المعلق بأحدهما فقط ; لأنه لم يقصد إلا إيقاع أحد الطلاقين ، وإنما ردده لتردد كون المولود ذكرا أو أنثى ، وينبغي أن يقع أكثر الطلاقين إذ كان القصد تطليقها بهذا الوضع ، سواء كان ذكرا أو أنثى ، لكنه أوقع بولادة أحدهما أكثر من الآخر ، فيقع به أكثر المعلقين . انتهى [ ص: 80 ] ذكره في القاعدة التاسعة عشر بعد المائة .

تنبيهان . أحدهما : ظاهر كلام ابن حامد : أنه لا عدة عليها بعد وضع الثاني ، وصرح الناظم في حكاية قول ابن حامد : أنها بوضع الحمل الثاني تطلق ، وتنقضي به العدة ، وصرح به في الرعايتين وغيرهما ، وهو يدل على ضعف هذا القول ; لأن كل طلاق لا بد له من عدة متعقبة ، وعلى هذا يعايى بها ، فيقال على أصلنا طلاق بعد الدخول ولا مانع ، والزوجان مكلفان ، لا عدة فيه ، ويعايى بها من وجه آخر ، فيقال : طلاق بلا عوض دون الثلاث بعد الدخول في نكاح صحيح لا رجعة فيه ، وقد يقال : عدة بعد الطلاق تسبق البينونة ، فلم تخل من عدة متعينة إما حقيقة أو حكما ، وبهذا قال ابن الجوزي في حكاية قول ابن حامد : تطلق الثالثة لقرب زمان البينونة ، والوقوع ، فلم يجعل زمانها زمانها ، ذكر ذلك في النكت .

الثاني : قوله : ( فولدت ذكرا ، ثم أنثى ) ، احترازا مما إذا ولدتهما معا ، فإنها تطلق ثلاثا والحالة هذه ، بلا نزاع أعلمه ، غير الشيخ تقي الدين رحمه الله ، ومن تبعه ، ومراده أيضا : أن لا يكون بين الولدين ستة أشهر فأكثر ، فإن كان بينهما ستة أشهر فأكثر . فالثاني : حمل مستأنف بلا خلاف بين الأمة ، فلا يمكن أن تحبل بولد بعد ولد ، قاله القاضي في الخلاف وغيره في الحامل لا تحيض ، وفي الطلاق به الوجهان إلا أن يقول : لا تنقضي به عدة فيقع الثلاث ، [ ص: 81 ] وكذا في أصح الوجهين إن ألحقناه به لثبوت وطئه به ، فتثبت الرجعة ، على أصح الروايتين فيها ، واختار في الترغيب أن الحمل لا يدل على الوطء المحصل للرجعة . قوله ( فإن أشكل كيفية وضعها ، وقعت واحدة بيقين ، ولغا ما زاد ) وهو المذهب ، قال في القواعد الفقهية : هذا أظهر ، قال في النكت : وهو أصح ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمغني ، والشرح ، ونصراه ، والمحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وغيرهم .

( وقال القاضي : قياس المذهب أن يقرع بينهما ) ، قال في منتخب الشيرازي : أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله ، قال في الفروع : وهو أظهر ، وجزم به في المنور ، واختاره ابن عقيل ، قال في القواعد : ومأخذ الخلاف : أن القرعة لا مدخل لها في إلحاق الطلاق لأجل الأعيان المشتبهة ، فمن قال بالقرعة هنا : جعل التعيين إحدى الصفتين ، وجعل وقوع الطلاق لازما لذلك ، ومن منعها نظر إلى أن القصد بها هنا هو اللازم ، وهو الوقوع ، ولا مدخل للقرعة فيه ، وهو الأظهر ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية