صفحة جزء
قوله ( ومتى وجد عليه نجاسة لا يعلم : هل كانت في الصلاة ، أو لا فصلاته صحيحة ) . [ ص: 486 ]

هذا المذهب بلا ريب . وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به أكثرهم . وذكر في التبصرة وجها : أنها تبطل . قوله ( فإن علم أنها كانت في الصلاة ، لكن جهلها أو نسيها فعلى روايتين ) . وأطلقهما في الهداية ، والخلاصة في الناسي . وأطلقهما فيهما في المستوعب ، والمحرر ، والشرح ، والفائق ، وتجريد العناية .

إحداهما : تصح . وهي الصحيحة عند أكثر المتأخرين ، اختارها المصنف ، والمجد ، وابن عبدوس في تذكرته ، والشيخ تقي الدين ، وصححه في التصحيح ، والنظم ، وشرح ابن منجا ، وتصحيح المحرر ، وجزم بهما في العمدة ، والوجيز ، والمنور ، والمنتخب ، والتسهيل ، وغيرهم . وقدمه ابن تميم وغيره ، والرواية الثانية : لا تصح ، فيعيد ، وهو المذهب ، قال في الفروع : والأشهر الإعادة . قال في الحاويين : أعاد في أصح الروايتين ، وجزم به الإفادات . وقدمه في الرعايتين . وجزم به القاضي ، وابن عقيل ، وغيرهما في الناسي . وقيل : إن كانت إزالتها شرطا أعاد ، وإن كانت واجبة فلا . ذكره في الرعاية . وقال الآمدي : يعيد ، إن كان قد توانى ، رواية واحدة ، وقطع في التلخيص : أن المفرط في الإزالة وقيل في الصلاة لا يعيد بالنسيان .

تنبيهان

الأول : قال القاضي في المجرد ، والآمدي ، وغيرهما : محل الروايتين في الجاهل . فأما الناسي : فيعيد رواية واحدة ، قال الشيخ تقي الدين : ليس عنه نص في الناسي . انتهى .

والصحيح : أن الخلاف جار في الجاهل والناسي . قاله المجد . حكى الخلاف فيهما أكثر المتأخرين . وأطلق الطريقين في الكافي . الثاني : محل الخلاف في أصل المسألة : على القول بأن اجتناب النجاسة شرط [ ص: 487 ] أما على القول بأن اجتنابها واجب : فيصح قولا واحدا عند الجمهور . وتقدم أن صاحب الرعاية حكى قولا واحدا : أنه لا يعيد ، إن قلنا واجب ، وإن قلنا شرط : أعاد . فدل أن المقدم خلافه .

الثالث : مراد المصنف بقوله " أو جهلها " جهل عينها .

هل هي نجاسة أم لا ؟ حتى فرغ منها . أو جهل أنها كانت عليه ، ثم تحقق أنها كانت عليه بقرائن . فأما إن علم أنها نجاسة وجهل حكمها : فعليه الإعادة عند الجمهور ، وقطعوا به . وقال في الرعاية الكبرى : حكم الجهل بحكمها : حكم الجهل بأنها نجاسة أم لا . وجزم به في تجريد العناية . وأما إذا جهل كونها في الصلاة أم لا : فتقدم في كلام المصنف وهو قوله " ومتى وجد عليه نجاسة لا يعلم : هل كانت في الصلاة أم لا ؟ " فوائد

الأولى : حكم العاجز عن إزالتها عنه حكم الناسي لها في الصلاة . قاله جماعة من الأصحاب . منهم ابن حمدان ، وابن تميم . وقال أبو المعالي وغيره : وكذا لو زاد مرضه لتحريكه أو نقله . وقال ابن عقيل وغيره : أو احتاجه لحرب .

الثانية : لو علم بها في الصلاة لم تبطل صلاته ، على الصحيح من المذهب . وقيل تبطل مطلقا . فعلى المذهب : إن أمكن إزالتها من غير عمل كثير . ولا مضي زمن طويل : فالحكم كالحكم فيها إذا علم بها بعد الصلاة . فإن قلنا : لا إعادة هناك : أزالها هنا وبنى ، على الصحيح من المذهب . وقال ابن عقيل : تبطل رواية واحدة ، وأما إذا لم تزل إلا بعمل كثير ، أو في زمن طويل ، فالمذهب تبطل الصلاة . وقيل : يزيلها ويبني . قلت : وهو ضعيف ، الثالثة : لو مس ثوبه ثوبا نجسا ، أو قابلها راكعا أو ساجدا ، ولم يلاقها . أو سقطت عليه فأزالها سريعا ، أو زالت هي سريعا ، أو مس حائطا نجسا لم يستند [ ص: 488 ] إليه : صحت صلاته ، على الصحيح من المذهب في الجميع . وقيل : لا يصح . ولو استند إليه : لم يصح .

الرابعة : لو حمل قارورة فيها نجاسة أو آجرة باطنها نجس : لم تصح صلاته . ولو حمل حيوانا طاهرا صحت صلاته بلا نزاع . وكذا لو حمل آدميا مستجمرا على الصحيح من المذهب . وقيل : لا تصح إذا حمل مستجمرا . وأطلقهما في التلخيص والرعايتين ، والحاويين . وابن تميم . ولو حمل بيضة مذرة ، أو عنقود عنب حباته مستحيلة خمرا : لم تصح صلاته ، جزم به الناظم . وإليه ميل المجد في شرحه . فإن البيضة المذرة قاسها على القارورة . وقال : بل أولى بالمنع . وقيل : تصح صلاته . وجزم به في المنور . وأطلقهما في الفروع . وقال المجد في شرحه ، وابن تميم ، وصاحب الرعايتين ، والحاويين : ولو حمل بيضة فيها فرخ ميت فوجهان ، الخامسة : قال المجد في شرحه في هذا الباب : باطن الحيوان مقو للدم والرطوبات النجسة ، بحيث لا يخلو منها . فأجرينا لذلك حكم الطهارة ما دام فيه تبعا . وقال في باب إزالة النجاسة عند قوله " ولا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة " وأما المني واللبن والقروح : فليست مستحيلة عن نجاسة ; لأن ما كان في الباطن مستترا بستار خلقة ليس بنجس بدليل أن الصلاة لا تبطل بحمله . وتابعه في مجمع البحرين ، وابن عبيدان ، فظاهر كلام المجد في المكانين يختلف ; لأنه في الأول حكم بنجاسة ما في الباطن ، ولكن أجرى عليها حكم الطهارة تبعا وضرورة . وفي الثاني : قطع بأنه ليس بنجس . وهذا الثاني ضعيف . قال في الفروع في باب إزالة النجاسة ، قال بعض أصحابنا : ما استتر في الباطن استتار خلقة ليس بنجس . بدليل أن الصلاة لا تبطل بحمله ، كذا قال . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية