صفحة جزء
قوله ( ولا تصح الصلاة في المقبرة والحمام والحش وأعطان الإبل ) هذا المذهب . وعليه الأصحاب . قال في الفروع : هو أشهر وأصح في المذهب ، قال المصنف وغيره : هذا ظاهر المذهب ، وهو من المفردات . وعنه إن علم النهي لم تصح ، وإلا صحت . وعنه تحرم الصلاة فيها . وتصح . قال المجد : لم أجد عن أحمد لفظا بالتحريم مع الصحة . وعنه تكره الصلاة فيها . وقيل : إن خاف فوت الوقت ، صحت . وقيل : إن أمكنه الخروج لم يصل فيه بحال ، وإن فات الوقت . ذكرهما في الرعاية .

قال في القاعدة التاسعة : لا تصح الصلاة في مواضع النهي على القول بأن النهي للتحريم . وتصح على القول بأن النهي للتنزيه .

هذه طريقة المحققين ، وإن كان من الأصحاب من يحكي الخلاف في الصحة ، مع القول بالتحريم . انتهى .

[ ص: 490 ] تنبيه :

عموم قوله " ولا تصح الصلاة في المقبرة " يدل أن صلاة الجنازة لا تصح فيها ، وهو ظاهر كلامه في المستوعب ، والوجيز ، والمنور ، وغيرهم ، وهو إحدى الروايات عن أحمد ، وصححها الناظم . وقدمه في الرعاية ، والحاوي الصغير . قال في الفصول في آخر الجنائز : أصح الروايتين لا تجوز . وعنه تصح مع الكراهة ، اختارها ابن عقيل ، وأطلقهما في المذهب ، والمغني ، وابن تميم ، والفائق . وعنه تصح من غير كراهة ، وهو المذهب ، قال ابن عبدوس في تذكرته : تباح في مسجد ومقبرة . قال في المحرر : لا يكره في المقبرة . قال في الكافي : ويجوز في المقبرة . قال في الهداية ، والتلخيص ، والبلغة ، والحاوي الكبير ، وغيرهم : لا بأس بصلاة الجنازة في المقبرة . قال في الخلاصة ، والإفادات ، وإدراك الغاية : لا تصح صلاة في مقبرة لغير جنازة ، وقدمه المجد في شرحه . وأطلقهن في الفروع .

فوائد

الأولى : لا يضر قبر ولا قبران على الصحيح من المذهب ، إذا لم يصل إليه ، جزم به ابن تميم . وقاله المصنف وغيره ، وقدمه في الفروع ، والشرح ، والرعاية ، والفائق . وقيل : يضر ، اختاره الشيخ تقي الدين ، والفائق . قال في الفروع : وهو أظهر ، بناء على أنه : هل يسمى مقبرة أم لا ؟ وقال في الفروع : ويتوجه أن الأظهر : أن الخشخاشة فيها جماعة قبر واحد ، وأنه ظاهر كلامه .

الثانية : لو دفن بداره موتى لم تصر مقبرة . قاله ابن الجوزي في المذهب ، وغيره الثالثة : قوله عن أعطان الإبل " التي تقيم فيها وتأوي إليها " هو الصحيح من المذهب ، نص عليه وعليه جماهير الأصحاب . وقيل : هو مكان اجتماعها إذا صدرت [ ص: 491 ] عن المنهل . زاد صاحب الرعاية وغيره : وما تقف فيه لترد الماء .

زاد المصنف في المغني بعد كلام الإمام أحمد فقال وقيل : هو ما تقف فيه لترد الماء . قال : والأول أجود . وقال جماعة من الأصحاب : أو تقف لعلفها .

الرابعة : الحش : ما أعد لقضاء الحاجة . فيمنع من الصلاة داخل بابه . ويستوي في ذلك موضع الكنيف وغيره .

الخامسة : المنع من الصلاة في هذه الأمكنة : تعبد ، على الصحيح من المذهب . وعليه الجمهور . قال الزركشي : تعبد عند الأكثرين . واختاره القاضي وغيره . وقدمه في الشرح ، والرعاية الكبرى . قال ابن رزين في شرحه : الأظهر أنه تعبد . وقيل : معلل . وإليه ميل المصنف . فهو معلل بمظنة النجاسة . فيختص بما هو مظنة من هذه الأماكن . وأطلقهما في الفروع ، وابن تميم . فعلى الأولى : حكم مسلح الحمام وأتونه كداخله . وكذا ما يتبعه في البيع ، نص عليه . وكذا غيره . قال بعضهم : وهو المذهب ، قال في الرعاية الكبرى : ولا تصح الصلاة في حمام وأتونه وبيوته ومجمع وقوده ، وكل ما يتبعه في البيع من الأماكن وتحويه حدوده . ويتناول أيضا كل ما يقع عليه الاسم . فلا فرق في المقبرة بين القديمة والحديثة ، والمنبوشة وغير المنبوشة . وعلى الثاني : تصح في أسطحة هذه المواضع . قوله ( والموضع المغصوب ) يعني لا تصح الصلاة فيه ، وهو المذهب . وعليه جمهور الأصحاب ، وقطع به كثير منهم في المختصرات ، وهو من المفردات .

وعنه تصح مع التحريم ، اختارها الخلال ، وابن عقيل في فنونه ، والطوفي في مختصره في الأصول وغيرهم . وقيل : تصح إن جهل النهي . وقيل : تصح مع الكراهة .

حكاه ابن مفلح في أصوله وفروعه وغيره . وقال : إن خاف فوت الوقت صحت صلاته ، وإلا فلا . وقيل : إن أمكنه الخروج منه : لم تصح فيه بحال ، وإن فات الوقت . وقيل يصح النفل . وذكر أبو الخطاب في بحث المسألة : أن النافلة لا تصح بالاتفاق . [ ص: 492 ] فهذه ثلاث طرق في النفل تقدم نظيرها في الثوب المغصوب . وحيث قلنا " لا تصح في الموضع المغصوب " فهو من المفردات .

فائدة :

لا بأس بالصلاة في أرض غيره أو مصلاه بلا غصب ، بغير إذنه على الصحيح من المذهب . وقيل : لا تصح . وأطلقهما في الرعايتين ، والحاوي . وقال ابن حامد : ويحتمل أن لا يصلي في كل أرض إلا بإذن صاحبها . ويحتمل أن يكون مراده عدم الصحة . ويحتمل أن يكون مراده الكراهة . فلهذا قال في الفروع : ولو صلى على أرض غيره أو مصلاه بلا غصب صح في الأصح . وقيل : حملها على الكراهة أولى ، قال في الرعايتين قلت : وحمل الوجهين على إرادة الكراهة وعدمها أولى ، قال في الفروع ، وظاهر المسألة : أن الصلاة هنا أولى من الطريق . وأن الأرض المزدرعة : كغيرها . قال : والمراد ولا ضرر ، ولو كانت لكافر . قال : ويتوجه احتمال لعدم رضاه بصلاة مسلم بأرضه . قوله ( وقال بعض أصحابنا : حكم المجزرة والمزبلة وقارعة الطريق وأسطحتها : كذلك ) يعني كالمقبرة ونحوها .

وهو المذهب ، قال الشارح : أكثر أصحابنا على هذا . قال في الفروع : اختاره الأكثر . قال الزركشي : وألحق عامة الأصحاب بهذه المواضع : المجزرة . ومحجة الطريق . وجزم به في الوجيز ، والإفادات ، والمنور ، والمنتخب . وقدمه في الفروع ، والنظم ، والفائق ، وهو من المفردات . وعنه تصح الصلاة في هذه الأمكنة ، وإن لم يصححها في غيرها ، ويحتمله كلام الخرقي ، واختاره المصنف . وعنه تصح على أسطحتها ، وإن لم يصححها في داخلها ، واختاره المصنف ، والشارح . وقال أبو الوفا : سطح النهر لا تصح الصلاة عليه ، لأن الماء لا يصلى عليه ، وهو رواية حكاها المجد في شرحه . وقال غيره : هو كالطريق . قال المجد : والمشهور عنه المنع فيها . وعنه لا تصح الصلاة على أسطحتها . وكرهها في رواية عبد الله وجعفر على نهر وساباط . وقال القاضي [ ص: 493 ] فيما تجري فيه سفينة كالطريق . وعلله بأن الهواء تابع للقرار ، واختار أبو المعالي وغيره : الصحة كالسفينة . قال أبو المعالي . ولو جمد الماء فكالطريق . وذكر بعضهم فيه الصحة . قلت : وجزم به ابن تميم ، فقال : لو جمد ماء النهر فصلى عليه : صح .

تنبيه :

مفهوم كلام المصنف : أن الصلاة تصح في المدبغة ، وهو صحيح ، وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب ، وقدمه في الفروع ، وابن تميم ، والفائق . وقيل : هي كالمجزر ، واختاره في الروضة . وجزم به في الإفادات . وقدمه في الرعايتين .

فوائد

إحداهما : " المجزرة " : ما أعد للذبح والنحر . و " المزبلة " ما أعد للنجاسة والكناسة والزبالة ، وإن كانت طاهرة . و " قارعة الطريق " ما كثر سلوك السابلة فيها سواء كان فيها سالك أو لا ، دون ما علا عن جادة المارة يمنة ويسرة ، نص عليه . وقيل : يصح فيه طولا ، إن لم يضق على الناس ، لا عرضا . ولا بأس بالصلاة في طريق الأبيات القليلة .

الثانية : إن بني المسجد بمقبرة : فالصلاة فيه كالصلاة في المقبرة ، وإن حدثت القبور بعده حوله ، أو في قبلته ، فالصلاة فيه كالصلاة إلى المقبرة ، على ما يأتي قريبا ، هذا هو الصحيح من المذهب ، قال في الفروع : ويتوجه تصح . يعني مطلقا ، وهو ظاهر كلام جماعة .

قلت : وهو الصواب . وقال الآمدي : لا فرق بين المسجد القديم والحديث . وقال في الهدي : لو وضع القبر والمسجد معا لم يجز ، ولم يصح الوقف ولا الصلاة . وقال ابن عقيل في الفصول : إن بني فيها مسجد ، بعد أن انقلبت أرضها بالدفن : لم تجز الصلاة فيه ; لأنه بني في أرض الظاهر نجاستها . كالبقعة النجسة

التالي السابق


الخدمات العلمية