صفحة جزء
قوله ( ولا يجزئه في كفارة القتل إلا رقبة مؤمنة ) ، بلا نزاع للآية ( وكذلك في سائر الكفارات في ظاهر المذهب ) ، وهو المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، منهم : الخرقي ، والقاضي ، والشريف ، وأبو الخطاب ، والشيرازي ، والمصنف ، وغيرهم ، وجزم به في الوجيز ، وتذكرة ابن عبدوس ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم ، وقدمه في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم ، وعنه : يجزئه رقبة كافرة ، اختاره أبو بكر ، وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والبلغة ، وغيرهم . فعلى الرواية الثانية : هل تجزئ رقبة كافرة مطلقا ، أو يشترط أن تكون كتابية ، أو ذمية ؟ فيه ثلاثة أوجه ، وأطلقهن في الفروع ، قال في المغني ، والشرح ، وعنه : يجزئ عتق رقبة ذمية ، قال الزركشي : تجزئ الكافرة ، نص عليها في اليهودي والنصراني ، وقال في المحرر ، والهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والحاوي ، وغيرهم : إحدى الروايتين تجزئ الكافرة ، وقدمه في الرعايتين ، وذكر أبو الخطاب وغيره : أنه لا تجزئ الحربية والمرتدة اتفاقا . [ ص: 215 ]

تنبيه :

ظاهر قوله ( ولا تجزئه إلا رقبة سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا ، كالعمى ) ، أن الأعور يجزئ ، وهو إحدى الروايتين ، وهو المذهب ، قدمه في المحرر ، والحاوي الصغير ، والفروع ، والمستوعب ، والهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، وغيرهم ، وعنه : لا يجزئ ، قدمه في التبصرة ، وأطلقهما في الرعايتين ، قوله ( وشلل اليد والرجل ، أو قطعهما ، أو قطع إبهام اليد ، أو سبابتها ، أو الوسطى ، أو الخنصر ، أو البنصر من يد واحدة ) ، يعني : لا يجزئ ، وهو المذهب ، وعليه الأصحاب ، وعنه : إن كانت إصبعه مقطوعة ، فأرجو هذا يقدر على العمل .

تنبيه :

ظاهر كلامه : أنه يجزئ عتق المرهون ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، قدمه في الرعايتين ، وجزم به في الفروع ، وقيل : لا يجزئ ، ولا يصح إلا مع يسار الراهن ، وظاهر كلامه : أنه يجزئ الجاني ، وهو صحيح ، ولو قتل في الجناية ، قاله في الرعايتين ، وغيره ، قال في الفروع : يجزئ إن جاز بيعه .

فائدة :

قطع أنملة الإبهام كقطع الإبهام ، وقطع أنملتين من إصبع كقطعها ، وقطع أنملة من غير الإبهام لا يمنع الإجزاء .

تنبيهات . أحدها : مفهوم كلامه : أنه لو قطع واحدة من الخنصر والبنصر ، أو قطعا من يدين : أنه يجزئه ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، لا أعلم فيه خلافا ، [ ص: 216 ] ومفهوم كلامه أيضا : أنه لو قطع إبهام الرجل أو سبابتها : أنه لا يمنع الإجزاء ، وهو ظاهر كلامه في المغني ، والشرح ، والوجيز ، وقطع في الرعاية الكبرى : أنه لا يمنع الإجزاء قطع أصابع القدم ، والذي قدمه في الفروع : أن حكم القطع من الرجل حكم القطع من اليد .

الثاني : مفهوم قوله ( ولا يجزئ المريض الميئوس منه ) ، أنه لو كان غير ميئوس منه : أنه يجزئ ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، وهو ظاهر كلامه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والحاوي ، والوجيز وغيرهم ، وجزم به في المغني ، والشرح ، وغيرهما ، وقدمه في الفروع ، وقيل : لا يجزئ أيضا ، قال في الرعايتين : ولا يجزئ مريض أيس منه ، أو رجي برؤه ، ثم مات في وجه . الثالث : ظاهر قوله " لا يجزئه إلا رقبة سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا " أن الزمن والمقعد لا يجزئان ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، وعليه الأصحاب ، وعنه : يجزئ كل واحد منهما ، قال في الفروع : ويتوجه مثلهما النحيف . قوله ( ولا غائب لا يعلم خبره ) ، هذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، قال في الفروع : ولا يجزئ من جهل خبره في الأصح ، قال في القواعد الفقهية : المشهور عدم الإجزاء ، وجزم به في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والوجيز ، والنظم ، وغيرهم ، [ ص: 217 ] وقدمه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والرعايتين ، والحاوي ، وغيرهم ، وقيل : يجزئ ، وهو احتمال في الهداية ، وحكاه ابن أبي موسى في شرح الخرقي وجها ، وجزم القاضي في الخلاف : أنه يجزئ من جهل خبره عن كفارته .

تنبيه :

محل الخلاف : إذا لم يعلم خبره مطلقا أما إن أعتقه ، ثم تبين بعد ذلك : كونه حيا ، فإنه يجزئ ، قولا واحدا ، قاله الأصحاب .

قوله ( ولا أخرس لا تفهم إشارته ) ، هذا المذهب ، نص عليه ، وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، وغيرهما ، وقدمه في الفروع ، وفيه وجه يجزئ ، اختاره القاضي وجماعة من أصحابه ، قاله الزركشي ، وقد أطلق الإمام أحمد رحمه الله : جوازه في رواية أبي طالب ، ويأتي قريبا في كلام المصنف : حكم من فهمت إشارته .

فائدة : لا يجزئ الأخرس الأصم ، ولو فهمت إشارته ، على الصحيح من المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والهادي ، والمحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي ، وغيرهم ، وقدمه في الفروع ، واختار أبو الخطاب ، والمصنف : الإجزاء إذا فهمت إشارته ، ويأتي في كلام المصنف " إذا كان أصم فقط " . قوله ( ولا من اشتراه بشرط العتق في ظاهر المذهب ) ، وهو المذهب ، وعليه الأصحاب ، [ ص: 218 ] قال الزركشي : هو المشهور ، والمختار للأصحاب ، قال في المحرر : ولا يجزئ على الأصح ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في الفروع ، وغيره ، وعنه : يجزئ . قوله ( ولا أم الولد في الصحيح عنه ) ، وهو المذهب ، وعليه الأصحاب ، قال المصنف ، والشارح : هذا ظاهر المذهب ، قال في المحرر : لا تجزئ على الأصح ، قال الزركشي : هذا المشهور والمختار للأصحاب ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في الفروع ، وغيره ، وعنه : تجزئ ، قلت : ويجيء عند من يقول بجواز بيعها الإجزاء ، وأطلقهما في الرعايتين . قوله ( ولا مكاتب قد أدى من كتابته شيئا ، في اختيار شيوخنا ) ، وهو المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، قال في الفروع : اختاره الأكثر ، قال القاضي : هذا الصحيح ، قال الزركشي : هذا اختيار القاضي وأصحابه ، وقطع به الخرقي ، والأدمي في منتخبه ، وغيرهما ، وقدمه في الفروع ، وغيره ، وعنه : يجزئ مطلقا ، اختاره أبو بكر ، وجزم به في الوجيز ، والمنور ، وقدمه في المحرر ، والحاوي الصغير ، [ ص: 219 ] قال في النظم : وهو الأولى ، وعنه : لا يجزئ مكاتب بحال ، وأطلقهن في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، وأطلق الثانية والثالثة في الرعايتين .

فائدة :

لو أعتق عن كفارته عبدا لا يجزئ في الكفارة : نفذ عتقه ، ولا يجزئ عن الكفارة ، ذكره المصنف ، وغيره . قوله ( ويجزئ الأعرج يسيرا ) بلا نزاع ( والمجدوع الأنف والأذن ، والمجبوب ، والخصي ) ، على الصحيح من المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به كثير منهم ، منهم : صاحب الفروع ، وغيره ، وصححه الزركشي ، وغيره وعنه : لا يجزئ ذلك ، وتقدم حكم الأعور . قوله ( ومن يخنق في الأحيان ) ، يعني : أنه لا يجزئ ، اعلم أنه إن كانت إفاقته أكثر من خنقه : فإنه يجزئ ، وإن كان خنقه أكثر : أجزأ أيضا ، على الصحيح من المذهب ، وهو ظاهر كلام المصنف هنا ، وجماعة كثيرة من الأصحاب ، وقدمه في المحرر ، والفروع ، وغيرهما ، وقيل : لا يجزئ ، قال في الفروع : وهو أولى ، وجزم به في الرعاية الكبرى .

قوله ( والأصم والأخرس الذي يفهم الإشارة وتفهم إشارته ) ، يجزئ عتق الأصم ، على الصحيح من المذهب ، [ ص: 220 ] وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والهادي ، والمحرر والنظم ، والرعايتين ، والحاوي ، وغيرهم ، وقدمه في الفروع ، وقال في الوجيز ، والتبصرة : لا تجزئ وأما الأخرس الذي تفهم إشارته ويفهم الإشارة ، فالصحيح من المذهب : أنه يجزئ ، جزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والهادي ، والمحرر ، والنظم ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، وغيرهم واختاره القاضي ، وجماعة من أصحابه ، والمصنف ، والشارح ، وقدمه في الفروع ، والرعاية الكبرى ، وعنه : لا يجزئ الأخرس مطلقا .

تنبيه :

قوله ( والمدبر ) ، يعني : أنه يجزئ ، ومراده : إذا قلنا بجواز بيعه ، قاله الأصحاب . قوله ( والمعلق عتقه بصفة ) ، يعني : أنه يجزئ ، واعلم أن المصنف ذكر قبل ذلك : أنه لا يجزئ عتق من علق عتقه بصفة عند وجودها ، وقطع هنا بإجزاء عتق من عتق علقه بصفة ، فمراده هنا : إذا أعتقه قبل وجود الصفة ، وهو صحيح في المسألتين ، ولا أعلم فيه نزاعا ، قوله ( وولد الزنا ) ، يعني : أنه يجزئ ، وهو المذهب ، ولا أعلم فيه خلافا ، قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : ويحصل له أجره كاملا ، خلافا لمالك رحمه الله فإنه يشفع مع صغره لأمه ، لا أبيه ، [ ص: 221 ] قوله ( والصغير ) يعني : أنه يجزئ ، وهو المذهب ، قال المصنف ، والشارح : وقال أبو بكر ، وغيره من الأصحاب : يجوز إعتاق الطفل في الكفارة ، قال الزركشي : هذا اختيار الأكثرين ، فيجوز عتق الطفل الصغير ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، واختاره المصنف ، وقدمه في المحرر ، والنظم ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وقيل : يعتبر أن يكون له سبع سنين ، إن اشترط الإيمان ، وقدمه في الخلاصة ، والرعايتين ، قال في الوجيز : ويجزئ ابن سبع ، وقال الخرقي : يجزئ إذا صام وصلى ، وقيل : يجزئ وإن لم يبلغ سبعا ، ونقل الميموني : يعتق الصغير ، إلا في قتل الخطأ ، فإنه لا يجزئ إلا مؤمنة وأراد التي قد صلت ، وقال القاضي في موضع من كلامه : يجزئ إعتاق الصغير في جميع الكفارات إلا كفارة القتل ، فإنها على روايتين .

فائدة :

لا يجزئ إعتاق المغصوب ، على الصحيح من المذهب ، قدمه في الفروع في موضع ، وفيه وجه آخر : أنه يجزئ ، وأطلقهما في الرعايتين ، والحاوي ، وقال في الفروع في مكان آخر : وفي مغصوب وجهان في الترغيب ، قوله ( وإن أعتق نصف عبد وهو معسر ثم اشترى باقيه فأعتقه : أجزأه ، إلا على رواية وجوب الاستسعاء ) ، [ ص: 222 ] وهو صحيح ، وقاله الأصحاب ، واختار في الرعايتين الإجزاء مع القول بوجوب الاستسعاء ، قوله ( وإن أعتقه وهو موسر فسرى : لم يجزه ، نص عليه ) وهو المذهب ، اختاره أبو بكر الخلال ، وأبو بكر عبد العزيز ، والمصنف ، والشارح ، والناظم ، وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، ويحتمل أن يجزئه ، يعني إذا نوى عتق جميعه عن كفارته ، كعتقه بعض عبده ثم بقيته ، اختاره القاضي ، وأصحابه ، قال في الحاوي الصغير : وهو الأقوى عندي ، قال القاضي : قال غير الخلال ، وأبي بكر عبد العزيز : يجزئه إذا نوى عتق جميعه عن كفارته . قوله ( وإن أعتق نصفا آخر : أجزأه عند الخرقي ) ، يعني : أنه كمن أعتق نصفي عبدين ، وهو المذهب ، قال في الروضة : هذا الصحيح من المذهب ، قال في عيون المسائل : هذا ظاهر المذهب ، قال الشريف أبو جعفر : هذا قول أكثرهم ، قال الزركشي : هذا اختيار القاضي في تعليقه ، وعامة أصحابه كالشريف ، وأبي الخطاب في خلافيهما وابن البنا ، والشيرازي ، وصححه في الخلاصة ، وقدمه في الفروع ، وغيره ، وهو من مفردات المذهب ، ولم يجزئه عند أبي بكر ، واختاره ابن حامد ، فيما حكاه القاضي في روايتيه ، وجزم به في العمدة ، وذكر ابن عقيل وصاحب الروضة هذين القولين روايتين ، [ ص: 223 ] وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والكافي ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي ، وعند القاضي : إن كان باقيهما حرا : أجزأ ، وإلا فلا ، واختاره المصنف ، وجزم به في الوجيز ، وقدمه في النظم ، وقيل : إن كان باقيهما حرا ، أو أعتق كل واحدة منهما عن كفارتين : أجزأه ، وإلا فلا ، قال في المحرر ، والحاوي : وهذا أصح ، وجزم بالثاني ناظم المفردات ، وهو منها ، وذكر هذه الأقوال في الهدي روايات عن الإمام أحمد رحمه الله .

فائدة :

وكذا الحكم لو أعتق نصفي عبدين ، أو أمتين ، أو أمة وعبدا ، بل هذه هي الأصل في الخلاف ، وقيل : إن كان باقيهما حرا : أجزأ وجها واحدا ، لتكميل الحرية ، قال في القاعدة الحادية بعد المائة : وخرج الأصحاب على الوجهين : لو أخرج في الزكاة نصفي شاتين ، وزاد في التلخيص : لو أهدى نصفي شاتين ، قال في القواعد : وفيه نظر ، إذ المقصود من الهدي اللحم ، ولهذا أجزأ فيه شقص من بدنة ، وروي عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على الإجزاء هنا . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية