صفحة جزء
قوله ( والسنة : أن يتلاعنا قياما بمحضر جماعة ) ، هذا المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والنظم ، وقدمه في الفروع ، وقيل : بمحضر أربعة فأزيد ، جزم به في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والوجيز ، قال المصنف ، والشارح : يسن أن يكون بمحضر جماعة من المسلمين ، ويستحب أن لا ينقصوا عن أربعة . انتهى . قلت : لعل المسألة قولا واحدا ، وأن بعض الأصحاب : قال " جماعة " وبعضهم قال " أربعة " ومراد من قال " جماعة " أن لا ينقصوا عن أربعة ، ولكن صاحب الفروع غاير بين القولين ، فإن كان أحد من الأصحاب صرح في قوله " جماعة " أنهم أقل من أربعة : [ ص: 240 ] فمسلم ، وإلا فالأولى : أن المسألة قولا واحدا ، كما قال المصنف ، والشارح ، والله أعلم .

قوله ( في الأوقات ، والأماكن المعظمة ) ، هذا المذهب ، جزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والنظم ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، والوجيز ، وغيرهم ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، وقيل : لا يسن تغليظه بمكان ولا زمان ، اختاره القاضي ، والمصنف ، وقدمه في الكافي ، وصححه في المغني ، وأطلقهما في الفروع ، وخص في الترغيب هذين الوجهين بأهل الذمة ، وهو احتمال في المغني ، والشرح .

فائدة

" الزمان " بعد العصر ، وقال أبو الخطاب في موضع آخر : بين الأذانين ، و " المكان " بمكة ، بين الركن والمقام ، وبالمدينة : عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي بيت المقدس : عند الصخرة ، وفي سائر البلدان : في جوامعها ، ويأتي لهذا مزيد بيان في " باب اليمين في الدعاوى " . قوله ( وأن يكون ذلك بحضرة الحاكم ) ، يشترط في صحة اللعان : أن يكون بحضرة الحاكم أو نائبه ، وهو المذهب ، وعليه الأصحاب ، لكن ظاهر كلام المصنف هنا : أن حضوره مستحب ، ولم أره لغيره ، وقد يقال : لا يلزم من كون المصنف جعله سنة : انتفاء الوجوب ، إذ السنة في قوله " والسنة " أعم من أن يكون مستحبا أو واجبا .

فائدة : لو حكما رجلا يصلح للقضاء ، وتلاعنا بحضرته ، فقال الشارح : قد ذكرنا أن من شرط صحة اللعان : أن يكون بحضرة الإمام أو نائبه ، [ ص: 241 ] وحكى شيخنا في آخر كتاب القضاء يعني : في المقنع إذا تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء ، فحكماه بينهما : نفذ حكمه في اللعان في ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، وحكاه أبو الخطاب ، قلت : وهو المذهب ; لأنه كحاكم الإمام ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره ، على ما يأتي هناك إن شاء الله تعالى ، وقال القاضي : لا ينفذ إلا في الأموال خاصة ، وحاصله : أنهما إذا حكما رجلا ، هل يكون كالحاكم من جميع الوجوه أم لا ؟ على ما يأتي بيانه . قوله ( فإن كانت المرأة خفرة : بعث الحاكم من يلاعن بينهما ) ، وهذا المذهب ، وعليه الأصحاب ، وقال في عيون المسائل في مسألة فسخ الخيار بلا حضور الآخر : للزوج أن يلاعن مع غيبتها ، وتلاعن هي مع غيبته .

التالي السابق


الخدمات العلمية