صفحة جزء
قوله ( فإذا تم الحد بينهما : ثبت أربعة أحكام ، أحدها : سقوط الحد عنه ، أو التعزير ) بلا نزاع ( ولو قذفها برجل بعينه : سقط الحد عنه لهما ) ، هذا المذهب : وعليه الأصحاب ، وقال الشارح ، وقال بعض أصحابنا : القذف للزوجة وحدها ، ولا يتعلق بغيرها حق في المطالبة ولا الحد . قوله ( الثاني الفرقة بينهما ) ، يعني : تحصل الفرقة ( بتمام تلاعنهما ) ، فلا يقع الطلاق ، هذا المذهب ، جزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم ، واختاره أبو بكر وغيره ، فيما حكاه المصنف ، وغيره ، وعنه : لا تحصل الفرقة حتى يفرق الحاكم بينهما ، وهو ظاهر كلام الخرقي ، واختاره القاضي ، والشريف ، وأبو الخطاب في خلافاتهم ، وابن البنا وغيرهم ، ويلزم الحاكم الفرقة بلا طلب ، قال ابن نصر الله : فيعايى بها ، فيقال : حكم يلزم الحاكم بغير طلب ، كذا أحكام الحسبة ، وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمصنف ، وأبي بكر فيما حكاه القاضي في تعليقه وغيرهم ، [ ص: 252 ] قال في الخلاصة : فإذا تلاعنا فرق بينهما ، وعنه : لا تحصل الفرقة إلا بحكم الحاكم بالفرقة ، فينتفي الولد ، قال في الانتصار : واختاره عامة الأصحاب .

قوله ( الثالث : التحريم المؤبد ) ، هذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، قال المصنف وغيره : هذا ظاهر المذهب ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم ، وصححه في النظم ، وفي الخلاصة هنا ، وعنه : إن أكذب نفسه حلت له ، قال ابن رزين : وهي أظهر ، قال المصنف ، والشارح : هي رواية شاذة ، شذ بها حنبل عن أصحابه ، قال أبو بكر : لا نعلم أحدا رواها غيره ، وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والمصنف في هذا الكتاب في " باب المحرمات في النكاح " كما تقدم ، وعنه : تباح له بعقد جديد ، حكاها الشيرازي ، والمجد .

تنبيه :

قال الزركشي : اختلف نقل الأصحاب في رواية حنبل ، فقال القاضي في الروايتين : نقل حنبل " إن أكذب نفسه زال تحريم الفراش ، وعادت مباحة كما كانت بالعقد الأول " ، وقال في الجامع والتعليق : " إن أكذب نفسه جلد الحد وردت إليه " ، فظاهر هذا : أنها ترد إليه من غير تجديد عقد ، وهو ظاهر كلام أبي محمد ، قال في الكافي ، والمغني : نقل حنبل " إن أكذب نفسه عاد فراشه كما كان " ، [ ص: 253 ] زاد في المغني " وينبغي أن تحمل هذه الرواية على ما إذا لم يفرق الحاكم ، فأما مع تفريق الحاكم بينهما : فلا وجه لبقاء النكاح بحال " ، قال : وفيما قال نظر ، فإنه إذا لم يفرق الحاكم فلا تحريم حتى يقال : حلت له . انتهى .

قلت : النظر على كلامه أولى ، فإن رواية حنبل ظاهرها : سواء فرق الحاكم بينهما أو لا ، فإنه قال " إن أكذب نفسه حلت له وعاد فراشه بحاله " ، والصحيح : أن الفرقة تحصل بتمام التلاعن من غير تفريق من الحاكم ، كما تقدم ، وقوله " إن أكذب نفسه حلت له " فيه دليل على أنها محرمة عليه قبل تكذيب نفسه ، قال الزركشي : والذي يقال في توجيه هذه الرواية : ظاهر هذا أن الفرقة إنما استندت للعان ، وإذا أكذب نفسه كان اللعان كأن لم يوجد ، وإن لم يزل ما يترتب عليه ، وهو الفرقة ، وما نشأ عنها ، وهو التحريم ، قال : وأعرض أبو البركات عن هذا كله ، فقال : إن الفرقة تقع فسخا متأبد التحريم ، وعنه : إن أكذب نفسه حلت له بنكاح جديد أو ملك يمين إن كانت أمة وقد سبقه إلى ذلك الشيرازي ، فحكى الرواية بإباحتها بعقد جديد . انتهى .

قوله ( وإن لاعن زوجته الأمة ، ثم اشتراها : لم تحل له إلا أن يكذب نفسه ، على الرواية الأخرى ) ، وهي رواية حنبل ، والصحيح من المذهب : أنها لا تحل له كما لو كانت حرة كما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية