صفحة جزء
قوله ( الرابع : انتفاء الولد عنه بمجرد اللعان . ذكره أبو بكر ) اعلم أن الولد ينتفي بتمام تلاعنهما . على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب [ ص: 254 ] وقدمه في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم . وعنه : لا ينتفي إلا بحكم حاكم . وعنه : لا ينتفي إلا بحكم الحاكم بالفرقة ، فينتفي حينئذ كما تقدم . ومتى تحصل الفرقة . وقال في المحرر : ويتخرج أن ينتفي نسب الولد بمجرد لعان الزوج . وقاله في الانتصار . قال الزركشي : وكأنه خرجه من القول : إن تعذر اللعان من جهة المرأة يلاعن الزوج وحده لنفي الولد . وأما ذكر الولد في اللعان : فاختار أبو بكر أنه لا يعتبر ذكره في اللعان ، وأنه ينتفي عنه بمجرد اللعان . وقال القاضي : يشترط أن يقول " هذا الولد من زنا وليس هو مني " . وقال الخرقي : لا ينتفي حتى يذكره هو في اللعان . فإذا قال " أشهد بالله لقد زنيت " يقول " وما هذا الولد ولدي " وتقول هي " أشهد بالله لقد كذب . وهذا الولد ولده " . وهذا المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . منهم : القاضي ، والمصنف ، والشارح وغيرهم . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في النظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم . قال في المحرر : وإن قذفها ، وانتفى من ولدها : لم ينتف حتى يتناوله اللعان . إما صريحا ، كقوله " أشهد بالله لقد زنت ، وما هذا الولد ولدي " وتقول هي بالعكس . وإما ضمنا بأن يقول : من قذفها بزنا في طهر لم يصبها فيه ، وادعى أنه اعتزلها حتى ولدت " أشهد بالله إني لصادق فيما ادعيت عليها " أو " فيما رميتها به من الزنا " ونحوه . [ ص: 255 ] وقيل : ينتفي بنفيه في اللعان من الزوج ، وإن لم تكذبه المرأة في لعانها .

فائدة :

لو نفى أولادا : كفاه لعان واحد .

قوله ( وإن نفى الحمل في التعانه : لم ينتف حتى ينفيه عند وضعها له ، ويلاعن ) . هذا المذهب . نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله . وعليه أكثر الأصحاب . قال الزركشي : عليه عامة الأصحاب . قال في القاعدة الرابعة والثمانين : هذا المذهب عند الأصحاب . وجزم به الخرقي ، وصاحب الوجيز ، وناظم المفردات ، وغيرهم . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع . وهو من مفردات المذهب . وقيل : يصح نفيه قبل وضعه . واختاره المصنف ، والشارح . ونقله ابن منصور في لعانه . وهي في الموجز في نفيه أيضا . قال الخلال عن رواية ابن منصور : هذا قول أول . وذكر النجاد : أن رواية ابن منصور المذهب . وينبني على هذا الخلاف استلحاقه . فعلى الأول : لا يصح . ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابن القاسم . وعلى الثاني : يصح . قاله الزركشي . وعلى المذهب : يلاعن لدرء الحد . على الصحيح . وقال في الانتصار : نفيه ليس قذفا بدليل نفيه حمل أجنبية . فإنه لا يحد .

قوله ( ومن شرط نفي الولد : أن لا يوجد دليل على الإقرار به . فإن أقر به أو بتوأمه ، أو نفاه وسكت عن توأمه ، أو هنئ به [ ص: 256 ] فسكت ، أو أمن على الدعاء ، أو أخر نفيه مع إمكانه : لحقه نسبه ولم يملك نفيه )

. اعلم أن من شرط صحة نفيه : أن ينفيه حالة علمه من غير تأخير ، إذا لم يكن عذر . على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وجزم به في الوجيز . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع . وقيل : له تأخير نفيه ما دام في مجلس علمه . وقال في الانتصار : في لحوق الولد بواحد فأكثر إن استلحق أحد توأميه ونفى الآخر ولاعن له : لا يعرف فيه رواية . وعلة مذهبه جوازه . فيجوز أن يرتكبه .

قوله ( وإن قال : لم أعلم به ، أو لم أعلم أن لي نفيه ، أو لم أعلم أن ذلك على الفور ، وأمكن صدقه : قبل قوله ، ولم يسقط نفيه ) . شمل بمنطوقه مسألتين .

إحداهما : أن يكون قائل ذلك : حديث عهد بالإسلام . أو من أهل البادية فيقبل قوله بلا نزاع أعلمه .

الثانية : أن يكون عاميا . فلا يقبل قوله في ذلك . على الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع ، والقواعد الأصولية . وقطع به القاضي في المجرد . وقيل : يقبل . وهو ظاهر كلام المصنف هنا . واختاره المصنف ، والشارح . وأما إذا كان فقيها ، وادعى ذلك : فلا يقبل قوله ، على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . قاله المصنف والشارح . وقدمه في المغني ، والشرح ، والفروع ، وغيرهم . وقيل : يقبل . وهو احتمال للمصنف . ويحتمله كلامه هنا . واختار في الترغيب القبول ممن يجهله . [ ص: 257 ] قوله ( وإن أخره لحبس ، أو مرض ، أو غيبة ، أو شيء يمنعه ذلك : لم يسقط نفيه ) . هذا المذهب مطلقا . وقدمه في الفروع . وقال المصنف في المغني ، والشارح : إن كانت مدة ذلك تتطاول ، وأمكنه التنفيذ إلى الحاكم ليبعث إليه من يستوفي عليه اللعان ، فلم يفعل : بطل نفيه . وإن لم يمكنه أشهد على نفيه . فإن لم يفعل بطل خياره . وقطعا بذلك . وجزم به في الوجيز

قوله ( ومتى أكذب نفسه بعد نفيه : لحقه نسبه . ولزمه الحد إن كانت المرأة محصنة ، أو التعزير إن لم تكن محصنة ) . وهذا المذهب . وعليه الأصحاب . وينجر أيضا نسبه من جهة الأم إلى جهة الأب كالولاء . ويتوارثان . قال في الفروع : ويتوجه في الإرث وجه ، كما لا يرثه إذا أكذب نفسه . انتهى قال ابن نصر الله في حواشيه : هذا كلام لم يظهر معناه . وتوقف فيه شيخنا ومولانا القاضي علاء الدين ابن مغلى . ولعل " كما " زائدة . فيصير : ويتوجه وجه لا يرثه إذا أكذب نفسه . وهو ظاهر . وفي المستوعب رواية : لا يحد . وسأله مهنا : إن أكذب نفسه ؟ قال : لا حد ولا لعان . لأنه قد أبطل عنه القذف . انتهى . ولو أنفقت الملاعنة على الولد ثم استلحقه الملاعن رجعت عليه بالنفقة . ذكره المصنف . قال : لأنها إنما أنفقت عليه لظنها أنه لا أب له .

فوائد

الأولى : لو استلحق الولد : لم يصح استلحاقه حتى يقول بعد الوضع بضد ما قاله قبل ذلك . قاله ناظم المفردات ، وهو منها . [ ص: 258 ]

الثانية : لا يلحقه نسبه باستلحاق ورثته له بعد موته والتعانه . على الصحيح من المذهب . نص عليه . وقيل : يلحقه .

الثالثة : لو نفى من لا ينتفي ، وقال " إنه من زنا " حد إن لم يلاعن . على الصحيح من المذهب . اختاره أبو الخطاب ، والمصنف ، وابن عبدوس في تذكرته . وعنه : يحد ، وإن لاعن . اختاره القاضي ، وغيره . وأطلقهما في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي ، والفروع .

التالي السابق


الخدمات العلمية