صفحة جزء
[ ص: 123 ] قوله ( ولا يعقل ذمي عن حربي ، ولا حربي عن ذمي ) . وهو المذهب . وعليه الأصحاب . وقيل : يتعاقلان ، إن قلنا : يتوارثان . وإلا فلا . وهو تخريج في المغني ، والمحرر ، والشرح ، وغيرهم . قوله ( ومن لا عاقلة له ، أو لم تكن له عاقلة تحمل الجميع : فالدية أو باقيها عليه ، إن كان ذميا ) . هذا المذهب ، جزم به القاضي في كتبه . وجزم به في المغني ، والشرح ، والوجيز ، وغيرهم ، وقدمه في الرعاية الكبرى . وقيل : كمسلم . وأجرى في المحرر الروايتين اللتين في المسلم هنا . وأطلقهما في الفروع . قوله ( وإن كان مسلما أخذ من بيت المال ) . هذا المذهب . قال الزركشي : هذا المشهور من الروايتين ، وجزم به الخرقي ، وصاحب الوجيز . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم .

وعنه : لا تحمله ، اختاره أبو بكر في التنبيه . وأطلقهما في الشرح ، وظاهر ما جزم به في العمدة : أن ذلك على الجاني . فعلى المذهب : يكون حالا في بيت المال على الصحيح من المذهب ، صححه في المغني ، والشرح ، والزركشي ، وغيرهم . [ ص: 124 ] وقدمه في الفروع ، وغيره . وقيل : حكمه حكم العاقلة . قوله ( فإن لم يمكن ) يعني : أخذها من بيت المال . ( فلا شيء على القاتل ) . وهو المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله . قال الزركشي : وهذا المعروف عند الأصحاب . بناء على أن الدية وجبت على العاقلة ابتداء ، وجزم به الخرقي ، وصاحب الوجيز ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم . قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب ، وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم . وهو من مفردات المذهب . ويحتمل أن تجب في مال القاتل .

قال المصنف هنا : وهو أولى ، فاختاره . [ ثم قال كما لو قالوا في فطرة زوجة المعسر ، وضيفه . فإنه عليهما دونه ; لأنهما محتملان لا أصليان . وكقراءة المأموم بمن لا يرى تحملها عنه . ونحو ذلك . وهو كل من تحمل عنه شيئا مغرما أو مغنما باختياره له لتسببه فيه . أو قهرا عنه بأصل الشرع ونحو ذلك ] . وقال كقولهم في المرتد : يجب أرش خطئه في ماله . ولو رمى وهو مسلم فلم يصب السهم حتى ارتد : كان عليه في ماله . ولو رمى الكافر سهما ثم أسلم ، ثم قتل السهم إنسانا : فديته في ماله . ولو جنى ابن المعتقة ثم انجر ولاؤه ثم سرت جنايته : فأرش الجناية في ماله لتعذر حمل العاقلة له . قال : فكذا هذا . [ ص: 125 ] فاستشهد المصنف رحمه الله على صحة ما اختاره بهذه المسائل وغيرها . وذكر أن الأصحاب قالوا بها . فنذكر كل مسألة من المستشهد بها وما فيها من الخلاف . فمنها : قوله " يجب أرش خطأ المرتد في ماله " وهذا المذهب ونسبه المصنف هنا إلى الأصحاب . ولا شك أن عليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الوجيز ، وغيره . وحكي وجه : لا شيء عليه كالمسلم . ومنها : قوله " ولو رمى وهو مسلم ، فلم يصب السهم حتى ارتد : كان عليه في ماله ، وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في المحرر ، وغيره ، وصححه في الفروع ، وغيره . وقيل : لا شيء عليه .

ومنها : قوله " ولو رمى الكافر سهما ثم أسلم . ثم قتل السهم إنسانا : فديته في ماله " على الصحيح من المذهب ، وجزم به في المحرر ، والوجيز ، والمنور ، وغيرهم ، وصححه في الفروع ، وغيره . وقيل : لا شيء عليه . ومنها قوله " ولو جنى ابن المعتقة ، ثم انجر ولاؤه ، ثم سرت جنايته : فأرش الجناية في ماله لتعذر حمل العاقلة " وهو المذهب ، جزم به في المغني ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، وغيرهم . قال في الفروع : وإن تغير دين جارح حالتي جرح وزهوق : عقلت عاقلته حال الجرح . وقيل : أرشه . [ ص: 126 ] وقيل : الكل في ماله . وإن انجر ولاء ابن معتقة بين جرح أو رمي وتلف فكتغير دين . وقاله في المحرر ، وغيره .

فائدة قوله ( ولا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ) . فسر القاضي ، وغيره الصلح بالصلح عن دم العمد . وقال المصنف ، وغيره : يغني عن ذلك ذكر العمد . بل معناه : صالح عنه صلح إنكار ، وجزم به في الروضة . قال الشارح : وهو أولى ، وقدمه الزركشي ، وجزم به ابن منجا في شرحه . وهو الصواب .

تنبيه : قوله ( ولا اعترافا ) . ومعناه : أن يقر على نفسه أنه قتل خطأ ، أو شبه عمد ، أو جنى جناية خطأ أو شبه عمد ، توجب ثلث الدية فأكثر . فلا تحمله العاقلة . لكن مرادهم : إذا لم تصدقه العاقلة به . وتعليلهم يدل عليه . [ بل وصرح به ابن نصر الله في حاشيته على شرح الزركشي للخرقي . لكن لو سكتت فلم تتكلم ، أو قالت : لا نصدقه ولا نكذبه ، أو قالت : لا علم لنا بذلك . فهل هو كقول المدعي " لا أقر ، ولا أنكر " أو " لا أعلم قدر حقه " أو كسكوته ؟ وهو الأظهر ، إن كان ذلك في جواب دعوى فنكولهم كنكوله . وإن لم يكن في جواب دعوى : لم يلزمهم شيء . ولم يصح الحكم بنكولهم . وصرح به أيضا في الرعاية الكبرى ، فقال فيها : ولا اعترافا تنكره . انتهى ] قوله ( ولا ما دون ثلث الدية ) . [ ص: 127 ] هذا المذهب . وعليه الأصحاب . ونقل ابن منصور : إذا شربت دواء عمدا ، فأسقطت جنينا : فالدية على العاقلة . قال في الفروع : فيتوجه منها احتمال تحمل العاقلة القليل . ونقل أبو طالب : ما أصاب الصبي من شيء : فعلى الأب إلى قدر ثلث الدية . فإذا جاوز ثلث الدية : فعلى العاقلة . فهذه رواية لا تحمل الثلث .

تنبيه : قوله ( ولا ما دون ثلث الدية . ويكون ذلك في مال الجاني حالا ، إلا غرة الجنين إذا مات مع أمه . فإن العاقلة تحملها مع دية أمه ) . يعني : وهي أقل من ثلث الدية بانفرادها ، لكن لما وجبت مع الأم في حالة واحدة ، بجناية واحدة ، مع زيادتهما على الثلث : حملتها العاقلة ، كالدية الواحدة . وهذا المذهب نص عليه . وعليه الأصحاب . وقال في عيون المسائل خبر المرأة التي قتلت المرأة وجنينها ، وجه الدليل : { أنه صلى الله عليه وسلم قضى بدية للجنين على الجانية } . حيث لم تبلغ الثلث .

التالي السابق


الخدمات العلمية