صفحة جزء
قوله ( وإن سرق نصابا ، ثم نقصت قيمته ، أو ملكه ببيع أو هبة ، أو غيرهما : لم يسقط القطع ) . إذا سرق نصابا ، ثم نقصت قيمته عن النصاب . فلا يخلو : إما أن يكون نقصها قبل إخراجه من الحرز ، أو بعد إخراجه . فإن نقصت بعد إخراجه وهو مراد المصنف قطع بلا نزاع أعلمه . وإن نقصت قبل إخراجه من الحرز كما مثل المصنف بعد ذلك " إذا دخل الحرز فذبح شاة قيمتها نصاب فنقصت . أو قلنا : هي ميتة ثم أخرجها ، أو دخل الحرز فأتلفها فيه بأكل أو غيره " لم يقطع بلا نزاع أعلمه . واعلم أن السارق إذا ذبح المسروق : يحل على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وحكى رواية : أنه ميتة ، لا يحل أكله مطلقا ، واختاره أبو بكر . وتقدم مثل ذلك في الغصب ويأتي أيضا في الذكاة . وهو محلها .

[ ص: 265 ] وأما إذا ملكه السارق ببيع أو هبة أو غيرهما ، فلا يخلو : إما أن يكون ذلك بعد الترافع إلى الحاكم أو قبله . فإن كان بعد الترافع إلى الحاكم : لم يسقط القطع . قولا واحدا . وليس له العفو عنه ، نص عليه . وعليه الأصحاب . لكن ظاهر كلامه في الواضح وغيره : للمسروق منه العفو عنه قبل الحكم . وحمل ابن منجا كلام المصنف عليه . أعني على ما بعد الترافع إلى الحاكم . وقال : في كلامه ما يشعر بالرفع ; لأنه قال " لم يسقط " والسقوط يستدعي وجوب القطع . ومن شرط وجوب القطع : مطالبة المالك . وذلك يعتمد الرفع إلى الحاكم . انتهى وعبارته في الهداية والكافي ، والمحرر ، والوجيز ، وغيرهم : مثل عبارة المصنف . وإن كان قبل الترافع إلى الحاكم : لم يسقط القطع أيضا على الصحيح من المذهب ، وجزم به جماعة . وذكره ابن هبيرة عن الإمام أحمد رحمه الله . وهو ظاهر كلامه في البلغة ، والرعاية الصغرى ، وتذكرة ابن عبدوس ، وغيرهم واختاره أبو بكر ، وغيره . وهو ظاهر ما قدمه في الفروع . وقال المصنف في المغني ، والشارح : يسقط قبل الترافع إلى الحاكم والمطالبة بها عنده . وقالا : لا نعلم فيه خلافا . وهو ظاهر كلام ابن منجا في شرحه .

[ ص: 266 ] قلت : وهو ظاهر كلامه في الهداية ، والكافي ، والمحرر ، والمصنف هنا وغيرهم ، واختاره ابن عقيل ، وجزم به في الإيضاح ، والعمدة ، والنظم . فيعايى بها . قال في الفروع : وفي الخرقي ، والإيضاح ، والمغني : يسقط قبل الترافع . قال الإمام أحمد رحمه الله تدرأ الحدود بالشبهات . انتهى . قلت : ليس كما قال عن الخرقي . فإن كلامه محتمل لغيره . فإنه قال : ويقطع السارق وإن وهبت له السرقة بعد إخراجه . بل ظاهر كلامه : القطع ، سواء كان قبل الترافع أو بعده .

التالي السابق


الخدمات العلمية