صفحة جزء
وقوله ( فأما اليمين على الماضي : فليست منعقدة . وهي نوعان : يمين الغموس . وهي التي يحلف بها كاذبا ، عالما بكذبه ) . يمين الغموس : لا تنعقد على الصحيح من المذهب . نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله . قال المصنف والشارح : ظاهر المذهب لا كفارة فيها . قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب . قال الزركشي : وعليه الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع وغيره . وعنه فيها الكفارة ويأثم ، كما يلزمه عتق وطلاق ، وظهار وحرام ونذر . قاله الأصحاب . فيكفر كاذب في لعانه . ذكره في الانتصار . وأطلقهما في الهداية . قوله ( ومثله الحلف على مستحيل ، كقتل الميت وإحيائه ، وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه ) . اعلم أنه إذا علق اليمين على مستحيل ، فلا يخلو : إما أن يعلقها بفعله ، أو يعلقها بعدم فعله .

[ ص: 17 ] فإن علقها بفعل مستحيل سواء كان مستحيلا لذاته أو في العادة مثل أن يقول ( والله إن طرت ) أو ( لا طرت ) أو ( صعدت السماء ) أو ( شاء الميت ) أو ( قلبت الحجر ذهبا ) أو ( جمعت بين الضدين ) أو ( رددت أمس ) أو ( شربت ماء الكوز ) ولا ماء فيه ونحوه . فقال في الفروع : هذا لغو وقطع به . ذكره في الطلاق في الماضي والمستقبل . وجزم به في المحرر في تعليق الطلاق بالشروط . وإن علق يمينه على عدم فعل مستحيل . سواء كان مستحيلا لذاته ، أو في العادة ، نحو ( والله لأصعدن السماء ) أو ( إن لم أصعد ) أو ( لا شربت ماء الكوز ) ولا ماء فيه . أو ( إن لم أشربه ) أو ( لأقتلنه ) فإذا هو ميت ، علمه أو لم يعلم . ونحو ذلك . ففيه طريقان .

أحدهما : فيه ثلاثة أوجه . كالحلف بالطلاق على ذلك . أحدها وهو الصحيح منها تنعقد . وعليه الكفارة . وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي . ذكروه في تعليق الطلاق بالشروط .

والثاني : لا تنعقد . ولا كفارة عليه .

والثالث : لا تنعقد في المستحيل لذاته ، ولا كفارة عليه فيه . وتنعقد في المستحيل عادة في آخر حياته . وقيل : إن وقته ففي آخر وقته . ذكره أبو الخطاب اتفاقا في الطلاق .

والطريق الثاني : لا كفارة عليه بذلك مطلقا . وهو ظاهر كلام المصنف هنا . وأطلق الطريقين في الفروع في باب الطلاق في الماضي والمستقبل .

[ ص: 18 ] والذي قدمه في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي : أن حكم اليمين بذلك حكم اليمين بالطلاق . على ما تقدم في باب الطلاق في الماضي والمستقبل . وقال المصنف ، والشارح في المستحيل عقلا : كقتل الميت وإحيائه ، وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه . قال أبو الخطاب : لا تنعقد يمينه . ولا تجب بها كفارة . وقال القاضي : تنعقد موجبة للكفارة في الحال . وقال المصنف والشارح في المستحيل عادة ، كصعود السماء ، والطيران ، وقطع المسافة البعيدة في المدة القليلة إذا حلف على فعله : انعقدت يمينه ، ووجبت الكفارة . ذكره القاضي ، وأبو الخطاب . واقتصرا عليه . انتهيا

التالي السابق


الخدمات العلمية