صفحة جزء
قوله ( وإن حلف " لا يأكل شيئا " فأكله مستهلكا في غيره ، مثل إن حلف " لا يأكل لبنا " فأكله زبدا ، أو " لا يأكل سمنا " فأكل خبيصا فيه سمن لا يظهر فيه طعمه ، أو " لا يأكل بيضا " فأكل ناطفا ، أو " لا يأكل شحما " فأكل اللحم الأحمر ، أو " لا يأكل شعيرا " فأكل حنطة فيها حبات شعير : لم يحنث ) . يشتمل كلام المصنف هنا على مسائل : منها : لو حلف لا يأكل لبنا . فإنه يحنث بأكل كل لبن . ولو من صيد وآدمية . على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . وقال في الفروع : ويتوجه فيهما ما تقدم في مسألة الخبز والماء . وإن أكل زبدا لم يحنث . على الصحيح من المذهب . كما قطع به المصنف هنا . إذا لم يظهر فيه طعمه . ونص عليه . وجزم به في منتخب الأدمي ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . وجزم المصنف قبل ذلك بأنه لا يحنث مطلقا . وذكر الذي ذكره هنا احتمالا للقاضي .

[ ص: 96 ] ولعل كلام الأصحاب في تلك المسألة محمول على ما إذا لم يظهر فيه طعمه . كما صرحوا به هنا . أو يقال : الزبد ليس فيه شيء من اللبن مستهلكا . ولذلك لم يذكر هذه الصورة في الوجيز هنا . ولا جماعة غيره . وقال في الترغيب : وعن الإمام أحمد رحمه الله في حنثه بزبد وأقط وجبن : روايتان . وأما إذا ظهر طعمه فيه ، فإنه يحنث . ومنها : لو حلف لا يأكل سمنا . فأكل خبيصا فيه سمن لا يظهر فيه طعمه : لم يحنث . وإن ظهر فيه طعمه : حنث بلا خلاف أعلمه . ومنها : لو حلف لا يأكل بيضا . فأكل ناطفا : لم يحنث . قولا واحدا . وقال في القاعدة الثانية والعشرين : لو حلف لا يأكل شيئا . فاستهلك في غيره ثم أكله . قال الأصحاب : لا يحنث . ولم يخرجوا فيه خلافا . وقد يخرج فيه وجه بالحنث . وقد أشار إليه أبو الخطاب . ومنها : لو حلف لا يأكل شحما . فأكل اللحم الأحمر : لم يحنث . على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . قال في الفروع : لا يحنث بأكل اللحم الأحمر . على الأصح . قال المصنف : وهو الصحيح . قال الشارح : وهو قول غير الخرقي من أصحابنا . قال الزركشي : وقال عامة الأصحاب : لا يحنث . وجزم به في الوجيز ، وغيره : وقدمه في الهداية ، والخلاصة ، والمحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وغيرهم .

[ ص: 97 ] ( وقال الخرقي : يحنث بأكل اللحم الأحمر وحده ) . وهو ظاهر كلام أبي الخطاب . وأطلقهما في المذهب . وتقدم : إذا حلف لا يأكل اللحم ، فأكل الشحم أو غيره ، أو لا يأكل الشحم فأكل شحم الظهر ونحو ذلك . ومنها : لو حلف لا يأكل شعيرا ، فأكل حنطة فيها حبات شعير : لم يحنث على الصحيح من المذهب . قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب . قال في الفروع : لم يحنث على الأصح . قال الشارح : والأولى أنه لا يحنث . وجزم به في الوجيز ، ومنتخب الأدمي ، والمنور ، وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم . وهو تخريج في الهداية . وقال غير الخرقي : يحنث بأكل حنطة فيها حبات شعير . قال في الخلاصة ، والترغيب : حنث في الأصح . وقدمه في الهداية ، والمذهب . وأطلق وجهين في الكافي ، والمحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . قال في الفروع : وذكر أبو الخطاب ، وغيره : في حنثه وجهين . وقال في الترغيب : يحنث بلا خلاف ، إن كان غير مطحون . وغلط من نقل وجهين مطلقين . وإن كان مطحونا : لم يحنث . نقله في القواعد الفقهية . وقال في الفروع : وفي الترغيب إن طحنه : لم يحنث ، وإلا حنث في الأصح . انتهى .

[ ص: 98 ] قلت : قطع ابن عبدوس في تذكرته : أنه لا يحنث إذا أكل ذلك غير مطحون . ويحنث إذا أكله دقيقا أو سويقا . فقال : لو " حلف لا آكل شعيرا " فأكل حنطة فيها حبات شعير : لم يحنث بل بدقيقه وسويقه وشربهما ، أو بالعكس .

التالي السابق


الخدمات العلمية