صفحة جزء
[ ص: 238 ] باب طريق الحكم وصفته قوله ( إذا جلس إليه خصمان ، فله أن يقول : من المدعي منكما ؟ وله أن يسكت حتى يبتدئا ) الصحيح من المذهب : أنه إذا جلس إليه الخصمان : أن له أن يقول " من المدعي منكما ؟ " وعليه جماهير الأصحاب . قال في الفروع : وله أن يسكت حتى يبدأ . والأشهر أن يقول : أيكما المدعي ؟ . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والبلغة ، والمحرر ، والنظم ، والرعاية ، والحاوي ، والوجيز ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، وتذكرة ابن عبدوس ، وغيرهم . وقيل : لا يقوله حتى يبدأ بأنفسهما . فإن سكتا ، أو سكت الحاكم : قال القائم على رأس القاضي " من المدعي منكما ؟ " . فائدتان الأولى : لا يقول الحاكم ولا القائم على رأسه لأحدهما " تكلم " لأن في إفراده بذلك تفضيلا له وتركا للإنصاف .

الثانية : لو بدأ أحدهما فادعى ، فقال خصمه " أنا المدعي " لم يلتفت إليه ويقال له " أجب عن دعواه ، ثم ادع بما شئت " . قوله ( وإن ادعيا معا : قدم أحدهما بالقرعة ) . هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . قال الشارح : قياس المذهب : أن يقرع بينهما . [ ص: 239 ] وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والبلغة ، والوجيز والمنور ، ومنتخب الأدمي وغيرهم . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وتجريد العناية ، وغيرهم . وقيل : يقدم الحاكم من شاء منهما . فائدتان

إحداهما : لا تسمع الدعوى المقلوبة . على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . وقدمه في الفروع . وقال : وسمعها بعضهم ، واستنبطها . قلت : الذي يظهر : أنه استنبطها من الشفعة فيما إذا ادعى الشفيع على شخص أنه اشترى الشقص ، وقال " بل اتهبته " أو " ورثته " فإن القول قوله مع يمينه . فلو نكل عن اليمين ، أو قامت للشفيع بينة بالشراء : فله أخذه ودفع ثمنه . فإن قال " لا أستحقه " قيل له : إما أن تقبل ، وإما أن تبرئه . على أحد الوجوه . وقطع به المصنف هناك . فلو ادعى الشفيع عليه ذلك : ساغ . وكانت شبيهة بالدعوى المقلوبة . ومثله في الشفعة أيضا : لو أقر البائع بالبيع ، وأنكر المشتري وقلنا : تجب الشفعة وكان البائع مقرا بقبض الثمن من المشتري . فإن الثمن الذي في يد الشفيع لا يدعيه أحد . فيقال للمشتري : إما أن تقبض ، وإما أن تبرئ . على أحد الوجوه . وتقدم ذلك في كلام المصنف . [ ص: 240 ] وقال الأصحاب ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله : لو جاءه بالسلم قبل محله ، ولا ضرر في قبضه : لزمه ذلك . فإن امتنع من القبض قيل له : إما أن تقبض حقك أو تبرأ منه . فإن أبى : رفع الأمر إلى الحاكم . على ما تقدم في باب السلم . وكذا في الكتابة . فيستنبط من ذلك كله : صحة الدعوى المقلوبة .

الثانية : لا تصح الدعوى والإنكار إلا من جائز التصرف . وقد صرح به المصنف في أول " باب الدعاوى والبينات " في قوله " ولا تصح الدعوى والإنكار إلا من جائز التصرف " انتهى . وتصح الدعوى على السفيه مما يؤخذ به في حال عجزه لسفه ، وبعد فك حجره . ويحلف إذا أنكر . قوله ( ثم يقول للخصم : ما تقول فيما ادعاه ؟ ) . هذا المذهب . قال في المحرر ، وغيره : هذا أصح . وجزم به في الهداية ، والخلاصة ، والوجيز ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، وتذكرة ابن عبدوس ، وغيرهم . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، والمغني ، والشرح ونصراه . ويحتمل أن لا يملك سؤاله ، حتى يقول المدعي " وأسأل سؤاله عن ذلك " . وفي المذهب ، والمستوعب : وجهان .

تنبيه :

ظاهر كلام المصنف ، وغيره : أن الدعوى تسمع في القليل والكثير . وهو كذلك . وعليه جماهير الأصحاب . [ ص: 241 ] وقدمه في الفروع . وقال في الترغيب : لا تسمع في مثل ما لا تتبعه الهمة ، ولا يعدى حاكم في مثل ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية