صفحة جزء
قوله ( إلا أن يرتاب بهما ، فيفرقهما . ويسأل كل واحد " كيف تحملت الشهادة ؟ ومتى ؟ وفي أي موضع ؟ وهل كنت وحدك ، أو أنت وصاحبك ؟ " فإن اختلفا : لم يقبلهما . وإن اتفقا . وعظهما ، وخوفهما . فإن ثبتا : حكم بهما إذا سأله المدعي ) . يلزم الحاكم سؤال الشهود ، والبحث عن صفة تحملهما ، وغيره ، إذا ارتاب فيهما . على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . وظاهر كلام القاضي في الخلاف : وجوب التوقف حتى يتبين وجه الطعن . وقال في الترغيب : لو ادعى جرح البينة ، فليس له تحليف المدعي في الأصح . وقال في الرعاية : إن اختلفا توقف فيهما . وقيل : تسقط شهادتهما . قوله ( وإن جرحهما المشهود عليه : كلف ) إقامة ( البينة بالجرح فإن سأل الإنظار : أنظر ثلاثا ) . على الصحيح من المذهب . قال في الرعايتين : يمهل الجارح ثلاثة أيام في الأصح إن طلبه . وجزم به كثير من الأصحاب . وقيل : لا يمهل . قوله ( ولا يسمع الجرح إلا مفسرا بما يقدح في العدالة . إما أن يراه ، أو يستفيض عنه ) . [ ص: 288 ] فلا يكفي مطلق الجرح . وهذا المذهب . قاله في الفروع ، والزركشي ، وغيرهما . وجزم به في الوجيز ، وغيره وقدمه في المحرر ، وغيره . وقيل : يقبل الجرح من غير تبيين سببه . وعنه ( يكفي أن يشهد : أنه فاسق وليس بعدل ) كالتعديل في أصح الوجهين فيه . وقيل : إن اتحد مذهب الجارح والحاكم ، أو عرف الجارح أسباب الجرح : قبل إجماله ، وإلا فلا . قال الزركشي : وهو حسن وقيل : يكفي قوله " والله أعلم به " ونحوه . ذكرهما في الرعاية .

تنبيه :

قوله ( أو يستفيض عنه ) . اعلم أن له أن يشهد بجرحه بما يقدح في العدالة بالاستفاضة عنه ذلك . على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . وقيل : ليس له ذلك كالتزكية . في أصح الوجهين فيها . وفي التزكية وجه . اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال : المسلمون يشهدون في مثل عمر بن عبد العزيز ، والحسن البصري رضي الله تعالى عنهما بما لا يعلمونه إلا بالاستفاضة . وقال : لا نعلم في الجرح بالاستفاضة نزاعا بين الناس . [ ص: 289 ] وقال في الترغيب : لا يجوز الجرح بالتسامع . نعم ، لو زكى جاز التوقف بتسامع الفسق . فائدتان

إحداهما : قال في المحرر : الجرح المبين : أن يذكر ما يقدح في العدالة عن رؤية ، أو استفاضة والمطلق : أن يقول " هو فاسق " أو " ليس بعدل " . قال الزركشي : هذا هو المشهور . وقال القاضي في خلافه : هذا هو المبين . والمطلق أن يقول " الله أعلم " ونحوه .

الثانية : يعرض الجارح بالزنا . فإن صرح ، ولم يأت بتمام أربعة شهود : حد . خلافا للشافعي رحمه الله .

تنبيه :

قوله ( وإن جهل : طالب المدعي بتزكيته ) . بناء على اعتبار العدالة ظاهرا وباطنا . وهو المذهب . كما تقدم .

فائدة :

التزكية حق للشرع . يطلبها الحاكم ، وإن سكت عنها الخصم . هذا الصحيح من المذهب . وقيل : بل هي حق للخصم . فلو أقر بها حكم عليه بدونها . وعلى الأول : لا بد منها . ويأتي بأعم من هذا قريبا . قوله ( ويكفي في التزكية شاهدان . يشهدان : أنه عدل رضى ) . قوله " يشهدان أنه عدل رضى " يشترط في قبول المزكيين : معرفة الحاكم خبرتهما الباطنة بصحبة ومعاملة ، ونحوهما . على الصحيح من المذهب . [ ص: 290 ] قطع به في الرعاية الكبرى . وقدمه في الفروع ، وغيره . وقيل : يقبلان مع جهل الحاكم خبرتهما الباطنة . وقال في الرعاية ، وغيرها : ولا يتهم بعصبية أو غيرها . قوله " يشهدان أنه عدل رضى " . وكذا لو شهدا " أنه عدل مقبول الشهادة " بلا نزاع . ويكفي قولهما " عدل " على الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع .

قال الزركشي : ظاهر كلام أبي محمد الجوزي ، وظاهر كلام أبي البركات : المنع . وقال في الترغيب : هل يكفي قولهما " عدل " فيه وجهان . وأطلقهما في الرعاية . فوائد

الأولى : لا يكفي قولهما " لا نعلم إلا خيرا " .

الثانية : قال جماعة من الأصحاب : لا يلزم المزكي الحضور للتزكية . وجزم به في الرعاية ، وغيره وقال في الفروع : ويتوجه وجه . الثالثة : لا تجوز التزكية إلا لمن له خبرة باطنة . قطع به الأصحاب . وزاد في الترغيب : ومعرفة الجرح والتعديل الرابعة : هل تعديل الشهود عليه وحده تعديل في حقه ، وتصديق الشهود عليه تعديل ؟ وهل تصح التزكية في واقعة واحدة ؟ فيه وجهان [ ص: 291 ] وأطلقهما في الفروع ، والرعاية . قال الإمام أحمد رحمه الله : لا يعجبني أن يعدل . إن الناس يتغيرون . وقال : قيل لشريح : قد أحدثت في قضائك ؟ فقال " إنهم أحدثوا فأحدثنا " قال في الرعاية الكبرى : وإن أقر الخصم بالعدالة . فقال : " هما عدلان فيما شهدا به علي " أو " صادقان " حكم عليه بلا تزكية . وقيل : لا . وقال : هل تصديق الشهود تعديل لهم ؟ فيه وجهان . وقال في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير : والتزكية حق لله . فتطلب وإن سكت الخصم . فإن أقر بالعدالة : حكم عليه . وقيل : لا يحكم . وأطلق المصنف ، والشارح فيما إذا عدل المشهود عليه الشاهد الوجهين . وأطلق في الرعاية في صحة التزكية في واقعة واحدة الوجهين . وقال ، وقيل : إن تبعضت جاز . وإلا فلا تزكية . تنبيه :

قوله ( وإن عدله اثنان . وجرحه اثنان : فالجرح أولى ) . بلا نزاع .

وإذا قلنا : يقبل جرح واحد ، فجرحه واحد ، وزكاه اثنان : فالتزكية أولى على أصح الوجهين . قاله في الفروع . وجزم به في المحرر ، والرعايتين ، والمنور ، والزركشي ، وغيرهم . وقيل : الجرح أولى . وهو أولى . وقال الزركشي : ولو عدله ثلاثة ، وجرحه اثنان ، فوجهان . فإن بينا السبب : فالجرح أولى . وإن لم يبينا السبب : فالتعديل أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية