صفحة جزء
قوله ( ومن كان له على إنسان حق ، ولم يمكنه أخذه بالحاكم وقدر له على مال : لم يجز له أن يأخذ قدر حقه . نص عليه ) . واختاره عامة شيوخنا . وهو المذهب . نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله . قال المصنف ، والشارح : هذا المشهور في المذهب . قال الزركشي : هذا المذهب المنصوص المشهور . وجزم به في الوجيز ، والخرقي ، وغيرهما . [ ص: 309 ] وقدمه في الفروع ، وغيره . وذهب بعضهم من المحدثين : إلى جواز ذلك . وحكاه ابن عقيل عن المحدثين من الأصحاب . وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله . وخرجه أبو الخطاب وتبعه جماعة من الأصحاب من قول الإمام أحمد رحمه الله تعالى في المرتهن : يركب ويحلب بقدر ما ينفق عليه . والمرأة تأخذ مؤنتها ، والبائع للسلعة يأخذها من مال المفلس بغير رضاه . وخرجه في المحرر ، وغيره ، من تنفيذ الوصي الوصية مما في يده إذا كتم الورثة بعض التركة .

قال الزركشي : وهو أظهر في التخريج . فعلى هذا : إن قدر على حبس حقه : أخذ بقدره ، وإلا قومه وأخذ بقدره متحريا للعدل في ذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لهند زوج أبي سفيان رضي الله عنهما { خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } ولقوله عليه أفضل الصلاة والسلام { الرهن مركوب ومحلوب } . وجزم به في الهداية ، والمحرر ، وغيرهما . وذكر في الواضح : أنه لا يأخذ إلا من جنس حقه . وهما احتمالان في المغني ، والشرح ، مطلقان . قال في القواعد الأصولية : وخرج بعض أصحابنا الجواز ، رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ، من جواز أخذ الزوجة من مال زوجها نفقتها ونفقة ولدها بالمعروف وقد نص الإمام أحمد رحمه الله ، على التفريق بينهما . فلا يصح التخريج .

وأشار إلى الفرق بأن المرأة تأخذ من بيت زوجها . يعني : أن لها يدا وسلطانا على ذلك . وسبب النفقة ثابت وهو الزوجية ، فلا تنسب بالأخذ إلى خيانة . [ ص: 310 ] وكذلك أباح في رواية عنه : أخذ الضيف من مال من نزل به ولم يقر بقدر قراه . ومتى ظهر السبب : لم ينسب الآخذ إلى خيانة . وعكس ذلك بعض الأصحاب . وقال . : إذا ظهر السبب : لم يجز الأخذ بغير إذن . لإمكان إقامة البينة عليه ، بخلاف ما إذا خفي . وقد ذكر المصنف ، والشارح في ذلك أربع فروق . فائدة : قال القاضي أبو يعلى ، في قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند { خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } هو حكم لا فتيا . واختلف كلام المصنف فيه . فتارة قطع بأنه حكم . وتارة قطع بأنه فتيا . قال الزركشي : والصواب أنه فتيا .

تنبيهات

أحدها : حيث جوزنا الأخذ بغير إذن ، فيكون في الباطن . قاله في المحرر ، والفروع ، وغيرهما . وظاهر كلام المصنف هنا : جواز الأخذ ظاهرا وباطنا . والأصول التي خرج عليها أبو الخطاب ، والمصنف ، وغيرهما : من حديث هند ، وحلب الرهن وركوبه تشهد لذلك . والأصول التي خرج عليها صاحب المحرر : تقتضي ما قاله . الثاني : مفهوم قوله ( ولم يمكنه أخذه بالحاكم ) . أنه إذا قدر على أخذه بالحاكم : لم يجز له أخذ قدر حقه إذا قدر عليه . وهو صحيح ، وهو المذهب . وعنه : في الضيف : يأخذ ، وإن قدر على أخذه بالحاكم . [ ص: 311 ] وظاهر الواضح : يأخذ الضيف ، وغيره وإن قدر على أخذه بالحاكم . قال في الفروع : وهو ظاهر ما خرجه أبو الخطاب في نفقة الزوجة ، والرهن مركوب ومحلوب . وأخذ سلعته من المفلس . واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله : جواز الأخذ ، ولو قدر على أخذه بالحاكم في الحق الثابت بإقرار أو بينة ، أو كان سبب الحق ظاهرا . قال في الفروع : وهو ظاهر كلام ابن شهاب ، وغيره .

الثالثة : محل الخلاف في هذه المسألة : إذا لم يكن الحق الذي في ذمته قد أخذه قهرا . فأما إن كان قد غصب ماله : فيجوز له الأخذ بقدر حقه . ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله ، وغيره . وقال : ليس هذا من هذا الباب . وقال في الفنون : من شهدت له بينة بمال ، لا عند حاكم : أخذه . وقيل : لا . كقود في الأصح . ومحل الخلاف أيضا : إذا كان عين ماله قد تعذر أخذه . فأما إن قدر على عين ماله : أخذه قهرا . زاد في الترغيب : ما لم يفض إلى فتنة . قال : ولو كان لكل واحد منهما على الآخر دين من غير جنسه ، فجحد

أحدهما : فليس للآخر أن يجحد ، وجها واحدا . لأنه كبيع دين بدين . لا يجوز ، ولو رضيا . انتهى .

فائدة :

لو كان له دين على شخص ، فجحده : جاز له أخذ قدر حقه ، ولو من غير جنسه على الصحيح من المذهب . وهو من المفردات . قال ناظمها : [ ص: 312 ] ومع مجرد الدين لا بالظفر يؤخذ من جنسه في الأشهر قوله ( وحكم الحاكم لا يزيل الشيء ، عن صفته في الباطن ) . وهو المذهب . وعليه الأصحاب . وذكر ابن أبي موسى رواية عنه : أنه يزيل العقود والفسوخ . وذكرها أبو الخطاب . قال في الفروع : وحكى عنه : بحيلة في عقد وفسخ مطلقا . وأطلقهما في الوسيلة . قال الإمام أحمد رحمه الله : الأهل أكثر من المال وقال في الفنون : إن حنبليا نصرها . فاعتبرها باللعان . وعنه : يرسله في مختلف فيه قبل الحكم . قطع به في الواضح وغيره . قال في المحرر : حكم الحاكم لا يحيل الشيء عن وصفه في الباطن ، إلا في أمر مختلف فيه قبل الحكم . فإنه على روايتين . قال في الرعايتين بعد أن حكى الروايتين في الأول وقيل : هما في أمر مختلف فيه قبل الحكم . فعلى هذه الرواية : لو حكم حنفي لحنبلي ، أو لشافعي ، بشفعة جوار : فوجهان وأطلقهما في الفروع . ومن حكم لمجتهد ، أو عليه بما يخالف اجتهاده : عمل باطنا بالحكم . ذكره القاضي . وقيل : باجتهاده وإن باع حنبلي متروك التسمية فحكم بصحته شافعي : نفذ عند أصحابنا خلافا لأبي الخطاب . قال ابن نصر الله في حواشيه : قول أبي الخطاب أظهر . [ ص: 313 ] إذ كيف يحكم له بما لا يستحله . فإنه إن كان مجتهدا لزمه العمل باجتهاده . وإن كان مقلدا : لزمه العمل بقول من قلده . فكيف يلزمه شيء ولا يلزمه . فيجتمع الضدان . إلا أن يراد : ويلزمه الانقياد للحكم ظاهرا ، والعمل بضده باطنا ، كالمرأة التي تعتقد أنها محرمة على زوجها ، وهو ينكر ذلك . لكن في جواز إقدام الحاكم على الحكم بذلك من يعتقد تحريمه نظر ، لأنه إلزام له بفعل محرم . لا سيما على قول من يقول : كل مجتهد مصيب . انتهى فوائد

الأولى : قال في الانتصار : متى علم البينة كاذبة : لم ينفذ . وإن باع ماله في دين ثبت بينة زور ، ففي نفوذه منع وتسليم . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : هل يباح له بالحكم ما اعتقد تحريمه قبل الحكم ؟ فيه روايتان . وفي حل ما أخذه وغيره بتأويل ، أو مع جهله : روايتان . وإن رجع المتأول ، فاعتقد التحريم : روايتان . بناء على ثبوت الحكم قبل بلوغ الخطاب . قال : وأصحهما حله . كالحربي بعد إسلامه وأولى . وجعل من ذلك : وضع طاهر في اعتقاده في مائع لغيره . قال في الفروع : وفيه نظر . وذكر جماعة : إن أسلم بدار الحرب ، وعامل بربا جاهلا : رده . وقال في الانتصار : ويحد لزنا .

الثانية : من حكم له ببينة زور بزوجية امرأة : حلت له حكما . [ ص: 314 ] فإن وطئ مع العلم : فكزنا ، على الصحيح من المذهب . وقيل : لا حد . ويصح نكاحها لغيره ، خلافا للمصنف . وإن حكم بطلاقها ثلاثا بشهود زور فهي زوجته باطنا . ويكره له اجتماعه بها ظاهرا ، خوفا من مكروه يناله . ولا يصح نكاحها غيره ممن يعلم الحال . ذكره الأصحاب . ونقله أحمد بن الحسن . قال المصنف في المغني : إن انفسخ باطنا جاز . وكذا قال في عيون المسائل ، على الرواية الثالثة : تحل للزوج الثاني . وتحرم على الأول بهذا الحكم ظاهرا وباطنا .

الثالثة : لو رد الحاكم شهادة واحد برمضان : لم يؤثر كملك مطلق ، وأولى . لأنه لا مدخل لحكمه في عبادة ووقت . وإنما هو فتوى . فلا يقال : حكم بكذبه ، أو بأنه لم يره . ولو سلم أن له مدخلا ، فهو محكوم به في حقه من رمضان ، فلم يغيره حكم . ولم تؤثر شبهة . لأن الحكم يغير إذا اعتقد المحكوم عليه أنه حكم . وهذا يعتقد خطأه ، كمنكرة نكاح مدع تيقنه ، فشهد له فاسقان ، فردا . ذكر في الانتصار . وقال المصنف في المغني : رده ليس بحكم هنا . لتوقفه في العدالة . ولهذا لو ثبت حكم . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : أمور الدين والعبادات المشتركة بين المسلمين لا يحكم فيها إلا الله ورسوله إجماعا . وذكره القرافي . قال في الفروع : فدل أن إثبات سبب الحكم كرؤية الهلال ، والزوال : ليس بحكم . فمن لم يره سببا لم يلزمه شيء . [ ص: 315 ] وعلى ما ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله ، وغيره في رؤية الهلال : أنه حكم . وقال القاضي في الخلاف : يجوز أن يختص الواحد برؤية كالبعض .

الرابعة : لو رفع إليه حكم في مختلف فيه : لا يلزمه نقضه لينفذه : لزمه تنفيذه . على الصحيح من المذهب . قال في الفروع : لزمه في الأصح . وجزم به في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي ، والمنور ، وتذكرة ابن عبدوس ، وغيرهم . قال في الرعاية الكبرى : لزمه ذلك . قلت : مع عدم نص معارضة . وقيل : لا يلزمه . وقيل : يحرم تنفيذه إن لم يره . وكذا الحكم لو كان نفس الحكم مختلفا فيه ، كحكمه بعلمه ، ونكوله ، وشاهد ويمين . على الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع . وقال في المحرر : فإن كان المختلف فيه نفس الحكم : لم يلزمه تنفيذه ، إلا أن يحكم به حاكم آخر قبله . وجزم به في النظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والمنور ، وغيرهم . قال ابن نصر الله في حواشي الفروع : الحكم بالنكول والشاهد واليمين هو المذهب . فكيف لا يلزمه تنفيذه على قول المحرر ؟ إذ لو كان أصل الدعوى عنده : لزمه الحكم بها . وإنما يتوجه ذلك وهو عدم لزوم التنفيذ لحكم مختلف فيه إذا كان الحاكم الذي رفع إليه الحكم المختلف فيه لا يرى صحة الحكم كالحكم بعلمه . [ ص: 316 ] لأن التنفيذ يتضمن الحكم بصحة الحكم المنفذ . إذا كان لا يرى صحته : لم يلزمه الحكم بصحته . انتهى وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : إذا صادف حكمه مختلفا فيه لم يعلمه ولم يحكم فيه : جاز نقضه .

الخامسة : قال شارح المحرر هنا : نفس الحكم في شيء لا يكون حكما بصحة الحكم فيه ، لكن لو نفذه حاكم آخر : لزمه إنفاذه . لأن الحكم المختلف فيه صار محكوما به ، فلزم تنفيذه كغيره . قال شيخنا الشيخ تقي الدين بن قندس البعلي رحمه الله : قد فهم من كلام الشارح : أن التنفيذ حكم . لأنه قال " لو نفذه حاكم آخر لزمه تنفيذه لأن الحكم المختلف فيه صار محكوما به . وإنما صار محكوما به بالتنفيذ ، لأنه لم يحكم به ، وإنما نفذه " فجعل التنفيذ حكما . وكذلك فسر التنفيذ بالحكم في شرح المقنع الكبير . فإنه قال عند قول المصنف : فهل ينفذه ؟ على روايتين .

إحداهما : ينفذه . وعلله بأنه حكم حاكم لم يعلمه . فلم يجز إنفاذه إلا ببينة .

والرواية الثانية : يحكم به . ففسر رواية التنفيذ بالحكم . لكن قال في مسألة : ما إذا ادعى أن الحاكم حكم له بحق ، فذكر الحاكم حكمه : أمضاه . وألزم خصمه بما حكم به عليه . وليس هذا حكما بالعلم وإنما هو إمضاء لحكمه السابق . فصرح : أنه ليس حكما ، مع أن رواية التنفيذ المتقدمة التي فسرها بالحكم : إنما هي إمضاء لحكمه الذي وجده في قمطره فهما بمعنى واحد . [ ص: 317 ] وقد ذكروا في السجل : أنه لإنفاذ ما ثبت عنده والحكم به . وإنما يكتب . " وأن القاضي أمضاه وحكم به على ما هو الواجب في مثله . ونفذه ، وأشهد القاضي فلان على إنفاذه وحكمه وإمضائه من حضره من الشهود " . فذكروا الإنفاذ والحكم والإمضاء . وذكروا أنه يكتب على كل نسخة من النسختين : أنها حجة فيما أنفذه فيها . فدل على أن الإنفاذ حكم . لأنهم اكتفوا به عن الحكم والإمضاء ، والمراد : الكل . انتهى كلام شيخنا . وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع : لم يتعرض الأصحاب للتنفيذ : هل هو حكم أم لا ؟ والظاهر : أنه ليس بحكم . لأن الحكم بالمحكوم به تحصيل للحاصل . وهو محال . وإنما هو عمل بالحكم وإمضاء له . كتنفيذ الوصية ، وإجازة له . فكأنه يجيز هذا المحكوم به بعينه لحرمة الحكم . وإن كان ذلك المحكوم به من جنس غير جائز عنده . انتهى . وقال في موضع آخر : لأن التنفيذ يتضمن الحكم بصحة الحكم المنفذ . انتهى . وتقدم في آخر الباب الذي قبله " هل الثبوت حكم أم لا ؟ "

السادسة : لو رفع إليه خصمان عقدا فاسدا عنده فقط ، وأقرا بأن نافذ الحكم حكم بصحته : فله إلزامهما ذلك ورده ، والحكم بمذهبه . ذكره القاضي . واقتصر عليه في المحرر ، والفروع ، وغيرهما . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : قد يقال : قياس المذهب : أنه كالبينة . ثم ذكر : أنه كالبينة إن عينا الحاكم . [ ص: 318 ]

السابعة : لو قلد في صحة نكاح : لم يفارق بتغير اجتهاده ، كحكم . على الصحيح من المذهب . وقيل : بلى ، كمجتهد نكح ثم رأى بطلانه . في أصح الوجهين فيه . وقيل : ما لم يحكم به حاكم . ولا يلزمه إعلامه بتغيره في أصح الوجهين .

الثامنة : لو بان خطؤه في إتلاف بمخالفة دليل قاطع : ضمن ، لا مستفتيه . وفي تضمين مفت ليس أهلا : وجهان . وأطلقهما في الفروع . واختار ابن حمدان في كتابه " أدب المفتي والمستفتي " أنه لا ضمان عليه قال ابن القيم رحمه الله في " إعلام الموقعين " في الجزء الأخير : ولم أعرف هذا القول لأحد قبل ابن حمدان . ثم قال : قلت خطأ المفتي خطأ الحاكم أو الشاهد .

التاسعة : لو بان بعد الحكم كفر الشهود ، أو فسقهم : لزمه نقضه . ويرجع بالمال ، أو بدله ، وبدل قود مستوفي على المحكوم له . وإن كان الحكم لله بإتلاف حسي ، أو بما سرى إليه : ضمنه مزكون على الصحيح من المذهب . قدمه في المحرر ، والفروع ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي ، وغيرهم . وقال القاضي ، وصاحب المستوعب : يضمنه الحاكم . لعدم مزك وفسقه . وقيل : يضمن أيهما شاء . وإقرار على مزك . وعند أبي الخطاب : يضمنه الشهود . وذكر ابن الزاغوني : أنه لا يجوز له نقض حكمه بفسقهما إلا بثبوته ببينة ، إلا أن يكون حكم يعلمه في عدالتهما ، أو بظاهر عدالة الإسلام . [ ص: 319 ] ويمنع ذلك في المسألتين في إحدى الروايتين . وإن جاز في الثانية : احتمل وجهين فإن وافقه المشهود له على ما ذكر : رد مالا أخذه ونقض الحكم بنفسه دون الحاكم . وإن خالفه فيه : غرم الحاكم . وأجاب أبو الخطاب : إذا بان له فسقهما وقت الشهادة ، وأنهما كانا كاذبين : نقض الحكم الأول ، ولم يجز له تنفيذه . وأجاب أبو الوفاء : لا يقبل قوله بعد الحكم . وعنه : لا ينقض لفسقهم . وذكر ابن رزين في شرحه : أنه الأظهر . فلا ضمان . وفي المستوعب وغيره : يضمن الشهود . انتهى . وإن بانوا عبيدا ، أو والدا ، أو ولدا ، أو عدوا . فإن كان الحاكم الذي حكم به يرى الحكم به : لم ينقض حكمه . وإن كان لا يرى الحكم به : نقضه ولا ينفذ . لأن الحاكم يعتقد بطلانه . قاله في الفروع . وقال ابن نصر الله في حواشيه : إذا حكم بشهادة شاهد ، ثم ارتاب في شهادته : لم يجز له الرجوع في حكمه . وقال في موضع آخر : تحرر فيما إذا كان لا يرى الحكم به ثلاثة أقوال : لزوم النقض ، وجوازه ، وعدم جواز نقضه ، كما هو مقتضى ما في الإرشاد . انتهى . وقال في المحرر : من حكم بقود ، أو حد ببينة ، ثم بانوا عبيدا : فله نقضه إذا كان لا يرى قبولهم فيه . قال : وكذا مختلف فيه صادق ، ما حكم فيه وجهله . وتقدم كلامه في الإرشاد : أنه إذا حكم في مختلف فيه بما لا يراه مع علمه : لا ينقض . [ ص: 320 ] فعلى الأول : إن شك في رأي الحاكم ، فقد تقدم " إذا شك هل علم الحاكم بالمعارض ، كمن حكم ببينة خارج ، وجهل علمه ببينة داخل : لم ينقض ؟ " .

قال في الفروع : وقد علم مما تقدم ومما ذكروا في نقض حكم الحاكم : أنه لا يعتبر في نقض حكم الحاكم علم الحاكم بالخلاف ، خلافا لمالك رحمه الله وإن قال : علمت وقت الحكم أنهما فسقة ، أو زور ، وأكرهني السلطان على الحكم بهما ، فقال ابن الزاغوني : إن أضاف فسقهما إلى علمه : لم يجز له نقضه . وإن أضافه إلى غير علمه : افتقر إلى بينة بالإكراه . ويحتمل : لا . وقال أبو الخطاب ، وأبو الوفاء : إن قال " كنت عالما بفسقهما " يقبل قوله . وقال في الفروع : كذا وجدته .

التالي السابق


الخدمات العلمية