صفحة جزء
قوله ( وإن كتب كتابا ، وأدرجه وختمه ، وقال " هذا كتابي إلى فلان اشهدا علي بما فيه " لم يصح ) . ( لأن الإمام أحمد رحمه الله قال : فيمن كتب وصية وختمها . ثم أشهد على ما فيها : فلا . حتى يعلم ما فيها ) . وهذا المذهب . قال المصنف هنا : والعمل عليه . وعليه جماهير الأصحاب . قال الزركشي : هذا المذهب المشهور . وهو مقتضى قول الخرقي . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . ويتخرج الجواز بقوله " إذا وجدت وصية الرجل مكتوبة عند رأسه من غير أن يكون أشهد أو أعلم بها أحدا عند موته ، وعرف خطه وكان مشهورا : فإنه ينفذ ما فيها " [ ص: 327 ] وهذا رواية مخرجة . خرجها الأصحاب واختار هذه الرواية المخرجة في الوصية : المصنف ، والشارح ، وصاحب الفائق ، وغيرهم . على ما تقدم من أول " كتاب الوصايا " . وعلى هذا : إذا عرف المكتوب إليه : أنه خط القاضي الكاتب وختمه : جاز قبوله . على الصحيح ، على هذا التخريج . وقدمه في الفروع ، والرعاية .

وقيل : لا يقبله ذكره في الرعاية . قال الزركشي : ظاهر هذا : أن على هذه الرواية : يشترط لقبول الكتاب أن يعرف المكتوب إليه أنه خط القاضي الكاتب وختمه . وفيه نظر . وأشكل منه : حكاية ابن حمدان قولا بالمنع . فإنه إذن تذهب فائدة الرواية . والذي ينبغي على هذه الرواية : أن لا يشترط شيئا من ذلك . وهو ظاهر كلام أبي البركات ، وأبي محمد في المغني . نعم . إذا قيل بهذه الرواية ، فهل يكتفي بالخط المجرد من غير شهادة ؟ فيه وجهان . حكاهما أبو البركات . وعلى هذا يحمل كلام ابن حمدان وغيره . انتهى . وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله : من عرف خطه بإقرار ، أو إنشاء ، أو عقد أو شهادة : عمل به كميت . فإن حضر ، وأنكر مضمونه : فكاعترافه بالصوت ، وإنكار مضمونه . [ ص: 328 ] وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ، في كتاب أصدره إلى السلطان في مسألة الزيارة : وقد تنازع الفقهاء في كتاب الحاكم : هل يحتاج إلى شاهدين على لفظه ، أم إلى واحد ؟ أم يكتفي بالكتاب المختوم ؟ أم يقبل الكتاب بلا ختم ولا شاهد ؟ على أربعة أقوال معروفة في مذهب الإمام أحمد رحمه الله ، وغيره . نقله ابن خطيب السلامية في تعليقته . وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله قولا في المذهب : أنه يحكم بخط شاهد ميت . وقال : الخط كاللفظ ، إذا عرف أنه خطه . وقال : إنه مذهب جمهور العلماء . وهو يعرف أن هذا خطه ، كما يعرف أن هذا صوته . واتفق العلماء على أنه يشهد على الشخص إذا عرف صوته مع إمكان الاشتباه وجوز الجمهور كالإمام مالك ، والإمام أحمد رحمهما الله تعالى الشهادة على الصوت من غير رؤية المشهود عليه . والشهادة على الخط : أضعف . لكن جوازه قوي ، أقوى من منعه . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية