صفحة جزء
[ ص: 369 ] باب الدعاوى والبينات فائدة :

واحد الدعاوى : دعوى . قال المصنف ، والشارح : معناها في اللغة : إضافة الإنسان إلى نفسه شيئا : ملكا ، أو استحقاقا أو صفة ، ونحوه . وفي الشرع : إضافته إلى نفسه استحقاق شيء في يد غيره ، أو في ذمته . وقال ابن عقيل : الدعوى : الطلب . { ولهم ما يدعون } زاد ابن أبي الفتح : زاعما ملكه . انتهى . وقيل : هي طلب حق من خصم عند حاكم ، وإخباره باستحقاقه ، وطلبه منه . وقال في الرعاية : قلت : هي إخبار خصم باستحقاق شيء معين أو مجهول كوصية وإقرار عليه ، أو عنده له ، أو لموكله ، أو توكيله ، أو لله حسبة ، يطلبه منه عند حاكم . قوله ( المدعي : من إذا سكت ترك . والمنكر : من إذا سكت لم يترك ) . هذا المذهب . عليه جماهير الأصحاب . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والمحرر ، والنظم ، والوجيز ، وغيرهم . وقدمه في المغني ، والشرح ، والرعايتين ، والحاوي ، والفروع ، وغيرهم . وقيل : المدعي من يدعي خلاف الظاهر ، وعكسه المنكر . وأطلقهما في المستوعب . وقال الشارح : وقيل : المدعي من يلتمس بقوله أخذ شيء من يد غيره . وإثبات حق في ذمته . والمدعى عليه : من ينكر ذلك . [ ص: 370 ] وقدم هو أيضا ، والمصنف : أن المدعى عليه من يضاف إليه استحقاق شيء عليه . وقد يكون كل واحد منهما مدعيا ومدعى عليه . بأن يختلفا في العقد . فيدعي كل واحد منهما : أن الثمن غير الذي ذكره صاحبه . انتهى . وقيل : هو من إذا سكت ترك مع إمكان صدقه . قال الزركشي : ولا بد من هذا القيد . وقيل : المدعي : هو الطالب . والمنكر : هو المطلوب . وقيل : المدعي : من يدعي أمرا باطنا خفيا . والمنكر : من يدعي أمرا ظاهرا جليا . ذكرها في الرعاية . وذكر أقوالا أخر . وأكثرها يعود إلى الأول . ومن فوائد الخلاف : لو قال الزوج " أسلمنا معا . فالنكاح باق " وادعت الزوجة : أنها أسلمت قبله ، فلا نكاح . فالمدعي : هي الزوجة . على المذهب . وعلى القول الثاني : المدعي هو الزوج .

تنبيه : قال بعضهم : الحد الأول فيه نظر . لأن كل ساكت لا يطالب بشيء . فإنه متروك . وهذا أعم من أن يكون مدعيا أو مدعى عليه . فيترك مع قيام الدعوى . فتعريفه بالسكوت وعدمه : ليس بشيء . والأولى أن يقال :المدعي من يطالب غيره بحق يذكر استحقاقه عليه . والمدعى عليه : المطالب . بدليل قوله عليه أفضل الصلاة والسلام { البينة على المدعي } وإنما تكون البينة مع المطالبة ، وأما مع عدمها فلا . انتهى . ويمكن أن يجاب ، بأن يقال : المراد بتعريف " المدعي " و " المدعى عليه " [ ص: 371 ] حال المطالبة . لأنهم ذكروا ذلك ليعرف من عليه البينة ممن عليه اليمين . وإنما يعرف ذلك بعد المطالبة . وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع : قولهم " المدعي من إذا سكت ترك " ينبغي أن يقيد ذلك : إن لم تتضمن دعواه شيئا إن لم يثبت ، لزمه حد أو تعزير . كمن ادعى على إنسان أنه زنى بابنته ، أو أنه سرق له شيئا . وأنه قاذف في الأولى ، ثالب لعرضه في الثانية . فإن لم يثبت دعواه لزمه القذف في الأولى ، والتعزير في الثانية . وقد يجاب : بأنه متروك من حيث الدعوى ، مطلوب بما تضمنته . فهو متروك مطابقة . مطلوب تضمنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية