صفحة جزء
قوله ( فإن طال الفعل في الصلاة أبطلها ، عمدا كان أو سهوا ) ، وهذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ، وعنه لا يبطلها إلا إذا كان عمدا اختاره المجد لقصة ذي اليدين فإنه عليه أفضل الصلاة والسلام " مشى وتكلم ودخل منزله " وفي رواية " ودخل الحجرة " ومع ذلك بنى على صلاته ، وقيل : لا تبطل بالعمل الكثير من الجاهل بالتحريم قال ابن تميم : ومع الجهل بتحريمه لا تبطل ، قاله بعض أصحابنا والأولى جعله كالناسي . قوله ( إلا أن يفعله متفرقا ) يعني أنه لو فعل أفعالا متفرقة ، وكانت بحيث لو جمعت متوالية لكانت كثيرة : لم تبطل الصلاة بذلك ، وهو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز ، وغيره وقدمه في الفروع وغيره ، وقيل : تبطل ، وأطلقهما ابن تميم ، والفائق .

تنبيهان . الأول : مراده بقوله " فإن طال الفعل في الصلاة أبطلها " إذا لم تكن ضرورة فإن كان ثم ضرورة كحالة الخوف والهرب من عدو ، أو سيل ، أو سبع ، ونحو ذلك : لم تبطل بالعمل الكثير ، قاله الأصحاب ، وعد في المذهب ومسبوك الذهب من الضرورة : إذا كان به حكة لا يصبر عنه ، ويأتي ذلك في كلام المصنف في صلاة الخوف .

الثاني : يرجع في طول الفعل وقصره في الصلاة إلى العرف فما عد في العرف كثير فهو كثير ، وما عد في العرف يسير فهو يسير ، وهذا المذهب اختاره القاضي وغيره وجزم به في الوجيز ، والمذهب ، والنظم ، والمصنف في هذا الكتاب في باب سجود السهو وقدمه في الفروع ، والفائق ، [ ص: 98 ] وقال في الفروع : ويتوجه أن يكون العرف عند الفاعل ، وقيل : قدر الكثير ما خيل للناظر أنه ليس في صلاة ، وقال ابن عقيل : الثلاث في حد الكثير قال في الفائق : وهو ضعيف لنص أحمد فيمن رأى عقربا في الصلاة : أنه يخطو إليها ويأخذ النعل ويقتلها ويرد النعل إلى موضعها ، وهي أكثر من ثلاثة أفعال ، وأطلقهن ابن تميم ، وقيل : اليسير كفعل أبي برزة حين مشى إلى الدابة ، وقد انفلتت وما فوقه كثير .

فوائد . الأولى : إشارة الأخرس كالعمل ، سواء فهمت أو لا ، ذكره ابن الزاغوني وذكر أبو الخطاب معناه ، وقال أبو الوفاء : إشارته المفهومة كالكلام تبطل الصلاة إلا برد السلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية