صفحة جزء
قوله ( ويستحب أن يصلي إلى سترة ، مثل آخرة الرحل ) هذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم ، وأطلق في الواضح الوجوب قوله ( مثل آخرة الرحل ) قال الإمام أحمد والأصحاب : يكون طولها ذراعا ، وعرضها لا حد له قال [ ص: 104 ] ابن تميم وغيره : وعنه مثل عظم الذراع ، وقال في الرعايتين ، وقيل : علو شبر ، زاد في الرعاية الكبرى ، وقيل : ثلاثة أصابع قال في الحاوي الصغير : وهو علو شبر .

فائدتان . الأولى : تكفي السترة ، سواء كانت من جدار قريب ، أو سارية ، أو جماد غيره ، أو حربة ، أو شجرة نص عليه أو عصا ، أو إنسان ، أو حيوان بهيم طاهر ، غير وجهيهما ، ويكره إلى وجه آدمي نص عليه ، وفي الرعاية : أو حيوان غيره قال في الفروع : والأول المذهب ، أو لبنة ونحوها ، أو مخدة ، أو شيء شاخص غير ذلك في الفضاء ، كبعير أو رحله فإن تعذر ذلك فعصا ملقاة عرضا . نص عليه ، أو سوط ، أو سهم ، أو مصلاه الذي تحته ، أو خيط ، أو ما اعتقده سترة فإن تعذر غرز العصا وضعها .

الثانية : عرض السترة أعجب إلى الإمام أحمد قال في الرعاية وغيرها : يستحب ذلك ، ويستحب أيضا أن ينحرف عنها يسيرا ، ويستحب أيضا القرب من سترته ، بأن يكون بينه وبينها ثلاثة أذرع من قدميه نص عليهما قوله ( فإن لم يجد خط خطا ) هذا المذهب ، وعليه الأصحاب ، وعنه يكره الخط فعلى المذهب : يكون مثل الهلال نص عليه ، وعليه الأصحاب ، وقال غير واحد من الأصحاب : يكفي طولا .

فائدتان . الأولى : السترة المغصوبة والنجسة في ذلك كغيرهما قدمه في الرعاية الكبرى وقيل : لا تفيد شيئا ، وجزم ابن رزين في شرحه في المغصوبة . قلت : الصواب أن النجسة ليست كالمغصوبة [ ص: 105 ] وأطلقهما في المغصوبة في الرعاية الصغرى ، والمغني ، والشرح ، والحاويين ، والفروع ، وقال : فالصلاة إليها كالقبر قال صاحب النظم : وعلى قياسه سترة الذهب قال في الفروع : ويتوجه معها : لو وضع المار سترة ومر ، أو تستر بدابة جاز . قال الشارح : أصل الوجهين إذا صلى في ثوب مغصوب على ما تقدم قال في الكافي : الوجهان هنا ، بناء على الصلاة في الثوب المغصوب . قلت : فعلى هذا لا يكون ذلك سترة .

الثانية : سترة الإمام سترة لمن خلفه ، وسترة المأموم لا تكفي أحدهما ، بل لا يستحب له سترة ، وليست سترة له ، وذكر الأصحاب أن معنى ذلك : إذا مر ما يبطلها قال في الفروع ، فظاهره : أن هذا فيما يبطلها خاصة ، وأن كلامهم في نهي الآدمي عن المرور على ظاهره ، وقال صاحب النظم : لم أجد أحدا تعرض لجواز مرور الإنسان بين يدي المأمومين فيحتمل جوازه ، اعتبارا بسترة الإمام لهم حكما ، ويحتمل اختصاص ذلك بعدم الإبطال ; لما فيه من المشقة على الجميع قال في الفروع ومراده : عدم التصريح به ، وقال : احتجاجهم بقضية ابن عباس والبهيمة التي أرادت أن تمر بين يديه عليه أفضل الصلاة والسلام فدارأها حتى التصقت بالجدار فمرت من ورائه ، مختلف على وجهين ، والأول أظهر قال ابن نصر الله في حواشي الفروع : صوابه الثاني أظهر لأنه محل وفاق الشافعية . أعني عموم : سترة الإمام سترة لما يبطلها ولغيره كمرور الآدمي ، ومنع [ ص: 106 ] المصلي المار . انتهى . وقال ابن تميم : من وجد فرجة في الصف قام فيها إذا كانت بحذائه فإن مشى إليها عرضا كره ، وعنه لا .

التالي السابق


الخدمات العلمية