صفحة جزء
قوله ( فمتى ترك ركنا فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى ، بطلت التي تركه منها ) ، وهذا المذهب مطلقا ، وعليه أكثر الأصحاب ، وهو من المفردات ، وفيه وجه لا تبطل الركعة بشروعه في قراءة ركعة أخرى فمتى ذكر قبل سجود الثانية رجع فسجد للأولى ، وإن ذكر بعد أن سجد كان السجود عن الأولى ، ثم يقوم إلى الثانية ، ذكره ابن تميم وغيره .

وقال في المبهج : من ترك ركنا ناسيا ، فذكره حين شرع في ركن آخر ، بطلت الركعة قال في الفروع : حكى ذلك رواية وقد تقدم في أركان الصلاة رواية بأنه إذا نسي الفاتحة في الأولى والثانية قرأها في الثالثة والرابعة مرتين ، وزاد عبد الله في هذه الرواية : وإن ترك القراءة في الثلاث ، ثم ذكر في الرابعة فسدت صلاته واستأنفها ، وذكر [ ص: 140 ] ابن عقيل : إن نسيها في ركعة فأتى بها فيما بعدها مرتين يعتد بها ، ويسجد للسهو قال في فنونه : وقد أشار إليه أحمد ، فعلى المذهب : لو رجع إلى الركعة التي قد بطلت عالما عمدا ، بطلت صلاته قاله في الفروع وغيره .

تنبيهان . أحدهما : مراده بقوله " فمتى ترك ركنا فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى " غير النية ، إن قلنا هي ركن ، وغير تكبيرة الإحرام ، وهو واضح . الثاني : مفهوم قوله ( فمتى ترك ركنا فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى بطلت التي تركه منها ) أنه لا يبطل ما قبل تلك الركعة المتروك منها الركن ولا تبطل قبل الشروع في القراءة ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه ، وحكاه المجد في شرحه إجماعا ، وقيل : لا يبطل أيضا ما قبلها اختاره ابن الزاغوني قال ابن تميم ، وابن حمدان : وهو بعيد . قوله ( وإن ذكر قبل ذلك ) يعني قبل شروعه في القراءة ( عاد فأتى به ، وبما بعده ) مثل إن قام ولم يشرع في القراءة نص عليه لأن القيام غير مقصود في نفسه ; لأنه يلزم منه قدر القراءة الواجبة ، وهي المقصودة ، ولو كان قام من السجدة وكان قد جلس للفصل ، لم يجلس له إذا أراد أن يأتي بالسجدة الثانية ، على الصحيح من المذهب والوجهين ، والوجه الثاني : يجلس للفصل بينهما أيضا قال في الحاوي الصغير : عندي يجلس ليأتي بالسجدة الثانية عن جلوس ، وهو احتمال في الحاوي الكبير ، وأما إذا قام ولم يكن جلس للفصل : جلس له ، على الصحيح من المذهب وقال ابن عقيل في الفنون : يحتمل جلوسه وسجوده بلا جلسة .

[ ص: 141 ] قلت : فيعايى بها ، ولو سجد سجدة ، ثم جلس للاستراحة ، وقام قبل السجدة الثانية ، لم تجزئه جلسة الاستراحة عن جلسة الفصل ، على الصحيح من المذهب ، وقال في الحاوي الصغير : وعندي يجزئه ، وعلله قوله ( فإن لم يعد بطلت صلاته ) يعني إذا ذكره قبل شروعه في القراءة ، ولم يعد عمدا ، بطلت صلاته بلا خلاف أعلمه ، وإن لم يعد سهوا بطلت الركعة فقط ، على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع ، وغيره وجزم به في المحرر وغيره ، وهو ظاهر ما جزم به في المغني ، والشرح ، وقيل : إن لم يعد لم يعتد بما يفعله بعد المتروك جزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة قال المجد في شرحه : يعني من تمام الركعة فقط ، وقال ابن عقيل في الفصول : فإن ترك ركوعا أو سجدة ، فلم يذكر حتى قام إلى الثانية جعلها أولته ، وإن لم ينتصب قائما عاد فتمم الركعة . كما لو ترك القراءة يأتي بها ، إلا أن يذكر بعد الانحطاط من قيام تلك الركعة فإنها تلغو ويجعل الثانية أولته قال في الفروع : كذا قال قوله ( وإن علم بعد السلام فهو كترك ركعة كاملة ) الصحيح من المذهب : أنه إذا لم يعلم بترك الركن إلا بعد سلامه : أن صلاته صحيحة ، وأنه كترك ركعة وجزم به في الإفادات ، والوجيز ، والمنور وقدمه في الفروع ، والمحرر ، وابن تميم ، والرعاية ، والفائق ، وقيل : يأتي بالركن وبما بعده .

قال ابن تميم ، وابن حمدان : وهو أحسن إن شاء الله تعالى ونص أحمد في رواية الجماعة : أنها لا تبطل إلا بطول الفصل ، ونقل الأثرم [ ص: 142 ] وغيره عن أحمد : تبطل صلاته وجزم به في المستوعب ، والتبصرة ، والتلخيص ، والبلغة واختاره أبو الخطاب ، فعلى القول بالصحة : إذا أتى بذلك سجد للسهو قبل السلام ، على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية حرب ; لأن السجود لترك الركن ، والسلام تبع ، وقيل : يسجد بعد السلام ; لأنه سلم عن نقص .

تنبيه : قوله ( فهو كترك ركعة كاملة ) يعني يأتي بها ، وهو مقيد بقرب الفصل عرفا ، ولو انحرف عن القبلة أو خرج من المسجد نص عليه ، وقيل : بدوامه في المسجد قدمه في الرعاية فلو كان الفصل قريبا ، ولكن شرع في صلاة أخرى ، عاد فأتم الأولى ، على الصحيح من المذهب ، بعد قطع ما شرع فيها ، وعليه جمهور الأصحاب ، وعنه يستأنفها لتضمن عمله قطع نيتها ، وعنه يستأنفها إن كان ما شرع فيه نفلا ، وقال أبو الفرج الشيرازي في المبهج : يتم الأولة من صلاته الثانية ، وتقدم لفظه في الباب عند قوله ( وإن طال الفصل بطلت ) وقال ابن عقيل في الفصول : إن كانتا صلاتي جمع أتمها تم سجد عقبها للسهو عن الأولى ; لأنها كصلاة واحدة ، ولم يخرج من المسجد ، وما لم يخرج منه يسجد عندنا للسهو . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية