صفحة جزء
قوله ( السنة أن يقف المأمومون خلف الإمام فإن وقفوا قدامه لم تصح ) هذا المذهب بلا ريب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم ، وذكر الشيخ تقي الدين وجها قالوه : وتصح مطلقا قال في الفروع : والمراد وأمكن الاقتداء وهو متجه . انتهى . وقيل : تصح في الجمعة والعيد والجنازة ونحوها له لعذر . اختاره الشيخ تقي الدين ، وقال : من تأخر بلا عذر ، فلما أذن جاء فصلى ، قدامه عذر ، واختاره في الفائق ، وقال : قلت وهو مخرج من تأخر المرأة في الإمامة . انتهى .

قلت : وفيه نظر .

تنبيهان . أحدهما : ظاهر قوله " فإن وقفوا قدامه لم تصح " أن عدم الصحة متعلق بالمأموم فقط فلا تبطل صلاة الإمام ، وهو صحيح ، وهو المذهب قدمه في الرعايتين ، وقيل : تبطل أيضا ، وأطلقهما في الحاويين ، وابن تميم ، والفروع ، وقال في النكت : الأولى أن يقال : إن نوى الإمامة من يصلي قدامه ، مع علمه ، لم تنعقد صلاته ، أو لو نوت المرأة الإمامة بالرجال ; لأنه لا يشترط أن ينوي الإمامة بمن يصح اقتداؤه به ، وإن نوى الإمامة ظنا واعتقادا أنهم يصلون خلفه فصلوا قدامه ، انعقدت صلاته ، عملا بظاهر الحال . كما لو نوى الإمامة من عادته حضور جماعة عنده على ما تقدم . [ ص: 281 ] الثانية : أطلق المصنف هنا : عدم صحة الصلاة قدام الإمام ، ومراده غير حول الكعبة فإنه إذا استداروا حول الكعبة ، والإمام منها على ذراعين ، والمقابلون له على ذراع صحت صلاتهم نص عليه قال المجد في شرحه لا أعلم فيه خلافا قال أبو المعالي ، وابن منجا : صحت إجماعا قال القاضي في الخلاف : أومأ إليه في رواية أبي طالب . انتهى .

هذا إذا كان في جهات أما إن كان في جهة ، فلا يجوز تقدم المأموم عليه ، على الصحيح من المذهب ، وقيل : يجوز ، وهو من المفردات ، وقال أبو المعالي : إن كان خارج المسجد بينه وبين الكعبة مسافة فوق بقية جهات المأمومين فهل يمنع الصحة ، كالجهة الواحدة أم لا ؟ على وجهين ، ومراده أيضا : صلاة الخوف في شدة الخوف ، فإنها تنعقد مع إمكان المتابعة ، ويعفى عن التقدم على الإمام نص عليه الأصحاب منهم صاحب الفروع ، والرعايتين ، والحاويين ، والمصنف ، والشارح وغيرهم ، وقال في الفصول : يحتمل أن يعفى ، ولو لم يذكره غيره .

قال ابن حامد : لا تنعقد ورجحه المصنف ، وتقدم أول الباب ، وقال في صلاة الخوف ، ومراده : إذا لم يكن داخل الكعبة ، فلو كان داخلها فجعل ظهره إلى ظهر إمامه صحت إمامته به ، لأنه لم يعتقد خطأه ، وإن جعل ظهره إلى وجه إمامه لم تصح ، لأنه مقدم عليه ، وإن تقابلا منها صحت على الصحيح من المذهب قال في الفروع : صحت في الأصح وجزم به أبو المعالي وابن منجا ، وهو من المفردات ، وقيل : لا تصح . وأطلقهما في الفائق ، والرعايتين ، والحاويين ، وابن تميم ، ومجمع البحرين ، والتلخيص .

التالي السابق


الخدمات العلمية