صفحة جزء
[ ص: 65 ] والقضاء فعل الواجب بعد وقته ، وإطلاقه على غير الواجب كالتي قبل الظهر مجاز ( الترتيب بين الفروض الخمسة والوتر أداء وقضاء لازم ) يفوت الجواز بفوته ، [ ص: 66 ] للخبر المشهور { من نام عن صلاة } وبه يثبت الفرض العملي ( وقضاء الفرض والواجب والسنة فرض وواجب وسنة ) لف ونشر مرتب ، وجميع أوقات العمر وقت للقضاء إلا الثلاثة المنهية كما مر ( فلم يجز ) تفريع على اللزوم ( فجر من تذكر أنه لم يوتر ) لوجوبه عنده ( إلا ) استثناء من اللزوم فلا يلزم الترتيب ( إذا ضاق الوقت المستحب ) [ ص: 67 ] حقيقة إذ ليس من الحكمة تفويت الوقتية لتدارك الفائتة .


( قوله والقضاء فعل الواجب إلخ ) وقيل فعل مثله بناء على المرجوح من أنه يجب بسبب جديد لا بما يجب به الأداء وتمامه في البحر وكتب الأصول ( قوله وإطلاقه إلخ ) أي كما في قول المصنف الآتي وقضاء الفرض والواجب والسنة إلخ ; وقول الكنز : وقضى التي قبل الظهر في وقته قبل شفعه ، وكذا إطلاق الفقهاء القضاء على الحج بعد فساده مجاز ، إذ ليس له وقت يصير بخروجه قضاء كما في البحر ، وقدمنا وجه كون النفل لا يسمى قضاء وإن قلنا : إنه مأمور به حقيقة كما هو قول الجمهور وأنه يسمى أداء حقيقة ، كما إذا أتى بالأربع قبل الظهر ; أما إذا أتى بها بعده فهي قضاء ، إذ لا شك أنه ليس وقتها وإن كان وقت الظهر فافهم .

( قوله أداء وقضاء ) الواو بمعنى أو مانعة الخلو ، فيشمل ثلاث صور : ما إذا كان الكل قضاء ، أو البعض قضاء والبعض أداء ، أو الكل أداء كالعشاء مع الوتر ط ودخل فيه الجمعة ، فإن الترتيب بينها وبين سائر الصلوات لازم ، فلو تذكر أنه لم يصل الفجر يصليها ولو كان الإمام يخطب إسماعيل عن شرح الطحاوي .

( قوله يفوت الجواز بفوته ) المراد بالجواز الصحة لا الحل ; وأفاد أن [ ص: 66 ] المراد بلازم الفرض العملي الذي هو أقوى قسمي الواجب وهو مراد من سماه فرضا كصدر الشريعة ، وشرطا كالمحيط ، وواجبا كالمعراج كما أوضحه في البحر .

( قوله للخبر المشهور { من نام عن صلاة } ) تمام الحديث { أو نسيها فلم يذكرها إلا وهو يصلي مع الإمام فليصل التي هو فيها ثم ليقض التي تذكرها ، ثم ليعد التي صلى مع الإمام } ح عن الدرر وذكره في الفتح باختلاف في بعض ألفاظه مع بيان من خرجه ، والاختلاف في توثيق بعض رواته وفي رفعه ووقفه ، وذكر أن دعوى كونه مشهورا مردودة للخلاف في رفعه فضلا عن شهرته ، وأطال في ذلك والذي حط عليه كلامه الميل من حيث الدليل إلى قول الشافعي باستحباب الترتيب ورد عليه في شرح المنية والبرهان بما لخصه نوح أفندي ، فراجعه إن شئت .

( قوله وقضاء الفرض إلخ ) لو قدم ذلك أول الباب أو آخره عن التفريع الآتي لكان أنسب . وأيضا قوله والسنة يوهم العموم كالفرض والواجب وليس كذلك ، فلو قال وما يقضى من السنة لرفع هذا الوهم رملي .

قلت : وأورد عليه الوتر ، فإنه عندهم سنة ، وقضاؤه واجب في ظاهر الرواية ، لكن يجاب بأن كلامه مبني على قول الإمام صاحب المذهب .

( قوله والواجب ) كالمنذورة والمحلوف عليها وقضاء النفل الذي أفسده ط ( قوله وقت للقضاء ) أي لصحته فيها وإن كان القضاء على الفور إلا لعذر ط وسيأتي .

( قوله إلا الثلاثة المنهية ) وهي الطلوع والاستواء والغروب ح وهي محل للنفل الذي شرع به فيها ثم أفسده ط .

( قوله كما مر ) أي في أوقات الصلاة .

( قوله فلم يجز ) أي بل يفسد فسادا موقوفا كما يأتي .

( قوله من تذكر ) أي في الصلاة أو قبلها .

( قوله لوجوبه ) أي الوتر عنده : أي عند الإمام ، بمعنى أنه فرض عملي عنده .

( قوله إذا ضاق الوقت ) أي عند الفوائت والوقتية ، أما الفوائت بعضها مع بعض فليس لها وقت مخصوص حتى يقال يسقط ترتيبها بضيقه ط ولو لم يمكنه أداء الوقتية إلا مع التخفيف في قصر القراءة والأفعال يرتب ويقتصر على ما تجوز به الصلاة بحر عن المجتبى . وفي الفتح : ويعتبر الضيق عند الشروع ، حتى لو شرع في الوقتية مع تذكر الفائتة ، وأطال حتى ضاق لا يجوز إلا أن يقطعها ثم يشرع فيها ، ولو شرع ناسيا والمسألة بحالها فتذكر عند ضيقه جازت . ا هـ .

( قوله المستحب ) أي الذي لا كراهة فيه قهستاني . وقيل أصل الوقت ، ونسبه الطحاوي إلى الشيخين ، والأول إلى محمد . والظاهر أنه احترز عن وقت تغير الشمس في العصر ، إذ يبعد القول بسقوط الترتيب إذا لزم تأخير ظهر الشتاء والمغرب مثلا عن أول وقتها ثم رأيت الزيلعي خص الخلاف بالعصر ، ولذا قال في البحر : وتظهر ثمرته فيما لو تذكر الظهر وعلم أنه لو صلاه يقع قبل التغير ويقع العصر أو بعضه فيه ، فعلى الأول يصلي العصر ثم الظهر بعد الغروب ، وعلى الثاني يصلي الظهر ثم العصر . واختار الثاني قاضي خان في شرح الجامع . وفي المبسوط أن أكثر مشايخنا على أنه قول علمائنا الثلاثة ، وصحح في المحيط الأول ، ورجحه في الظهيرية بما في المنتقى من أنه إذا افتتح العصر في وقتها ثم [ ص: 67 ] احمرت الشمس ثم تذكر الظهر مضى في العصر . قال : فهذا نص على اعتبار الوقت المستحب ا هـ . قال في البحر : فحينئذ انقطع اختلاف المشايخ لأن المسألة حيث لم تذكر في ظاهر الرواية وثبتت في رواية أخرى تعين المصير إليها . ا هـ .

أقول : في هذا الترجيح نظر ، يوضحه ما في شرح الجامع الصغير لقاضي خان ، حيث قال : إنما وضع المسألة في العصر لمعرفة آخر الوقت ، فعندنا آخره في حكم الترتيب غروب الشمس ، وفي حكم جواز تأخير العصر تغير الشمس . وعلى قول الحسن : آخر وقت العصر عند تغير الشمس ; فعنده لو تمكن من أداء الصلاتين قبل التغير لزمه الترتيب وإلا فلا . وعندنا إذا تمكن من أداء الظهر قبل التغير ويقع العصر أو بعضه بعد التغير يلزمه الترتيب ، ولو أمكنه أداء الصلاتين قبل الغروب لكن لا يمكن الفراغ من الظهر قبل التغير لا يلزمه الترتيب لأن ما بعد التغير ليس وقتا لأداء شيء من الصلوات إلا عصر يومه ا هـ ملخصا . وبه علم أن ما في المنتقى لا خلاف فيه لأنه لما تذكر الظهر بعد التغير لا يمكنه صلاته فيه ، فلذا لم تفسد العصر وإن كان افتتحها قبل التغير ناسيا لأن العبرة لوقت التذكر ، ما قدمناه آنفا عن الفتح فيما لو أطال الصلاة ثم تذكر الفائتة عند ضيق الوقت ، وعلم أيضا أن المسألة ليست مبنية على اختلاف المشايخ بل على اختلاف الرواية فاعتبار أصل الوقت هو قول أئمتنا الثلاثة كما مر عن المبسوط ، وأن عليه أكثر المشايخ ، وهو مقتضى إطلاق المتون ، ولذا جزم به فقيه النفس الإمام قاضي خان بلفظ عندنا ، فاقتضى أنه المذهب ، ولذا نسب القول الآخر إلى الحسن ، نعم صرح في شرح المنية والزيلعي بأنه رواية عن محمد ، وعليه يحمل ما مر عن الطحاوي ، وقد مر أنه لو تذكر الفجر عند خطبة الجمعة يصليها مع أن الصلاة حينئذ مكروهة ، بل في التتارخانية أنه يصليها عندهما وإن خاف فوت الجمعة مع الإمام ثم يصلي الظهر . وقال محمد : يصلي الجمعة ثم يقضي الفجر ، فلم يجعلا فوت الجمعة عذرا في ترك الترتيب ومحمد جعله عذرا فكذلك هنا . ا هـ . وقد ذكر في التتارخانية عبارة المحيط وليس فيها التصحيح الذي ذكره في البحر ، فالذي ينبغي اعتماده ما عليه أكثر المشايخ من أن المعتبر أصل الوقت عند علمائنا الثلاثة ، والله أعلم .

( قوله حقيقة ) تمييز لنسبة ضاق : أي ضاق في نفس الأمر لا ظنا ، ويأتي محترزه في قوله ظن من عليه العشاء إلخ ( قوله إذ ليس من الحكمة إلخ ) تعليل لقوله فلا يلزم الترتيب إذا ضاق الوقت ، لكنه إنما يناسب اعتبار أصل الوقت . ويمكن أن يجاب بأن معناه تفويت الوقتية عن وقتها المستحب ح . ولا يخفى أن هذا لا يسمى تفويتا ، بل هو تعليل ذكره المشايخ لما هو المذهب كما قررناه

التالي السابق


الخدمات العلمية