صفحة جزء
( ولو سها عن القعود الأخير ) كله أو بعضه ( عاد ) ويكفي كون كلا الجلستين قدر التشهد ( ما لم يقيدها بسجدة ) لأن ما دون الركعة محل الرفض وسجد للسهو لتأخير القعود ( وإن قيدها ) بسجدة عامدا أو ناسيا أو ساهيا أو مخطئا ( تحول فرضه نفلا برفعه ) الجبهة عند محمد ، [ ص: 86 ] وبه يفتى لأن تمام الشيء بآخره ، فلو سبقه الحدث قبل رفعه توضأ وبنى خلافا لأبي يوسف ، حتى قال : زه ، صلاة فسدت أصلحها الحدث ، والعبرة للإمام ، حتى لو عاد ولم يعلم به القوم حتى سجدوا لم تفسد صلاتهم ما لم يتعمدوا السجود .

وفيه يلغز : أي مصل ترك القعود الأخير وقيد الخامسة بسجدة ولم يبطل فرضه ؟ ( وضم سادسة ) ولو في العصر والفجر [ ص: 87 ] ( إن شاء ) لاختصاص الكراهة والإتمام بالقصد ( ولا يسجد للسهو على الأصح ) لأن النقصان بالفساد لا ينجبر


( قوله ولو سها عن القعود الأخير ) أراد به القعود المفروض أو ما كان آخر الصلاة ، فيشمل نحو الفجر ، أفاده في البحر .

( قوله كله أو بعضه ) كما لو جلس جلسة خفيفة أقل من قدر التشهد وإذا عاد احتسبت له الجلسة الأولى ، حتى لو كانت كلتا الجلستين بقدر التشهد ثم تكلم جازت صلاته بحر .

( قوله ما لم يقيدها ) أي الركعة التي قام إليها ، واحترز به عما إذا سجد لها بلا ركوع فإنه يعود لعدم الاعتداد بهذا السجود كما في النهر ، ومقتضاه أنه لا بد من أن يكون قد قرأ فيها . وفي الخلاصة خلافه ، ولذا استشكله في البحر بأن الركعة في النفل بلا قراءة غير صحيحة ، فكانت زيادة ما دون ركعة وهو غير مفسد . قال في النهر : إلا أن يفرق بأنه قد عهد إتمام الركعة بلا قراءة كما في المقتدي ، بخلاف الخالية عن الركوع .

( قوله وسجد للسهو ) لم يفصل بين ما إذا كان إلى القعود أقرب أو لا ، وكان ينبغي أن لا يسجد فيما إذا كان إليه أقرب كما في الأولى لما سبق . قال في الحواشي السعدية : ويمكن أن يفرق بينهما بأن القريب من القعود وإن جاز أن يعطى له حكم القاعد إلا أنه ليس بقاعد حقيقة ، فاعتبر جانب الحقيقة فيما إذا سها عن القعدة الثانية وأعطي حكم القاعد في السهو عن الأولى إظهارا للتفاوت بين الواجب والفرض نهر .

( قوله لتأخير القعود ) علل في الهداية بأنه أخر واجبا فقالوا : أراد به القطعي وهو الفرض ، يعني القعود الأخير ، وهو أولى من حمله على معناه المشهور وكون المراد به السلام أو التشهد وإلا أشكل الفرق المار كما نبه عليه في النهر .

( قوله عامدا أو ناسيا ) أشار إلى ما في البحر من أنه لا فرق في عدم البطلان عند العود قبل السجود والبطلان إن قيد بالسجود بين العمد والسهو ، ولذا قال في الخلاصة : فإن قام إلى الخامسة عامدا أيضا لا تفسد ما لم يقيد الخامسة بالسجدة عندنا ( قوله عند محمد ) ظاهره أنه راجع لكل المتن ، فيكون محمد قائلا بتحولها نفلا ، وليس كذلك لبطلان الفريضة ، وكلما بطل الفرض عنده بطل الأصل ، فتعين أن يكون راجعا لقوله برفعه ، فيكون المتن اختار قول أبي حنيفة وأبي يوسف في عدم بطلان الأصل [ ص: 86 ] وقول محمد إن السجدة لا تتم إلا بالرفع . ا هـ . ح . وعليه فضم السادسة مبني على قولهما فقط كما نص عليه في الحلية والبدائع ، معللا ببطلان التحريمة عند محمد ، والإيهام الواقع في كلام الشارح واقع في كلام المصنف أيضا فالأحسن قول الكنز : بطل فرضه برفعه وصارت نفلا ; فقوله برفعه متعلق بقوله بطل .

( قوله لأن تمام الشيء بآخره ) أي والرفع آخر السجدة ، إذ الشيء إنما ينتهي بضده ، ولذا لو سجد قبل إمامه فأدركه إمامه فيه جاز ، ولو تمت بالوضع لما جاز لأن كل ركن أداه قبل الإمام لا يجوز بحر .

( قوله فلو سبقه الحدث ) أي في مسألة المتن وهذا بيان لثمرة الخلاف في أن السجدة هل تتم بالوضع أو بالرفع ( قوله توضأ وبنى ) لأنه بالحدث بطلت السجدة فكأنه لم يسجد فيتوضأ ويبني لإتمام فرضه إمداد .

( قوله حتى قال إلخ ) وذلك لما عرض قول محمد فيها على قول أبي يوسف قال : زه صلاة فسدت يصلحها الحدث ، وهي بكسر الزاي وسكون الهاء : كلمة تقولها الأعاجم عند استحسان الشيء ، وإنما قالها أبو يوسف على سبيل التهكم والتعجب شرح المنية ، وقيل الصواب بالضم والزاي ليست بخالصة بحر عن المغرب ، وقوله فسدت : أي قاربت الفساد ، أو سماها أبو يوسف فاسدة بناء على مذهبه ( قوله والعبرة للإمام ) أي في العود قبل التقييد وفي عدمه ط .

( قوله لم تفسد صلاتهم ) لأنه لما عاد الإمام إلى القعدة ارتفض ركوعه فيرتفض ركوع القوم أيضا تبعا له لأنه مبني عليه ، فبقي لهم زيادة سجدة وذلك لا يفسد الصلاة بحر عن المحيط ، وهذا إنما يظهر لو ركع الإمام ; فلو عاد قبل الركوع وركع القوم وسجدوا فسدت لزيادتهم ركعة على ما يظهر . وفي الفتح : ولا يتابعونه إذا قام ، وإذا عاد لا يعيدون التشهد ط ( قوله ما لم يتعمدوا السجود ) قيد به لما في المجتبى : لو عاد الإمام إلى القعود قبل السجود وسجد المقتدي عمدا تفسد ، وفي السهو خلاف والأحوط الإعادة ا هـ بحر .

أقول : مقتضى التعليل المار بارتفاض ركوع القوم بارتفاض ركوع الإمام أنه لا فرق بين العمد وغيره فليتأمل .

[ تتمة ] يتفرع أيضا على قوله والعبرة للإمام ما في البحر عن الخانية : لو تشهد المقتدي وسلم قبل أن يقيد الخامسة بالسجدة ثم قيدها بها فسدت صلاتهم جميعا ( قوله ولو في العصر والفجر ) بناء على أن المراد بالسادسة ركعة زائدة ، وإلا فهي في الفجر رابعة ; وأتى بالمبالغة للرد على ما في السراج من استثناء العصر ، وما في قاضي خان من استثناء الفجر لكراهة التنفل بعدهما . واعترضهما في البحر بأنه في المسألة الآتية إذا قعد على الرابعة وقيد الخامسة بسجدة يضم سادسة ولو في الأوقات المكروهة ، ولا فرق بينهما . ا هـ .

وأورد في النهر أيضا أنه إذا لم يقعد وبطل فرضه كيف لا يضم في العصر ولا كراهة في التنفل قبله ؟ ثم أجاب بأنه يمكن حمله على ما إذا كان يقضي عصرا أو ظهرا بعد العصر .

[ تنبيه ] لم يصرح بالمغرب كما صرح بالفجر والعصر مع أنه صرح به القهستاني ، ومقتضاه أنه يضم إلى الرابعة خامسة ، لكن في الحلية : لا يضم إليها أخرى لنصهم على كراهة التنفل قبلها ، وعلى كراهته بالوتر مطلقا . ا هـ .

قلت : ومقتضاه أنه إذا سجد للرابعة يسلم فورا ولا يقعد لها لئلا يصير متنفلا قبل المغرب . وقد يجاب بما يشير [ ص: 87 ] إليه الشارح بأن الكراهة مختصة بالتنفل المقصود ، فلا ضرورة إلى قطع الصلاة بالسلام ; وأما أنه لا يضم إليها خامسة ، فظاهر لئلا يكون تنفلا بالوتر فالأوجه عدم ذكر المغرب كما فعل الشارح . ثم رأيت في الإمداد قال : وسكت عن المغرب لأنها صارت أربعا فلا يضم فيها .

( قوله إن شاء ) أشار إلى أن الضم غير واجب بل هو مندوب كما في الكافي تبعا للمبسوط ، وفي الأصل ما يفيد الوجوب ، والأول أظهر كما في البحر ( قوله لاختصاص الكراهة إلخ ) جواب عما قد يقال إن التنفل بعد العصر والفجر مكروه وفي غيرهما وإن لم يكره ، لكن يجب إتمامه بعد الشروع فيه ، فكيف قلت : ولو بعد العصر والفجر ، وقلت إنه مخير إن شاء ضم وإلا فلا ؟ والجواب أنه لم يشرع في هذا النفل قصدا ، وما ذكرته من الكراهة ووجوب الإتمام خاص بالتنفل قصدا ، لكن الضم هنا خلاف الأولى كما يأتي ما يفيده ( قوله لأن النقصان ) أي الحاصل بترك القعدة لا ينجبر بسجود السهو .

فإن قلت : إنه وإن فسد فرضا فقد صح نفلا ومن ترك القعدة في النفل ساهيا وجب عليه سجود السهو فلماذا لم يجب عليه السجود نظرا لهذا الوجه . قلت : إنه في حال ترك القعدة لم يكن نفلا ، إنما تحققت النفلية بتقييد الركعة بسجدة والضم ; فالنفلية عارضة ط

التالي السابق


الخدمات العلمية